ما زال
الفلسطينيون من سكان قطاع
غزة يحلمون بالسفر المريح المباشر إلى وجهاتهم في العالم دون قيود وتنغيص وارتهان لسياسات بعض الدول، لكن يبدو أن هذا الحلم ما زال بعيد المنال في ظل الظروف الإقليمية والمحلية التي تحيط بهم.
وتعد رحلة سفر الغزي من القطاع وإليه رحلة آلام وعذاب، يبدأ الاستعداد لما سيواجهه فيها منذ التفكير في السفر وحتى وصوله إلى وجهته.
المسافر الغزي "ج. ز" الذي كان يخضع للعلاج في تركيا بسبب إصابته في العدوان الإسرائيلي عام 2008، يروي رحلة العذاب التي مر بها خلال الافتتاح الأخير للمعبر يوم الثلاثاء الماضي، فيقول إن
المعاناة بدأت معه وهو على الأراضي التركية "بعد رفض اليونان السماح لهم باستقلال خطوطها الجوية، من أجل الهبوط المؤقت فيها قبل إكمال الرحلة لمصر".
وأشار "ج. ز" إلى أنه لم يتمكن من الحصول على حجز مباشر من تركيا إلى القاهرة، والرحلة الوحيدة المناسبة للوصول في وقت مبكر إلى القاهرة للحاق بإجراءات الترحيل "المؤلمة" -كما يصفها- كانت رحلة اليونان التي رفض السماح له بالالتحاق بها.
وأوضح أن السلطات اليونانية رفضت جميع الجرحى معه من سكان قطاع غزة بالسفر على متن هذه الرحلة، و"اضطررنا لحجز طائرة أخرى في اليوم التالي على الخطوط التركية المتجهة مباشرة للقاهرة".
وقال إن "وصولنا صباح اليوم الذي يفتتح فيه المعبر يعني أننا لن نلحق بإجراءات الترحيل المصرية التي تبدأ مع ساعات الفجر الأولى، بتجميع كل العائدين إلى غزة في غرفة العذاب ونقلهم بالحافلات مبكرا إلى
معبر رفح، وهذا يعني بقاءنا في غرفة الترحيل لليوم التالي".
ولفت إلى أن السلطات المصرية لا تسمح للغزيين بدخول الأراضي المصرية، بل تعمد إلى حجزهم في غرفة ضيقة لا تناسب البشر في مطار القاهرة. وبعد تكدسهم ليوم كامل، فإنها تقوم بترحيلهم داخل حافلات بمرافقة أمنية إلى معبر رفح البري.
وعن تفاصيل غرفة "الترحيل" يقول: "الغرفة ضيقة وبها عدد من المقاعدة الحديدية المحطمة وعدد من الأسرة دون فراش وأغطية رائحتها نتنة، فضلا عن المرافق الصحية التي لا ينطبق عليها لفظ (صحية)".
وأشار إلى أن الغرفة "نوافذها غير مطلة على الشمس وتفتح على مخازن مظلمة داخل المطار ولها باب واحد يفتح من الخارج، ويقف عليه حارس مصري لا يسمح لأحد بالخروج إلا بعد العديد من التوسلات ولغاية حجز تذكرة السفر أو وصول تأشيرته إلى الدولة المتجه إليها، أو إذا كان على حافة الموت"، كما يقول.
وأوضح أن جوازات سفر الغزيين تحجز في غرفة الأمن بمطار القاهرة فور وصولهم إليه سواء كانوا مغادرين لغزة أم عائدين إليها مرورا بالمطار، ولا تعاد لهم الجوازات إلا في حال الترحيل أو وجود تأشيرة سفر للخارج، وهو ما يمكن أن يجبرك على البقاء لأيام أو أسابيع إذا تأخرت التأشيرة، ويرافقهم شرطي لباب الطائرة "مثل المجرمين"، على حد وصفه.
ويقول "ج. ز" لـ"
عربي21" عبر الهاتف خلال طريق عودته إلى غزة، إنه قضى "60 ساعة عذاب منذ وصوله إلى القاهرة وحتى ركوبه في حافلة الترحيل متجها إلى غزة".
وتساءل قبل أن يغلق الهاتف لاقترابه من معبر رفح: "لماذا يفعل بنا النظام المصري كل هذا؟ ومتى نسافر بكل حرية دون تنغيص ومزاجية الدول الأخرى في التعامل معنا؟".
يشار إلى أن السلطات المصرية قررت فتح معبر رفح لمدة يومين، الأربعاء والخميس، بعد إغلاقه لعدة أشهر أمام الفلسطينيين.
وعلى الرغم من فتحه لمدة يومين، فإن اليوم الأول شهد خروج عدد قليل من المسافرين وقامت السلطات المصرية بإرجاع حافلات ومنع ركابها من السفر، وأغلقت المعبر في وقت مبكر أمس الأربعاء.