اغتال مسلحون مجهولون العميد عادل
رجائي، قائد الفرقة التاسعة المدرعة بالجيش
المصري، أمام منزله بالقرب من القاهرة، السبت، في أبرز عملية
اغتيال لقائد عسكري مرموق منذ انقلاب تموز/ يوليو 2013.
وأعلنت جماعة تطلق على نفسها اسم "لواء الثورة" مسؤوليتها عن العملية، ووصفت رجائي بأنه "مجرم" و"أحد قادة مليشيات السيسي"، على حد وصف المجموع في بيان.
ويعد عادل رجائي أول ضابط في جيش ذي رتبة عسكرية رفيعة يتم اغتياله بهذه الطريقة منذ سنوات، حيث تم من قبل قتل ضباط وجنود في الجيش في القاهرة وعدة محافظات بشكل عشوائي، دون أن يتم استهداف أحدهم على وجه التحديد.
وبحسب مصادر عسكرية، تحدثت لـ"عربي21" وطلبت عدم الكشف عن هويتها، فإنه من المتوقع أن يتسبب اغتيال عادل رجائي في قلق بالغ لأصحاب الرتب الكبيرة بالقوات المسلحة، الذين كانوا يظنون أنهم في مأمن من المخاطر التي يتعرض لها ضباط الشرطة والقضاة.
هزة كيبرة للنظام
وأحدث اغتيال رجائي هزة كبيرة في النظام المصري نظرا لأهمية هذا الضابط، وبسبب توقيت اغتياله الذي يسبق التظاهرات المرتقبة في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر؛ بأيام.
وتجسدت أهمية اغتيال رجائي في أربعة مشاهد، أولها الاجتماع الفوري الذي عقده قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي مع رئيس الوزراء ورئيسي المخابرات الحربية والعامة، ومجموعة من الوزراء، لبحث تداعيات الاغتيال. وبعد الاجتماع كلف السيسي الجيش والداخلية بزيادة إجراءات تأمين البلاد خلال المرحلة المقبلة، وطالب جميع الأجهزة بتوخى أقصى درجات الحذر.
كما أحدث اغتياله ارتباكا كبيرا في دوائر صنع القرار، حيث تم تأجيل اجتماعات هامة كان مقررا عقدها يوم السبت في الرئاسة ومجلس الوزراء.
أما ثالث المشاهد التي أظهرت تأثير الاغتيال على النظام المصري فكان الكم الكبير من بيانات النعي والإدانة التي صدرت من كل مؤسسات الدولة وكبار الشخصيات؛ التي دعت إلى التماسك والوقوف وراء السيسي والجيش، حتى تمر البلاد من هذه "الأزمة الكبيرة".
وكان المشهد الرابع الملفت هو تشييع جثمان رجائي في جنازة عسكرية كبيرة؛ خرجت من مسجد المشير طنطاوي المخصص لجنازات كبار المسؤولين بالدولة، وحضرها وزير الدفاع صدقي صبحي، وكبار الشخصيات الرسمية.
دوره في شمال سيناء
وبحسب معلومات حصلت عليها "عربي21" من شخصيات مقربة من الضابط القتيل، فإن عادل رجائي كان يبلغ من العمر 52 عاما، وتم تعيينه قائدا للفرقة التاسعة المدرعة في عام 2013، وهي من أكبر تشكيلات المدرعات في الجيش المصري، والمسؤولة عن تأمين المنطقة المركزية التي تضم القاهرة والمحافظات المحيطة بها، في حالة حدوث أي اضطرابات، وهو الدور الذي نفذته بالفعل عدة مرات خلال الأعوام الأخيرة.
كما عمل لفترة طويلة في شمال سيناء، حيث كان له دور بارز في مواجهة المسلحين في المثلث الملتهب العريش - رفح - الشيخ زويد، والذي يشهد اشتباكات عنيفة بين الجيش وعناصر تنظيم بيت المقدس.
دوره في حصار غزة
كما كان لرجائي وفرقته المدرعة دورا محوريا في تدمير الأنفاق على الحدود بين قطاع غزة المحاصر وسيناء، وتم تكليفه في أيلول/ سبتمبر 2014، بالتعاون مع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، باستخدام مياه البحر في إغراق الأنفاق لأول مرة.
شريك في الانقلاب على مرسي
كان عادل رجائي موضع ثقة قيادات الجيش، وخاصة وزير الدفاع - آنذاك - عبد الفتاح السيسي، وظهر ذلك قبل أسابيع قليلة من الانقلاب على الرئيس محمد مرسي، حينما اختار السيسي الفرقة التاسعة المدرعة التي يقودها رجائي لاستضافة عدد كبير من الفنانيين والإعلاميين والشخصيات العامة المؤيدة للجيش والمعارضة للرئيس مرسي في أيار/ مايو 2013.
وساهمت هذه الزيارة بقوة في التمهيد للانقلاب وإظهار السيسي في مظهر القائد المحبوب من الشعب والحريص على تأمين المواطنين ضد "الإسلاميين الإرهابيين". وحينها قال السيسي جملته الشهيرة: "الجيش ده زي الأسد ومحدش يلعب مع الجيش"، الأمر الذي يعكس دور رجائي الهام في الانقلاب وتواطئه مع السيسي وقيادات الجيش، بحسب مراقبين.
-
وقبل انقلاب تموز/ يوليو 2013 بأسبوع واحد، تم تكليف رجائي من قبل السيسي بنشر آلياته في القاهرة للسيطرة على المنشآت الحيوية، وتم الإعلان رسميا أن هدف هذه التحركات هو تأمين البلاد تزامنا من أي تطورات لتظاهرات 30 حزيران/ يونيو التي مهدت للإطاحة بمرسي، لكن تبين فيما بعد أن الجيش كان يحكم قبضته على مؤسسات الدولة، ويحتاط لأي تحركات مضادة عقب الإعلان رسميا عن الانقلاب، حسبما أكدته المصادر العسكرية.
تأمين حكم السيسي
وخلال الشهور التي تلت الانقلاب، قامت الفرقة التاسعة المدرعة بالتصدي للكثير من الاحتجاجات الضخمة على عزل مرسي، وشاركت في قتل عدد كبير من المتظاهرين، خاصة في أحداث 6 تشرين الأول/ أكتوبر بالدقي، وفض رابعة يوم 14 آب/ أغسطس، وأحداث رمسيس الأولى يوم 16 آب/ أغسطس، بحسب شهود عيان ومصابين تعرضوا لإطلاق نار من مدرعات الجيش في هذه الأحداث.
وأكدت المصادر العسكرية لـ"عربي21"؛ أن عادل رجائي وفرقته المدرعة كانت مكلفة بتنفيذ الجزء الأهم والأكبر من خطة السيسي التي هدد بها الشهر الماضي، حينما قال إن الجيش قادر على الانتشار في مصر كلها في 6 ساعات إذا قامت ثورة ضد حكمه.
كما تولى كذلك تأمين السفارات الأجنبية والمنشآت الحيوية في البلاد منذ حزيران/ يونيو 2013 وحتى الآن، وكان آخر مهامه تأمين القاهرة يوم 9 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، تزامنا مع تحذرات سفارات غربية من أعمال عنف تشهدها مصر في ذلك اليوم.