صادق مجلس نواب الشعب
التونسي، مساء الجمعة، على مشروع
القانون الأساسي المتعلق بالحق في النفاذ إلى المعلومة، بعد أخذ ورد بين
البرلمان ورئاسة الحكومة التي سحبته سابقا لتعديله.
وتمّت المُصادقة على القانون بعد جدل أثاره الفصل 24 من هذا القانون، والمتعلق بالاستثناءات، أي المجالات التي سيتم استثناؤها من حرية النفاذ إلى المعلومات، حيث اعتبرت منظّمات عديدة أن الصّياغة التي وردت بها في النسخة الأولى للقانون، سقطت في التّعميم، بما يفتح الباب للتضييق على حرية الوصول للمعلومات.
واستثنت الصّياغة الأولى مجالات "الأمن القومي" و"المعاهدات الدّولية" و"المصالح الاقتصادية للدولة والغير"، من الحالات التي يحق للمواطن التونسي طلب النّفاذ إلى مُعطياتها، قبل أن يتم تغيير الصياغة ليصبح رفض طلب النّفاذ إلى المعلومة استثناء، مع النص على "ضرورة إعلام طالب النفاذ بجواب معلل" في هذه الحالة (الرفض)، وعلى أن "ينتهي مفعول الرفض بزوال أسبابه المبينة في الجواب على مطلب النفاذ".
انتصار للمجتمع المدني
وفي تصريح لـ"عربي21"، اعتبر رئيس مُنظّمة "أنا يقظ"، مُهاب القروي، أن القانون بصيغته الحاليّة يعتبر مرضيا، وأن "المُجتمع المدني انتصرعلى كل من يريد أن يتصدّى لحق المواطن التونسي في المعلومة، وعلى حقّه في متابعة تسيير المرافق العامّة للدّولة في إطار
الشفافية التي كفلها له الدّستور"، بحسب تعبيره.
وأضاف القروي: "تصدّينا للنّسخة الفارطة لأنّها تعارضت مع مبادئ الدّستور التي كفلت للتونسي حرية النفاذ إلى المعلومة، نجحنا في هذه الجولة وما تزال أمامنا جولة التّصدّي لقانون المُصالحة".
وفي السياق ذاته، رحّب مهدي الجلاصي، الصّحفي والنّاشط في نقابة الصحفيين التونسيين، بالصّيغة الجديدة للقانون، معتبرا أنّها تحمل ضمانات لاحترام حق النفاذ للمعلومة.
وقال الجلاصي لـ"عربي21": "ضغطنا وساندنا النّواب الذين رفضوا الصيغة التي اقترحتها الحكومة، وفي الأخير تم اعتماد مُقترح نقابة الصّحفيين الذي تقدّمت به في ندوتها الصّحفية، ونحن مرتاحون للصيغة الحالية".
خطوة أخرى في مسار الدّيمقراطية
من جهتها، اعتبرت المقررة المساعدة في لجنة الحقوق والحريات في البرلمان التونسي، إيمان بن محمد، أن المُصادقة على قانون النّفاذ إلى المعلومة هي خطوة أخرى في سياق تثبيت أسس البناء الديمقراطي في تونس، ومُواصلة تطبيق الحقوق العامّة التي كفلها الدّستور.
وأضافت لـ"عربي21": "رغم الشدّ والجذب الذي رافق النّقاشات حول هذا القانون، على التّونسيين أن يفخروا بهذا المُكتسب التّشريعي الذي سيُجسّد مُواطنتهم وسيُمكّنهم من متابعة سير المصالح الحكوميّة والسّهر على حسن إدارتها"، وفق تعبيرها.
يُذكرأن الجلسة المخصّصة للمُصادقة على القانون كانت مُحدّدة الثّلاثاء الماضي، قبل أن يتم رفعها لفسح المجال أمام لجنة التّوافقات لإيجاد صيغة توافقية للفصل 24، بعد تسجيل رفض للصيغة الأصليّة، سواء من طرف النّواب أو جمعيّات المُجتمع المدني.
وتضمن مشروع القانون 62 فصلا، ويهدف إلى تعزيز التوجه الجديد نحو الشفافية والمساءلة والرقابة والتصدى للفساد، من أجل دعم ثقة المواطنين بالهياكل العمومية.
وقد أودعت الحكومة مشروع القانون منذ 15 آب/ أغسطس 2014 لدى لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية، ترجمة للفصل 32 من الدّستور المتعلّق بحق النّفاذ إلى المعلومة، لتسحبه في حزيران/ يونيو 2015 بعد تحفّظ اللجنة على فصوله، قبل أن يعرض الجمعة للتصويت النّهائي.