بدأت دائرة الأحوال المدنية والجوازات في الأردن، بالاستعاضة عن البطاقات الشخصية للمواطنين بأخرى "ذكية" تخلو من خانة الديانة، الأمر الذي أثار جدلا على الساحة الأردنية حول الهدف من شطب الديانة في بلد لا يعاني من أزمة طائفية.
وقدم العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني دعما معنويا لمشروع البطاقة الجديدة؛ عندما ذهب شخصيا إلى دائرة الأحوال المدنية، وأصدر أولى هذه البطاقات التي تحتوي على شريحة إلكترونية تضم معلومات تستخدم لأغراض أمنية وشخصية، كما أعلنت دائرة الأحوال المدنية.
وأثار إلغاء اسم الديانة من الهوية نقاشا مجتمعيا عبر شبكات التواصل الإجتماعي، واستهجن أردنيون قرار إزالة الديانة من
البطاقة الشخصية في بلد نص دستوره في مادته الأولى على أن "دين الدولة هو الإسلام".
استهداف للدين الإسلامي
واعتبر النائب السابق زكريا الشيخ، إزالة خانة الديانة "استهدافا للإسلام، وعملية لسلخ هوية الدولة الأردنية والهوية الإسلامية".
وقال لـ"
عربي21": "أنا ضد هذا الإجراء، وأعتبره تطاولا على هوية الدولة القائمة والمستمدة شرعيتها من الشرعية الدينية والإسلامية، كما أن القيادة الأردنية استمدت شرعيتها من الشرعية الدينية، فأي تطاول على هذه الشرعية هو تطاول على شرعية القيادة الإسلامية".
وأضاف الشيخ أن إصدار البطاقة الجديدة "يأتي كجولة من جولات التيار الإلحادي الذي ينشط حاليا، ويسعى لأن تكون المناهج التعليمية في الأردن بلا قرآن، وهويته بلا أديان، ومحاولة لتحويل بوصلة الحرب الحقيقية التي يجب أن تكون ضد تنظيم داعش، وتوجيه السهام نحو جوهر الإسلام، ومظاهر التدين والدين".
فوبيا الإسلام تطال المؤسسات الحكومية
وفي رده على الجدل حول إزالة خانة الديانة، قال مدير دائرة الجوازات الأردنية، مروان قطيشات، إن "الدين ليس بكلمة تكتب، أو حتى لحية.. بل إنني كلما أشاهد شخصا بلحية؛ أدقق في معاملته بشكل أكبر".
واستدرك قائلا لـ"
عربي21": "الديانة موجودة في الشريحة الإلكترونية، ولكنها غير مرئية في البطاقة".
وأوضح أن "المعاملات الشرعية والإرثية والزواج؛ تقدم عن طريق دفتر العائلة الذي يحتوي على الديانة"، مشيرا إلى أن "المملكة اطلعت على البطاقات الشخصية في المناطق العربية المجاورة، كالسعودية وغيرها، ووجدت أنها لا تحتوي على الديانة"، نافيا في الوقت نفسه أن تكون هنالك إزالة لاسم العشيرة من البطاقة.
وتحتوي البطاقة -بحسب دائرة الأحوال المدنية- على 16 علامة أمنية، تجعلها غير قابلة للتزوير، مضافا إليها بصمات أصابع اليد، وتقنية التوقيع الإلكتروني، ويؤكد قطيشات أن البطاقة "تراعي روح العصر، وتعتمد على صفات فنية بيولوجية، كبصمات اليدين، وقزحية العين".
إقرأ ايضا: سلفيو الأردن يواجهون الـ"سلفي فوبيا" بسبب تنظيم الدولة
طوائف ترحب بإلغاء خانة الديانة
ولاقى إلغاء اسم الديانة من البطاقة، ترحيبا كبيرا من قبل طوائف دينية اعتبرت القرار "خطوة أولى نحو إزالة التمييز بحقهم".
وقالت الناطقة باسم طائفة البهائيين في الأردن، تهاني روحي، لـ"
عربي21" إن "حذف اسم الديانة من البطاقة الشخصية؛ أزال التمييز النفسي الذي يتعرض له أبناء الطائفة
البهائية في المؤسسات الرسمية والمعاملات الشخصية، حيث كانت توضع نقاط مكان خانة الديانة في البطاقة القديمة، ما شكل تمييزا".
ولا تعترف الحكومة الأردنية رسميا بالبهائية كدين، ولا توجد أرقام محددة حول أعداد البهائيين في الأردن، ولكن باحثين يقدرونها بحوالي الألف شخص، أغلبهم من أصول إيرانية، هاجروا إلى بلاد الشام في القرن التاسع عشر، ويتواجدون بأعداد أكبر في العراق ومصر وسوريا.
إقرأ ايضا: بهائيو ودروز الأردن غاضبون لعدم إدراجهم ضمن الطوائف
الدستور الأردني
قانونيا؛ اعتبرت المحامية تغريد الدغمي قرار إزالة خانة الديانة من البطاقة الشخصية "منسجما مع الدستور الأردني، الذي نص على أن الأردنيين أمام القانون سواء".
وقالت الدغمي التي أعدت دراسة حول واقع الأقليات الدينية في الأردن: "نتحدث بأننا دولة مواطنة، ودولة قانون، فالأصل التعامل بين المواطنين دون تمييز، إذ تنص المادة السادسة من الدستور على أن الأردنيين سواء أمام القانون، لا تمييز بينهم على أساس اللغة أو الدين أو العرق".
وأضافت لـ"
عربي21" أن إزالة خانة الديانة "يزيل التمييز بحق بعض الطوائف"، مشيرة إلى وجود أديان أخرى في الأردن، كالمسيحية والبهائية.
وتابعت: "قد يتعرض أشخاص كالبهائيين للتمييز في العمل والحياة الاجتماعية، ولا يتعلق الموضوع بالبهائيين وحدهم، فكل من يبدل دينه يتعرض لمثل هذا التمييز".
وتبين أرقام رسمية تقدمت بها الحكومة الأردنية في تقريرها الدوري الثالث، المقدم للجنة المعنية بحقوق الإنسان، أن عدد الأشخاص المنتمين لديانات غير الإسلام في الأردن يتراوح بين 3 و4 بالمئة، ويشكل المسيحيون النسبة الأكبر (2.3 بالمئة)، بواقع حوالي 150 ألف شخص.