قارنت صحف غربية بين المحاولة الفاشلة للانقلاب العسكري على الرئيس التركي رجب طيب
أردوغان، مساء الجمعة الماضية، وبين نجاح الجيش
المصري في الإطاحة بالرئيس المنتخب محمد
مرسي.
وقتل أكثر من 100 شخص، وأصيب مئات آخرون مساء الجمعة، بعد محاولة انقلاب فاشلة قامت بها عناصر من الجيش التركي، أجهضتها الحشود التي لبت دعوة الرئيس رجب طيب أردوغان للتظاهر في الشوارع رفضا للانقلاب، فيما ألقي القبض على 1563 عسكريا في
تركيا، وأحيل قرابة 3 آلاف قاض إلى التقاعد.
أسباب الفشل
وتحت عنوان "أردوغان يتجنب مصير مرسي"، عددت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية الأسباب التي أدت إلى فشل الانقلاب في تركيا، على خلاف ما جرى في مصر عام 2013.
وقالت الصحيفة في تقرير لها، يوم السبت، إن الجيش المصري عندما نفذ انقلابه ضد الرئيس محمد مرسي، كان مدعوما من حشود ضخمة في الشوارع، وألقى قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي بيانه الأول، ومن حوله رموز المعارضة الليبرالية ورجال الدين، لذلك كانت الإطاحة بالرئيس الإسلامي المنتخب سريعة وقاسية.
أما في الحالة التركية، فكان رد الفعل مختلفا، فقد تحدى المواطنون حظر التجول الذي فرضه الجيش، وتظاهر الآلاف في الشوارع ضد الانقلاب، بما في ذلك أنصار المعارضة والأكراد، حيث أدانت كل الأحزاب التركية العلمانية المعارضة الانقلاب، وطالبت باستمرار الحكومة الديمقراطية.
وتابعت "وول ستريت جورنال": لعبت وسائل التواصل الاجتماعي دورا هاما في إسقاط الانقلاب، فدعمت أردوغان، وحذرت من مغبة الموافقة على الاستبداد العسكري بديلا عنه.
كما دأب أردوغان على تذكير شعبه مرارا وتكرارا بالأوضاع البائسة التي وصلت إليها مصر تحت حكم قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، وكثيرا ما حذرهم من خطورة عودة تركيا إلى عصور الانقلابات العسكرية مجددا، وظهر تأثير ذلك واضحا حينما رفع المتظاهرون في شوارع إسطنبول شعار رابعة، رمز المقاومة ضد السيسي، الذي أصبح مألوف لمعظم الأتراك.
وأضافت الصحيفة أن أردوغان حقق لشعبه إنجازات اقتصادية هائلة، وشهد عهده ازدهارا في كل المجالات، الأمر الذي رفع من شعبيته وشعبية حزبه كثيرا، فضمن له الأغلبية البرلمانية طوال أربعة عشر عاما، بخلاف مرسي الذي شهد عام حكمه العديد من الأزمات الاقتصادية، الأمر الذي أدى لزيادة السخط الشعبي عليه.
وأشارت إلى أن أردوغان حرص منذ توليه السلطة على الحد من صلاحيات الجيش؛ حتى لا ينقلب عليه، في حين أن الوقت لم يمهل مرسي الفرصة لفعل الأمر ذاته.
كذلك فقد بدا مدبرو الانقلاب في تركيا غير أكفاء بشكل مدهش، ففشلوا في السيطرة على مفاصل الدولة، ولم يتمكنوا من إغلاق محطة التلفزيون الرسمية، وسمحوا لأردوغان وقادة حزبه في التواصل مع الشعب عبر الإنترنت لمواجهة الانقلاب، كما افتقروا إلى أي تفسير مقنع لتبرير انقلابهم ضد أردوغان، حتى إنهم أجبروا مذيعة التلفزيون الرسمي على قراءة بيانهم الأول بدلا من الظهور أمام الشعب بوجوههم.
انقلاب على طريقة السبعينيات
من جهتها، قالت صحيفة "الجارديان" البريطانية إن ضعف كفاء قادة الانقلاب في تركيا أفشل تحركهم، بعدما نفذوا الانقلاب على طريقة سبعينيات القرن العشرين.
وأضافت الصحيفة أن قادة الانقلاب ارتكبوا سلسلة من الأخطاء، بدأوها حينما اعتقدوا أن السيطرة على مقر التلفزيون الحكومي وإذاعة البيان الأول كافيتين لإنجاح الانقلاب، ونسوا أن هناك 15 قناة أخري تبث الأخبار دون رقابة.
وأوضحت "الجارديان"، في تقرير لها، أمس السبت، أن وسائل الأعلام الأخرى التي لم يسيطر عليها الانقلابيون ساعدت أردوغان على البقاء في منصبه، حينما تواصل مع الشعب عن طريقها، ودعاه إلى التظاهر في الشوارع لمواجهة الانقلاب، كما كان لوسائل التواصل الاجتماعي دور كبير في إفشال الانقلاب وحشد الجماهير للتظاهر ضده".
وتابعت بأن قادة الانقلاب أخطأوا أيضا عندما سمحوا لأردوغان بالهرب من المكان الذي كان متواجدا فيه، وقصفوه فقط عندما غادره عائدا إلى إسطنبول، وترتب على ذلك تمكن الرئيس التركي من بث الرسائل لمؤيديه".
ثلاثة أسباب
من جانبه، قال "أمير تيبون" المحلل بموقع "والا" العبري، إن ثلاثة أسباب رئيسية أدت إلى فشل محاولة الانقلاب الذي شهدته تركيا، والحيلولة دون وصول الأمور إلى السيناريو المصري.
وعزل الجيش المصري الرئيس محمد مرسي يوم 3 يوليو 2013، عقب احتجاجات حاشدة على حكمه يوم 30 يونيو؛ احتجاجا على سوء الأوضاع في البلاد، وبعدها بشهور تم انتخاب عبد الفتاح السيسي، قائد الجيش إبان حكم مرسي، رئيسا للبلاد في انتخابات كانت محسومة مسبقا، بحسب مراقبين.
وأوضح "تيبون" عبر حسابه على "تويتر" قائلا: "كان الجيش المصري موحدا تحت قيادة وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي، وكانت هناك تظاهرات شعبية ضخمة مهدت الطريق لعزل الرئيس محمد مرسي، لكن هذه الأشياء لم تشهدها تركيا ليلة السبت".
وأضاف: "يبدو أن الانقلاب في تركيا فشل؛ لأنه لم تتم تعبئة الجيش جيدا للأمر، بل قام بالانقلاب مجموعة صغيرة في داخله، وهو ما يختلف كليا عما قام به السيسي في 3 يوليو 2013".