اشتكى العديد من موظفي وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين
الفلسطينيين "أونروا"، من سياسات إدارة الوكالة التي تنتهجها بحقهم، والتلويح بفصلهم، إذا ثبت ضلوعهم في أي نشاط سياسي أو نقابي، بما في ذلك على مواقع التواصل الاجتماعي، بحسب ما ذكره موظفون بالوكالة التقتهم "عربي21".
فقد أكد أحد مدرسي الرياضيات في مدارس وكالة الغوث في منطقة شرق خانيونس؛ عن تلقيه إنذارا تحذيريا بفصله من وظيفته؛ إذا استمر في كتابة منشورات تحرض على مقاومة الاحتلال ودعم المقاومة على موقع فيسبوك.
فصل تعسفي
وذكر المدرّس الذي طلب عدم الكشف عن هويته؛ أن زملاء له في المدرسة تم فصلهم بعد أن ثبتت مشاركتهم في مسيرة لدعم المقاومة نظمتها حركة حماس قبل أسبوعين في المدينة، ومن ضمن المفصولين الأستاذ صالح حمدان الذي عبّر عن آسفه من قرارا فصله التعسفي، موضحا أن "مشاركته كانت رسالة وطنية ولا تحمل أي أهداف أو أجندات أخرى".
وأضاف حمدان لـ"عربي21": "لا يجب السكوت على ما جرى لي، لأنه اذا استمر هذا الصمت فستقطع الوكالة أرزاق الكثير من الزملاء على خلفية توجههم السياسي".
سياسة قديمة جديدة
ولم تكن هذه التحذيرات هي الأولى التي تطلقها الوكالة لموظفيها في هذا العام، فقد رصد مركز الميزان لحقوق الإنسان، ومقره مدينة
غزة، في تقريره الأخير الصادر في نيسان/ أبريل الماضي، عن تسجيل287 حالة انتهاك وظيفي قامت بها إدارة الوكالة في السنوات الثلاث الماضية في الأراضي الفلسطينية، ومن ضمنها التلويح بفصل الموظف على خلفية آرائه السياسية، والفصل الفعلي، وتخفيض درجة الوصف الوظيفي، وهذا مخالف لقوانين العمل التي تنظمها المواثيق والأعراف الدولية، بحسب التقرير.
وبحسب مؤشرات التقرير، فقد تبنت الوكالة هذه السياسة منذ عملها في الأراضي الفلسطينية قبل نحو 60 عاما، وأخذت هذه الإجراءات منحى تصعيديا بعد تولي حركة حماس مسؤولية إدارة القطاع في العام 2007.
ولم يسلم حتى رئيس اتحاد الموظفين العرب في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، سهيل الهندي، من محاولات التهديد بالفصل والملاحقة، بزعم حضوره عدة فعاليات وطنية تنظمها الفصائل الفلسطينية. فقد أُبلغ في العام 2015 بقرار وقفه عن العمل لمدة ثلاثة أشهر بدون راتب، مع إنذار نهائي إذا واصل نشاطاته النقابية.
وحاولت "عربي21" التواصل مع الهندي ولكنه اعتذر عن إجراء المقابلة، احتراما لقوانين عمل الوكالة؛ التي ترفض الحديث أمام وسائل الإعلام إلا بعد أخذ موافقة مسبقة.
ولكن محامي مركز الميزان لحقوق الإنسان، سامر موسى، قال إنه "من المعيب ونحن في هذا القرن أن تقبل الوكالة على نفسها قواعد قانونية تقيد حرية موظفيها، خاصة وأنها منظمة دولية قائمة على منطق احترام حقوق الانسان"، وفق تعبيره.
ابتزاز وظيفي
وأضاف لـ"عربي21": "إدارة الوكالة تجبر الموظف على التوقيع على عقد وظيفي قبل أن يمارس عمله؛ يمنعه من التعبير عن آرائه السياسية إذا أراد الاستمرار في وظيفته"، وهو الأمر الذي تسبب في خسارة الكثير من الموظفين المفصولين لمعركتهم القانونية تجاه الوكالة، وهذا ما يطلق عليه في حقوق العمل "ابتزاز وظيفي"، وفق محامي مركز الميزان.
ويعمل في وكالة الغوث قرابة 32 ألف موظف، مقسمين على خمس مناطق إدارية تعمل فيها الوكالة في الشرق الأوسط منذ العام 1948، وهي الضفة الغربية، وقطاع غزة، ولبنان، والأردن، سوريا، بحسب البيانات المنشورة لاتحاد الموظفين العرب في وكالة الغوث.
أما عن البرامج التي تقدمها الوكالة فتشمل برامج التعليم والرعاية الصحية والإغاثة والبنى التحتية وتطوير المخيمات، والقروض الصغيرة، بإجمالي موازنة وصلت للعام الماضي إلى 1.92 مليار دولار.
من جانبه، اعتبر مسؤول بوكالة غوث وتشغيل اللاجئين، رفض الكشف عن اسمه، أنه "لا يعقل أن تحوي الأونروا موظفين يعملون في الأجنحة العسكرية للفصائل، خاصة وأنها تعتمد على تبرعات غالبيتها مقدمة من أمريكا والدول الأوروبية وتلك الدول لها سياساتها واشتراطاتها"، بحسب قوله لـ"عربي21".