يتم دفع 30 ألفا إلى 45 ألف دولار مقابل كل سنة إضافية في بريطانيا- أرشيفية
ناقش موقع "بي بي سي فيوتشر" البريطاني، التابع لهيئة الإذاعة البريطانية، في تقرير، الأربعاء، المحاولات التي تجريها بعض الهيئات الصحية لتقييم ثمن الحياة.
ونقل الموقع عن الطبيب دومينيك ويلكينسون، طبيب بالعناية المركزة ومتخصص في أخلاقيات المهنة، بمركز يوهيرو للأخلاقيات التطبيقية التابع لجامعة أكسفورد، مقالا حول افتراضات إطالة الحياة مقابل المال، داعيا فيه "للتفكير في حجم الأموال التي لا نمانع في إنفاقها مقابل البقاء على قيد الحياة لفترة أطول".
وأشار الموقع إلى أنه في الوقت الحالي، تُقيّم العقاقير التي تصرف في حالات الأمراض العضال وفقا لأمرين، أولا إلى أي مدى سُتسهم في إطالة عمر المريض، وثانيا جودة حياة المريض، بالاستعانة بمقياس يُعرف باسم مقياس جودة سنوات الحياة المعدلة (التي تقيس مردود التدخل الصحي)، ووفقا لذلك، تقيّم هيئة الخدمة الصحية حينئذ هل يستحق الدواء التكلفة التي ستدفعها في المقابل أم لا، بحسب الموقع.
وتوصي الأدلة المعمول بها في بريطانيا، على سبيل المثال، بمبالغ تتراوح بين نحو 20 ألف جنيه إسترليني و30 ألف جنيه إسترليني، أو ما يعادل (30 ألف دولار إلى 45 ألف دولار) مقابل كل سنة إضافية يتمتع فيها المريض بصحة جيدة، بمجرد أن تعدل هذه السنة بالفعل، مع الأخذ في الاعتبار نوعية الحياة.
وبحسب المقياس، فإن الدواء الذي يحرز 0.5 على مقياس جودة سنوات الحياة المعدلة لن يستحق إلا 10 آلاف إلى 15 ألف جنيه إسترليني أو ما يعادل 15 ألفا إلى 22 ألفا و500 دولار.
باهظة الثمن للغاية
وأوضح موقع "بي بي سي فيوتشر" أن هيئة الخدمات الصحية الوطنية بالمملكة المتحدة رفضت بعض العقاقير لأنها ببساطة باهظة الثمن للغاية. فعلى سبيل المثال، يطيل عقار "كادسيلا" المستخدم في علاج مرض سرطان الثدي، عمر المريض نحو ستة أشهر مقابل 95 ألف جنيه إسترليني.
ويرى معارضو العلاج أن شركات الأدوية يجب أن تخفض تكاليف وسائل العلاج من هذا النوع، وأن هيئات الرعاية الصحية يجب أن تستثمر المزيد من الأموال في العقاقير لكي تشتري بعض الوقت الثمين للمرضى الميؤوس من شفائهم.
وبالنظر إلى هذه الحجج، بدأت المملكة المتحدة تدرس مؤخرا زيادة الحدّ الأدنى المخصص للأمراض التي لا أمل في الشفاء منها، ليصل إلى 80 ألف جنيه إسترليني أو ما يعادل الـ120 ألف دولار، لكل "سنة معدلة الجودة أضيفت إلى عمر المريض".
ونقل الموقع عن الطبيب ويلكنسون، قوله إن هذا الموقف "مفهوم تمامًا، وفي الغالب يقدم الأطباء، جنبا إلى جنب مع المرضى نفسهم الحجج والأسباب المؤيدة لقضيتهم"، مضيفا أنه "باعتبارنا أطباء نعتني بالمرضى، تدفعنا أخلاقيات المهنة للدفاع عن حقوق المرضى، وهذا يحتم علي أن أقول حينئذ إنني أعلم أن هذه العقاقير باهظة ولكن واجبي الأول يملي عليّ مساعدة المريض الذي أرعاه".
اهتمامات مختلفة
وعلى الرغم من أنك قد تظن أن معظم الناس مستعدون لدفع مبالغ لا حصر لها مقابل شراء بضع سنوات إضافية، فقد كشف بحث أجري مؤخرا عن أننا لا نولي كلنا، على حد سواء، نفس القدر من الاهتمام لمدى طول عمر الإنسان.
وأشار ويلكنسون إلى دراسة مفصلة أُجريت في المملكة المتحدة على أربعة آلاف شخص، بينت المجالات المختلفة التي يمكن أن تنفق فيها هيئة الخدمات الصحية مواردها المحدودة، وطلبت من المشاركين أن يرتبوا أولوياتهم.
وقال خبير أخلاقيات المهنة ويلكنسون: "أوضح المشاركون صراحة أنهم غير راضين عن تخصيص مبالغ للمرضى الميؤوس من شفائهم، أكبر من تلك المخصصة للأشخاص الذين ربما يستفيدون منها في مراحل أخرى من حياتهم".
وجاءت النتائج الأكثر إثارة للدهشة من دراسة أجريت في سنغافورة، حيث طرحت أسئلة على مسنّين، يتمتعون بصحة جيدة، إلى جانب مرضى يعانون من مرض السرطان في مراحل متقدمة منه يصعب معها العلاج.
وأوضح ويلكنسون أن "اللافت للنظر في هذه الدراسة أنهم كانوا مستعدين أن ينفقوا على الرعاية الصحية الخاصة بتسكين الآلام، حتى يتلقوا العلاج في منازلهم، أكثر بكثير مما ينفقونه مقابل الحصول على العقاقير التي قد تطيل الحياة".
ففي المتوسط، لا يمانع المشاركون في دفع 5 آلاف جنيه إسترليني، ما يعادل 7 آلاف و500 دولار، في مقابل الحصول على العلاج الذي يطيل الحياة لمدة سنة، ولكنهم مستعدون أن يدفعوا نحو ضعف هذا المبلغ أي 10 آلاف جنيه إسترليني، ما يعادل 15 ألف دولار، للحصول على رعاية صحية أفضل، مثل تمريض أفضل، حتى يموتوا في منازلهم وهم يشعرون بالراحة نسبيًا، بدلًا من أن يموتوا في المستشفى، في حين أضاف ويلكنسون: "ويبدو أن هذا يقدم لنا أسلوبًا جديدًا للتفكير في القرارات الصعبة".