نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا لمراسلها للشؤون الدينية هارييت شيروود، حول شهر
رمضان في
بريطانيا، تقول فيه إن المسلمين في النصف الشمالي من الكرة الأرضية يواجهون أصعب رمضان منذ 30 عاما؛ بسبب طول ساعات
الصيام، والوقت القصير الذي يسمح فيه بالأكل والشرب.
ويشير التقرير إلى أن شهر رمضان، الذي بدأ يوم الاثنين، يمتد حول نقطة الانقلاب الصيفي، وهو ما يعني ان الفجر يبدأ مبكرا، وتغيب الشمس في وقت متأخر، لافتا إلى أن السنة القمرية تنقص عن السنة الشمسية ما بين 10 إلى 11 يوما كل عام شمسي، ما يجعل دورة الأشهر القمرية تمتد 33 عاما.
ويذكر شيروود أن الانقلاب الصيفي يقع هذا العام يوم 20 حزيران/ يونيو، حيث يصل طول النهار في ذلك اليوم في لندن 18 ساعة و40 دقيقة، ويزداد هذا الوقت كلما اتجهت شمالا، مشيرا إلى أنه عندما يأتي رمضان في الشتاء يكون الصيام قصيرا جدا، وقد يصل إلى 8 ساعات فقط، بالمقارنة مع 20 ساعة في بعض المناطق في هذا الصيف.
وتنقل الصحيفة عن الأمين العام المساعد للمجلس الإسلامي البريطاني إبراهيم مغرا، قوله: "جربنا هذا العام الماضي نوعا ما، لكن التحدي أكبر هذا العام، ومع ذلك فإن هذا كله جزء من التجربة الإسلامية، ومعظم المسلمين يستطيعون تحمل ذلك، لكن قد يضطر عدد أكبر إلى الاستفادة من التسهيلات الموجودة لكبار السن، وللذين لا يتحملون الصيام، ولأولئك المضطرين لتناول الأدوية"، لافتة إلى أن الحوامل والحائضات والأطفال الذين لم يصلوا سن البلوغ يعفون من الصيام.
ويلفت التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن المسلمين في أسكتلندا، وتحديدا في شمالها وجزرها الشمالية، يواجهون أطول ساعات الصيام في المملكة المتحدة، حيث يقول الدكتور وحيد خان، الذي يعمل طبيبا في المستشفى، وعضوا في لجنة أمناء مسجد إنفيرنيس "في منطقة هايلاندز في أسكتلندا"، وهو أبعد المساجد شمالا في المملكة المتحدة: "في هايلاندز يبقى ضوء الشفق ولا تظلم تماما (بين غياب الشمس وشروقها)، لكن علينا القيام بواجباتنا اليومية ،ويمكن أن تكون هناك صعوبات"، ويستدرك قائلا: "لكن لدى المسلمين دوافع للصيام، وقد يكون التفكير به صعبا، لكن القيام به ممكن".
ويفيد الكاتب بأن عدة مئات من المسلمين يعيشون في إنفيرنيس، ويرتفع الرقم وينخفض بحسب بعض العقود القصيرة مع وزارة الصحة والصناعات الأخرى، لافتا إلى أن عددا أقل من المسلمين يعيشون إلى شمال إنفيرنيس في منطقة "شتلاندز"، ويقول الدكتور خان عنهم: "من الصعب عمل إمساكية لهم (لطول النهار وقصر الليل)".
وتنوه الصحيفة إلى أن العديد من الشركات الموظفة تقوم بتقديم التسهيلات لموظفيها، من تقديم أوقات المناوبات خلال النهار، والسماح بأوقات للصلاة، ويقول مغرا: "يقوم كثير من المسلمين بتوفير إجازاتهم؛ ليتجنبوا العمل على الأقل في بعض أيام رمضان، واليوم لدى الناس خيارات أفضل، مثل الأغذية التي تأخذ وقتا طويلا في الهضم، والتي تجعلهم في وضع أفضل".
ويورد التقرير نقلا عن سلطة الخدمات الصحية الوطنية، التي تعد الموظف الأكبر للمسلمين في المملكة المتحدة، قولها إن إدارة كل منطقة مسؤولة عن تحديد سياستها، بما يتماشى مع قانون المساواة، وقال متحدث باسم السلطة بأنها توفر تعديلات على مدى واسع لملاءمة الموظفين المسلمين، بما في ذلك تعديل أوقات المناوبات، وغير ذلك من تعديلات على يوم العمل.
ويقول شيروود إن رمضان هذا العام يصادف فترة
امتحانات المدارس، الأمر الذي دفع مديري المدارس للمطالبة بإعفاء
الطلاب المسلمين من الصيام، حيث جاء في بيان اتحاد مديري المدارس والكليات: "لا شك بأن وقوع رمضان خلال فترة الامتحانات سيضع ضغطا على الشباب المسلمين، مهما كان قرارهم، خاصة مع طول ساعات الصيام خلال السنوات القادمة".
وأضاف البيان: "على الشباب المسلمين وعائلاتهم، وبالذات أولئلك الذين لديهم امتحانات هذا الصيف، الموازنة بين التزاماتهم الدينية، ودراستهم وأهمية الامتحانات لمستقبلهم، مع الإشارة إلى أن طلب العلم هو واجب أخلاقي وديني للمسلمين ذكورا وإناثا".
وبحسب الصحيفة، فإن المجلس المسؤول عن تنظيم الامتحانات رفض تغيير جدول الامتحانات لاستيعاب شهر رمضان، مشيرة إلى أنه يتوقع أن يتجاوز المسلمون الرقم القياسي الذي حققوه العام الماضي في التبرعات والزكاة، التي هي أحد أركان الإسلام الخمسة، الذي وصل إلى 100 مليون جنيه إسترليني.
وينقل التقرير عن عثمان مقبل، رئيس جمعية "هيومان أبيل" الخيرية، وهي إحدى أسرع المؤسسات الخيرية نموا على مدى السنوات الماضية، حيث ارتفع دخلها من خمسة ملايين جنيه إسترليني إلى 30 مليون جنيه إسترليني خلال الخمس سنوات الماضية، قوله: "نعتقد بصفتنا مسلمين أن أجر الصدقات في رمضان يتضاعف".
ويكشف الكاتب عن أن نصف تبرعات "غيفت إيد"، التي يدفعها الموظفون، وتدفع الحكومة الضريبة عليها للمؤسسة الخيرية، تصل إلى مؤسسة "هيومان أبيل" خلال شهر رمضان، لافتا إلى أنه بالإضافة إلى برامجها التي تشمل 25 بلدا، فإن المؤسسة تشارك في بنوك الطعام ودور إيواء المشردين ومشاريع ضحايا العنف الأسري والأمراض العقلية في المملكة المتحدة.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى قول مقبل: "يبدأ عمل الخير في البيت، حيث إن المجتمع الذي يقدم لنا بكل سخاء يستحق منا شيئا مقابل ذلك".