قال الرئيس
الجزائري عبد العزيز
بوتفليقة، الإثنين، إنه "متمسك" بمبدأ حرية التعبير، في وقت تشير فيه تقارير حقوقية ونقابية إلى هشاشة قطاع الإعلام في البلاد وسعي السلطة الحاكمة للسيطرة عليه.
وفي رسالة للإعلاميين بثتها وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية عشية اليوم العالمي لحرية
الصحافة، الذي يحتفل به العالم الثلاثاء، قال بوتفليقة إن "إثراء قوانين الإعلام "جاء ليعزز تمسكنا بحرية التعبير، وليكيفها كذلك مع التعددية السياسية التي أصبحت واقعا لا رجعة فيه في بلادنا، وليواكب هذا الإصلاح التشريعي مستوى تنوع، إن لم أقل التنوع الكبير الذي بلغته بلادنا في مجال الصحف، وكذا وسائل الإعلام السمعي والبصري".
وكان الرئيس الجزائري يشير إلى تعديل قانون الإعلام في العام 2012 وحذف عقوبة سجن الصحفيين في التعديل الدستوري الذي صدر الشهر الماضي، إلى جانب إعلام الحكومة عزمها إنشاء هيئات مثل "مجلس أخلاقيات مهنة الصحافة".
وقابلت الرابطة الجزائرية للدفاع عن
حقوق الإنسان (مستقلة) إشادة بوتفليقة بوضع حرية الإعلام في البلاد بتقرير معاكس انتقد ما وصفته بـ"قيود" من قبل السلطات تكبل مهنة الصحافة.
وفي تقريرها السنوي حول وضع الصحافة في البلاد، الذي نشرته الإثنين، قالت الرابطة إن "هناك قائمة قيود تكبل مهنة الصحافة من طرف السلطة، وإن تعددت الطرق والأساليب الملتوية (تقصد المبررات)، ومنها: المصلحة العامة، الأمن القومي، حماية النظام العام"، معتبرة أن كل هذه المبررات "ستار تحمي به السلطة نفسها من النقد".
وتضمن تقرير الرابطة، خلاصة استقصاء لرأي أكثر من 400 إعلامي في البلاد حول موقفهم من وضعية قطاع الإعلام.
وحذر التقرير من أن أكثر من 40 جريدة ورقية مهددة بالاختفاء من الأسواق الجزائرية؛ بسبب شح الموارد المالية.
ولفتت إلى أن "هناك العديد من العناوين (الجرائد) التي تخضع لمسألة الإشهار (
الإعلانات)؛ حيث تكون الجرائد مطالبة بالسير وفق خط معين يخدم السلطة، وإلا فهي معرضة لسحب الإعلانات منها، التي لا تزال سلاحا في يد السلطة تنفذ به سياسة العصا والجزرة بامتياز".
وتتواجد في الجزائر 150 صحيفة أغلبها خاصة، لكن 20 منها فقط لها حضور قوي في الساحة، إلى جانب حوالي 40 قناة فضائية خاصة، 5 منها فقط معتمدة، والبقية تبث من الخارج، حسب تصريحات سابقة لوزير الإعلام الجزائري حميد قرين.
وفي تصريحاته هذه، قال الوزير إن "شح الإعلانات ليس قضية جزائرية فقط؛ فهي مسألة تعيشها كل الدول".
وربط بين تراجع سوق الإعلانات والأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد، في الوقت الراهن، جراء تراجع عائدات النفط التي تمثل 97 بالمائة من صادراتها.
ويقدر مراقبون حجم سوق الإعلانات في البلاد بـ200 مليون دولار أمريكي سنويا، نصفها تسيرها هيئة إعلانات حكومية.
من جانبه، اعتبر رياض بوخدشة المنسق العام لـ"مبادرة كرامة الصحفي الجزائري" (تنظيم نقابي مستقل) أن "تأكيد الرئيس بوتفليقة على أن القطاع الصحفي سيعرف نقلة مستقبلا بتنصيب عدة هيئات لتنظيم هيئة الصحافة هو اعتراف ضمني بأن ميدان الصحافة يعيش فوضى".
وأضاف: "سننشر الثلاثاء تقريرا سنويا بمناسبة العيد العالمي لحرية الصحافة يسلط الضوء على وضع الصحافة في الجزائر، وملخصه أن الصحفي في بلادنا أضحى غير معني بالنقاش بشأن حرية التعبير، وهمه الوحيد اللهث وراء عمله وقوته اليومي".
وأشار موضحا: "من خلال مقابلات أجريناها مع صحفيين لاحظنا هشاشة في الظروف المهنية والاجتماعية للصحفيين خاصة في مسألة الرواتب الهزيلة، كما أن الصحفيين في وسائل الإعلام الحكومية أضحوا مجرد موظفين بمهام مدفوعة الأجر، وفي وسائل الإعلام الخاصة يواجهون مخاطر التعسف، وانعدام الحماية، وأكثرهم يفكرون في تغيير مهنتهم".
واتهم وزير الإعلام الجزائري حميد قرين، في عدة مناسبات ملاّك مؤسسات إعلامية بسوء إدارة مداخيلها من الإعلانات، منتقدا عدم قيامها بتخصيص نسب من هذه المداخيل لتكوين (تدريب) الصحفيين، وتحسين ظروفهم المهنية والاجتماعية.
وحسب آخر تصنيف لمنظمة "مراسلون بلا حدود" لحرية الصحافة في العالم لسنة 2016، تراجعت الجزائر في مجال الصحافة وحرية التعبير عشر مراتب، وحلت في المرتبة 129 من بين 180 بلدا بعدما كانت في المرتبة 119 العام الفارط.
وفي تصنيفها، ترتب المنظمة دول العالم من حيث مدى حرية الصحافة بها ترتيبا تنازليا؛ بحيث تكون الدول التي تأتي في المراتب الأولى "الأفضل" في حرية الصحافة، وتكون الدول التي تأتي في المراتب الأخيرة "الأسوأ" في حرية الصحافة.
ويحتفل العالم في الثالث من أيار/ مايو من كل عام بـ"اليوم العالمي لحرية الصحافة"؛ حيث يتم استغلال هذا اليوم كمناسبة لتعريف الجماهير بانتهاكات حق الحرية في التعبير، وكذلك كمناسبة لتذكيرهم بالعديد من الصحافيين الشجعان الذين آثروا الموت أو السجن في سبيل تزويدهم بالأخبار اليومية.