ناقشت صحيفة "التلغراف" البريطانية قرار الرئيس الروسي فلاديمير
بوتين بسحب قواته الرئيسة من
سوريا، واصفة إياه بأنه "مرحلة مفصلية" في الأزمة السورية التي تدخل عامها السادس.
وقالت الصحيفة البريطانية، إن القرار المفاجئ الذي أعلنه الرئيس بوتين أثناء اجتماع له مع وزرائه الاثنين، استنفر الولايات المتحدة والدول الغربية، بالإضافة لمفاوضي النظام السوري والمعارضة المجتمعين في جنيف لبدء المحادثات.
وأشارت "التلغراف" إلى أن تنفيذ القرار "قد يكون إشارة على صدق
روسيا برغبتها في إنهاء القتال في سوريا"، إلا أن المحللين حذروا من أن الإعلان لن يكون له أثر كبير على إنهاء الضربات الروسية ضد مناطق المعارضة في سوريا.
وأوضحت "التلغراف" أن روسيا بدأت بالقصف العام الماضي، بالهدف المعلن بـ"تدمير التنظيمات الإرهابية" في سوريا، إلى أنها ركزت على دعم قوات الأسد.
وقال الكرملين إن روسيا حققت "تغييرا حقيقيا في القتال ضد الإرهابيين في سوريا". ورغم أن تنظيم الدولة ما زال يسيطر على ثلث البلاد، فإن بوتين بدأ يعتقد بأن "مهمة روسيا في سوريا بدأت تكتمل"، وحادث الأسد لإعلامه بأن جنوده بدأوا بالانسحاب.
وقال بوتين إن "العمل المؤثر لجيشنا خلق ظروفا مناسبة لبدء عملية السلام"، مضيفا أن "المهمة أنجزت تقريبا، ولذلك أوعزت لوزير الدفاع ببدء سحب الجزء الرئيس من قواتنا في سوريا"، مؤكدا أنه "أمر روسيا بتعزيز الجهود لإتمام صفقة السلام بين نظام الأسد والمعارضة".
ولم يحدد بوتين موعدا للانسحاب، قائلا إن قواته ستبقى في قاعدتي حميميم وطرطوس العسكريتين.
ردود فعل دولية
وناقش بوتين "الانسحاب الجزئي"، بحسب ما وصفته "التلغراف"، باتصال هاتفي مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما، في حين أكد البيت الأبيض أن الزعيمين ناقشا الخطوات القادمة لحل النزاع، بينما أصر أوباما أن هناك حاجة لـ"حل سياسي".
وفي وقت مبكر الاثنين، قالت الولايات المتحدة إنها لم تتلق إيعازا بهذه الخطوة، وقال المسؤولون إنهم لم يروا مؤشرات على الأرض بأن القوات الروسية بدأت تستعد للانسحاب. وأصدر البيض الأبيض ردا حذرا على إعلان بوتين، قائلا إنه سينتظر "حتى يرى تماما النوايا الروسية"، بحسب ما نقلت "التلغراف".
أما ألمانيا، فقالت إنها ترحب بهذه الخطوة، على لسان وزير خارجيتها فرانك والتر ستينمير، إن "الانسحاب الروسي يزيد الضغط على الرئيس الأسد ليدخل المفاوضات بطريقة جدية".
بدورها، رحبت المعارضة السورية بالخطوة، قائلة إنها تساعد بالضغط على النظام للوصول لاتفاق سلام في محادثات جنيف، إذ قال المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات، سالم المسلط، إنه "إذا كان هناك جدية بتنفيذ الانسحاب، فإن هذا سيمنح المفاوضات دفعة إيجابية".
وكانت القوات الروسية نشرت ما يقارب 4000 رجل، من بينهم طيارون ودعم عسكري وقوات بحرية، ومع أن الكرملين لم يعترف رسميا بعد، فإن هناك دليلا على أن المدفعية الروسية ما زالت نشطة في الحملة.
انتهاكات حقوقية
واتهم الغرب والمنظمات الحقوقية القوات الروسية بقتل مئات المدنيين في غارات جوية، بما في ذلك قصف عدة مستشفيات.
وقال مايكل هورويتز، المحلل الأمني مع مجموعة "ليفنتاين"، إن "السؤال الآن هو مدة الانسحاب، وما يعنيه بوتين بالمكون الرئيس للجيش الروسي في سوريا"، موضحا أنه "إذا لم يكن يعني المكون الجوي، وإذا استغرق الانسحاب شهورا، فإن هذا لن يغير شيئا على الأرض".
"دفعة إيجابية"
ورأت "التلغراف" أن هذه الخطوة تعطي دفعة إيجابية لمحادثات السلام التي ترعاها الأمم المتحدة في جنيف، والتي انطلقت بعد النجاح غير المتوقع لهدنة وقف إطلاق النار.
ودخلت الهدنة حيز التنفيذ الشهر الماضي، وأدت لانخفاض دراماتيكي في القتال في سوريا، خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، رغم بعض الانتهاكات.
2.4 مليون طفل لاجئ
واختتمت الصحيفة البريطانية تقريرها بأرقام الأمم المتحدة التي قالت إن 2.4 مليون طفل سوري أصبحوا لاجئين.
وقالت "اليونيسف" وعدد من المنظمات الأخرى إن عشرات الأطفال لقوا حتفهم في الأزمة السورية، بينما جند أطفال كثر بينهم إناث في سن دون الـ15 عاما، كجنود، بالإضافة إلى معاناة الكثيرين منهم في مناطق الحصار.
وقالت المنظمة الأممية إن عدد الأطفال الذين لا تصل إليهم المساعدات جاوز المليونين، بينهم 200 ألف في مناطق الحصار.