فجر المتحدث السابق باسم"
جبهة الإنقاذ"، القيادي حاليا بحزب "الدستور"،
خالد داود، مفاجأة بتأكيده أنه لا توجد شخصية سياسية معارضة في
مصر حاليا، لا تخشى من القبض عليها.
جاء ذلك في حوار أجرته معه صحيفة "النبأ" الورقية الصادرة هذا الأسبوع.
واتهم داود في الحوار رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي، وقال إنه يتحمل مسؤولية تدهور الأوضاع في البلاد، وأضاف أنه لا يريد مؤسسات مدنية قوية، مشيرا إلى أنه يشعر بحالة من الحزن؛ بسبب وجود عدد كبير من شباب ثورة يناير، في السجون، وفق قوله.
وأضاف: "لم نتوقع أن يصل الحال لما نحن فيه الآن، وأن يتم منعنا من السفر،ويتم الإلقاء بنا في السجن، وتشويه سمعتنا، فقد كنت في برنامج تليفزيوني، بصحبة لواء، ولمَّا خرجنا، هددني هذا اللواء بالحبس، قائلا: "أنا عندي عيال يعني زي بقية البشر، مش عايز أدخل السجن، ولا عامل فيها بطل".
وحول خشيته فكرة السجن، قال: "طبعا.. أنا خائف من فكرة المنع من السفر، والاعتقال، المسألة لا يوجد فيها شك، وأنا أرى بهدلة الناس، وأعلم ما يحدث في قسم الشرطة".
وأردف: "بعدما تم منع زميلي الصحفي حسام بهجت من السفر، وكذلك جمال عيد، وإسماعيل الإسكندراني، أنا أتوقع أي شيء، فنحن في هذه الفترة، كل ما نستطيع فعله، هو الحفاظ على وجودنا، معركتنا هي البقاء كأحزاب على الساحة، لذلك أيدنا حمدين صباحي في الانتخابات الرئاسية الماضية، برغم علمنا بنجاح السيسي مسبقا، وكنا نستهدف من وراء هذا الدعم، ترسيخ فكرة التعددية في الانتخابات، لسنا أقل من أي بلد أخرى تجرى فيها انتخابات مماثلة".
وحول استهداف النظام شخصيات بعينها، قال داود: "لا يوجد أحد منا لا يخشى من القبض عليه، ما يعني أن هناك العديد من التطورات السياسية السيئة، وكل الذين شاركوا في جبهة الإنقاذ مثل الدكتور البرادعي، وحمدين، وأبو الغار، كانوا يقولون إن هدفهم استعادة مطالب 25 يناير، وبناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة، فانتهى الأمر ليس باستبعادنا، وتهميشنا من المشهد السياسي فحسب: بل يتم مهاجمتنا، واتهامنا بالعمالة، وأصبح يقال إن الثورة "مؤامرة"، وبرغم أن الدستور نفسه (دستور العسكر عام 2014)، اعترف بأن ثورة 25 يناير، أحد أهم إنجازات الشعب المصري".
وأضاف: "ليس ذلك فحسب فقد وجدنا أعضاء في مجلس الشعب، ممن كانوا يسبونها، فقد تم تعيين لميس جابر المعروفة بعدائها لثورة 25 يناير، وهو يبعث برسالة مضادة، بالإضافة إلى حالات المنع من السفر، والقبض على الشباب، ومنهم شباب كان يتم حملهم على الأكتاف بعد 25 يناير، وآخرين كانوا مع السيسي على سلم المخابرات الحربية، أصبحوا الآن ما بين ممنوعين من السفر، أو مسجونين".
وبالنسبة لموقف البرادعي، قال: "أنا مؤيد لاستقالة البرادعي من منصب نائب الرئيس، بعد ما حدث في فض اعتصامي "رابعة والنهضة"، وأنا استقلت من "جبهة الإنقاذ" كمتحدث رسمي باسم الجبهة، وضد فكرة قتل مئات المواطنين، والبرادعي لم يعتزل المشهد السياسي، ولكنه يكتفي بكتابة تويتات، وظل فترة صامتا على أمل أن تتحسن الأوضاع، وأنا طول عمري احترم البرادعي، وعلى علم بوطنيته وإيمانه بالمبادئ رغم الدعاية الرخيصة التي تستهدفه".
عبد الناصر لم يستطع أن يقول ذلك
وعن سياسات السيسي قال: "أعترض على كثير من سياسات السيسي، ففي حديثه مع وكالة أجنبية قال: إن المصريين بحاجة لـ25 سنة؛ للوصول للديمقراطية، وهذه حجة يتم استخدامها من 60 سنة، فعبد الناصر والسادات، ومبارك، كانوا يقولون مثل هذا الكلام، ولا أعرف متى تنتهي مدة الـ25 سنة؟ فنحن لا نطالب بديمقراطية تشبه النمط الغربي، ولكن كل ما نريده أنه عندما يذهب المواطن لأي قسم شرطة، يجد معاملة تحترم كرامته الإنسانية "مش يتعذب، أو يموت"، وانتخابات نزيهة ونظيفة، بها منافسة حقيقية، وصحافة تهتم بتقديم معلومة للمواطن، وليست وسائل إعلام للدعاية، وتمجيد، وتهليل للحاكم، كما تعودنا منذ 60 سنة"، بحسب قوله.
وعن المسؤول عما آلت إليه الأوضاع بمصر حاليا، قال: "الرئيس (يقصد السيسي) نفسه، بطريقة إدارته للبلد، فقد تغيرت طريقة خطابات السيسي، فأنا أعمل صحفيا من 27 سنة، وحتى الآن، وتابعت كل أنشطة الرؤساء السابقين، وأعلم التغيرات، ودارس للتاريخ وللسياسة.. لكن عبد الناصر في عز مجده لم يستطع أن يقول: لا تسمعوا لأحد غيري".
ووجه داود اتهامات للسيسي بأنه لا يرغب في وجود مؤسسات مدنية قوية، لأنه يراها رفاهية، فلا يريد برلمانا ولا أحزابا ولا منظمات قوية، وهو ما أظهرته شهادة حازم عبد العظيم، الخاصة بتشكيل قائمة "في حب مصر"، في جهاز المخابرات العامة، بحضور شخصيات بارزة من الموجودين على رأس القائمة الآن، وبالتالي: كل الشخصيات والمؤسسات تعاني من الحصار، حتى الإعلام.
وفسر ذلك بالقول: "الرئيس، وبحكم خلفيته العسكرية، هو الآن في معركة، ففي الحرب لا مجال لمثل هذه الأمور، فالقائد هو وحده من لا يتخذ القرارات، مبارك قتلنا في 30 سنة، موِّت السياسة والأحزاب، وأفسد قطاعات واسعة من النخبة، وهو ما ندفع ثمنه، والرئيس السيسي بنفس طريقة الفكر القديمة، والغريب أنه غير قادر على استيعاب أن الزمن غير الزمن".
وحول أن هناك أحزابا حديثة استطاعت حصد مقاعد في الانتخابات مثل "مستقبل وطن"، قال: "أتحدى أن يعرف المواطن العادي من رئيس حزب (مستقبل وطن)، أو (حماة الوطن)، وأعتقد أن هذا الأمر جزء من الظواهر الغريبة في حياتنا السياسية، وهي أن يخرج حزب حديث لا يملك أي كوادر سياسية، ثم يدخل الانتخابات، ويحصد مقاعد تفوق حزب (الوفد) و(المصري الديمقراطي)".
وعن تواصل الرئاسة مع الأحزاب السياسية، قال: "عندما تولى الرئيس السيسي الحكم، ودعا كل الأحزاب، ومن بينها المعارضة، ذهبنا والتقينا به مرتين، وعندما بدأت مناقشة قوانين الانتخابات أثناء تولي محلب الوزارة، ذهبنا وكانت المناقشات أشبه بالسيرك، كنا نذهب ولا نجد من يسمع لنا، وكانوا يصنعون لنا حشدا مضادا، حتى يظهر أن هناك أغلبية تؤيد النظام، وتريد نظاما فرديا في الانتخابات".
واستطرد داود: "الرئاسة كانت تستعين بشخصيات من الحزب الوطني المنحل، وشخصيات تعمل ضد الديمقراطية، ويتم ملء القاعة بهذه الشخصيات، وفي أحد اللقاءات، وجدت رئيس حزب يقول: لا نريد شيئا، ولا بد أن نعطي السلطة المطلقة للرئيس السيسي لمدة 3 سنوات من أجل محاربة الإرهاب، هذه العوامل ساعدت النظام على تمرير قوانين الانتخابات كما أرادها".
مواقف قوية ضد مذبحة "رابعة"
وخالد داود، صحفي وسياسي مصري، عمل مراسلا لقناة "الجزيرة" في الأمم المتحدة، وناطقا رسميا باسم "جبهة الإنقاذ الوطني"، كما أنه عمل متحدثا إعلاميا لحزب "الدستور".
وقد استقال داود من "جبهة الإنقاذ"، (التي مهدت الطريق للانقلاب العسكري)، اعتراضا على مذبحة رابعة.
وقال - في خطاب الاستقالة - إنه لم يعد باستطاعته التحدث باسم أحزاب تدعم المواجهة الأمنية مع الخصوم السياسيين، و"ترفض إدانة المجزرة التي قامت بها قوات الأمن في فض اعتصامي رابعة والنهضة".
وأضاف: "لماذا نقتل جماعة تحظي بتأييد أكثر من 30% من الشعب المصري؟ يجب أن يكون الحل سياسيا بامتياز.. كنا نهاجم وزير الداخلية الذي عينه مرسي، ولكنهم الآن يدافعون عنه.. غالبية أحزاب جبهة الإنقاذ توافق على المجازر التي تقوم بها قوات الجيش، وهذا أمر صعب. كيف أتحدث باسم جبهة الإنقاذ، وانا أرى هذه المهازل؟".
وعندما قيل له إنه كان اعتصاما مسلحا، قال إنه حتى لو صح ذلك فإن أي اعتصام مسلح يواجه بالقانون، ولا يقابل بقتل ألف مواطن من دون حساب، مشيرا إلى أنه ليست هناك تسمية أخرى لقتل ألف مواطن في يوم واحد، أو اسم أو تعريف أو حل، سوى أنها مذبحة، مطالبا بالتحقيق مع المسؤول عنها، قائلا: "لما ألف مواطن يموت في يوم، دي مذبحة"، مستشهدا بتقرير لجنة تقصي الحقائق الحكومية.
ومؤخرا شارك داود في الجمعية العمومية للأطباء، وأعلن تضامنه الكامل مع الأطباء في مطالبهم.
وعندما أعرب السيسي عن استعداده أن يبيع نفسه، في خطاب أخير له؛ سخر داود منه بقوله: "إوعى تبيعنا إحنا كمان".