دعا زعيم حركة
النهضة راشد الغنّوشي
التونسيين إلى التوقّف عن استهلاك الغلال والفواكه المستوردة قصد إنقاذ الدينار التونسي من التراجع، مشيرا إلى ضرورة "أن يفتخر هؤلاء بقوة النهضة ولا يُنظر إليها على أنها تمثّل خطرا على تونس بل قوّة للبلاد وشعبه"، وفق تعبيره.
وقال الغنّوشي في مقابلة أجراها معه الإعلامي محمد الفوراتي وبثتها قناة "الزيتونة" الخاصة، مساء الأربعاء، إنه "يجب أن يستشعر المواطن الذي يأكل حبّة موز أو يقضم حبّة تفاح أحمر مستورد، أنه يقضم، بتصرفه هذا، الدينار التونسي".
وأضاف أن المطلوب من التونسيين اليوم شدّ أزر عملتهم من خلال التخلي عن استهلاك البضاعة المستوردة بالعملة الصعبة. وقال: "أستغرب اليوم كثيرا حين أجد التفاح الأحمر يملأ الأسواق وهو ليس منتوجا تونسيا، رغم وجود إنتاج محلّي من الغلال بجودة عالية".
أهم القوى السياسية
واعتبر الغنّوشي أن من يعطّل إنتاج الفوسفاط والبترول وحركة سير السكك الحديدية هو في الحقيقة يعيق العملة الوطنية، مشبّها جميع من يساهمون في تراجع الدينار بالمريض المصاب بداء السكري "حين يتلذّذ بقطعة سكر لكنّه في الحقيقة بصدد الانتحار"، على حدّ وصفه.
واعتبر الغنّوشي أن "المؤتمر العام العاشر للحركة حقّق نجاحا باهرا وهذا مكسب لجميع التونسيين، مؤكّدا أن "النهضة" اليوم من أهم القوى السياسية في البلاد، "ويجب ألّا ينظر إلى هذا النجاح على أنه يمثل خطرا على تونس بل قوة لها ولشعبها"، وفق تعبيره.
وقال "الديمقراطية تقوم على الأحزاب ونحن نستبشر حين تحقق الأحزاب الأخرى كالجبهة والنداء وغيرها مؤتمرات ناجحة".
ارتخاء أجهزة الدولة
وتحدّث الغنّوشي عن مبادرة الرئيس الباجي قايد السبسي الأخيرة بتشكيل حكومة وحدة وطنية قائلا: "نحن فهمنا مبادرة الرئيس لتجديد الحكومة بهدف بعث نفس جديد لعمل الحكومة، وفي اعتقادي فإن تشخيصه ايجابي لأن أداء الحكومة الحالية على المستوى الاقتصادي ضعيف وهذا لا يعني أننا نُحمل رئيس الحكومة
الحبيب الصيد المسؤولية فالرجل وطني وجاد ويده نظيفة".
وتابع بقوله: "لكن للأسف الحكومة الحالية لم تنجح في بعث نفس جديد ولا في إعطاء أمل للشباب بما يدل على أن هناك نقطة ضوء في نهاية النفق".
وعبّر رئيس "النهضة" عن خشية حزبه من إطالة فترة المشاورات بخصوص تشكيل حكومة وحدة وطنية "وهو ما سيتسبب في ارتخاء أجهزة الدولة ويكون ذلك على حساب التنمية ومستوى العملة الوطنية وقوت المواطن"، وفق تعبيره.
التمثيل البرلماني
وأشار الغنّوشي إلى أن "الوضع الطبيعي والضروري في تشكيل الحكومة الجديدة هو التمثيل الحقيقي للأحزاب بالبرلمان، فالحكومة يجب أن تكون ممثلة بالوضع الشعبي الحقيقي، وإلا فلماذا أجرينا الانتخابات؟"، مستدركا بقوله إنه "رغم ذلك فنحن مستمرون على التوافق والمشاركة وليس لدينا فيتو أو نقصد بمسألة التمثيل البرلماني في تشكيل الحكومة المعنى الرياضي الدقيق".
وأضاف: "نحن نرى ضرورة تشكيل حكومة سياسية حتّى يكون كل وزير مسنودا بحزبه فيشتغل براحة، أمّا التكنوقراط فلا يمكن أن يحل محلّ السياسي وإنّما يكون في خدمته وينفذ سياساته".
وتطرّق الغنّوشي إلى مسألة فصل الجانب الدعوي عن السياسي الذي أقرّه المؤتمر العاشر للحركة، قائلا إنّ هذه القضية طرحت من قبل في "النهضة" وظل الموضوع للنقاش على مدى السنوات الماضية.
وقال إن "عقل النهضوي واحد والإنسان السوي له شخصية واحدة مسالكها تعبر عن قناعاتها، لذلك لا نتصور أنه بهذا الفصل سيصبح لنا قناعات دينية ومسالك لا دينية (...) والمسلم شخصية سوية وله مركز تحكّم وهو عقيدته التي تعبر عن نفسه في مسالكها، والوضع الطبيعي أن يعبر سلوك المسلم عن عقيدته".
حزب خدماتي
وتابع بقوله: "نتحدث عن فصل وظيفي والتطور الحاصل في النهضة منذ السبعينيات إلى اليوم هو تطور من قضية الهوية إلى مسألة الديمقراطية إلى ملف قوت المواطن اليومي (...) نحن اليوم حزب خدماتي، يخدم الناس وهو غير مفصول عن الإسلام كما جاء في الدستور".
ورجع الغنّوشي على ما أثير في وسائل الإعلام بخصوص الخلافات التي شهدتها الحركة قبل المؤتمر وإثناءه بقوله: "لسنا فريقا من الملائكة بل نحن بشر نختلف ونتصالح ونتحاور ولدينا خلافات نحلّها بالحوار والتصويت، وليس بالهراوات على قول القيادي سمير ديلو"، في إشارة إلى الأحداث العنيفة التي شهدها أحد اجتماعات حزب "
نداء تونس" في تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الماضي.
وتحدث زعيم "النهضة" عن حكومة الوفاق الوطني الليبية بقيادة فايز السراج، قائلا إنّها تقطع اليوم خطوات صحيحة لوضع سيطرتها على كامل التراب الليبي وتثبيت الشرعية الوطنية التي جاءت بالحكومة.
واعتبر أن ما يحدث في سرت، وخاصة ميناء المنطقة، إنجاز كبير "فالحكومة تمكّنت من طرد الإرهابيين والقضاء على عدد منهم وبدأت بوضع حدّ لانتشار الفتنة والتمرد والإرهاب بهذا القطر وهو ما يبعث الأمل بأن هذا البلد سيتعافى"، بحسب تعبيره.