نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية، تقريرا حول الدور الذي تلعبه المليشيات الكردية المسلحة، في خضم الحرب الدائرة منذ خمس سنوات على الأراضي السورية، وخاصة في ضوء التطورات السياسية الأخيرة، واحتدام المعارك في عاصمة الشمال السوري حلب.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن أكراد
سوريا يحققون تقدما في الحرب بمساعدة القصف الروسي، حيث استطاع الجناح المسلح لحزب الاتحاد الديمقراطي - وهو الحزب المهيمن في مدينة روجافا أو ما يعرف بكردستان السورية - من استعادة مدينتي خريبة وزيارة، المتاخمتين للإقليم الكردي عفرين في الشمال الغربي من محافظة حلب، بعد أن كانت تسيطر عليهما قوات المعارضة.
ومن جهة أخرى؛ وجّه
مجلس سوريا الديمقراطي - وهو ائتلاف عربي كردي يمثل
حزب الاتحاد الديمقراطي جزءا منه - دعوة لأنصاره، للسماح للمدنيين الفارين من القصف الروسي باللجوء إلى المنطقة الكردية "عفرين" والمكوث فيها.
وذكرت الصحيفة أن المعارضة السورية لطالما اتهمت حزب الاتحاد الديمقراطي بالتعاون مع نظام الأسد، من أجل تحقيق مصالحه وأهدافه في سوريا، مشيرة إلى أن اشتباكات اندلعت منذ بضعة أسابيع بين القوات الكردية والمعارضة على مشارف مدينة أعزاز، التي تعد معقل المعارضة، فتدخلت الطائرات الروسية لمصلحة الأكراد وقصفت مواقع المعارضة.
وأضافت أن المعارضة السورية تتوقع أن تواصل القوات الكردية بمساعدة القصف السوري؛ تقدمها شرقا على طول الحدود التركية في اتجاه عين العرب التي تسيطر عليها هذه القوات، إلا أن تدخّل المعارضة سيعرقل نسبيا خطط النظام، الذي يسعى إلى طرد المعارضين من الشريط الحدودي، وذلك لمنع تركيا من مد يد العون لهم.
وأشارت الصحيفة إلى أن نائب رئيس مجلس سوريا الديمقراطي فنّد هذه الاتهامات، ونفى أي تقدم للأكراد، وبرّر السيطرة على مدينتي الخريبة وزيارة بالقول إن هذه المناطق كانت تحت سيطرة جبهة النصرة، الفرع السوري لتنظيم القاعدة.
وأضافت أن تردد حزب الاتحاد الديمقراطي في المشاركة بمحادثات السلام التي عقدت في جنيف؛ يعكس غموض موقفه السياسي، "فقد طلبت موسكو من حزب الاتحاد الديمقراطي وحلفائه في مجلس سوريا الديمقراطي، المشاركة في الجزء الثالث من المحادثات، جنبا إلى جنب مع النظام والمعارضة، إلا أن كلا من تركيا والمعارضة السورية عارضتا بشدة هذا الموقف، بذريعة أن هذا التحالف سيصبّ في مصلحة النظام.
واعتبرت الصحيفة أن "غياب الدبلوماسية في التعامل مع الأكراد وحلفائهم من العرب والمسيحيين؛ يتعارض مع أهمية الدور الذي يقومون به ضد تنظيم الدولة، حيث يعد هذا التحالف ناجعا، خاصة وأنهم يعدون الأكثر كفاءة على أرض المعركة لمحاربة تنظيم الدولة".
وأشارت إلى أن هذا التحالف يحاول الاستفادة من دعم كل من واشنطن وموسكو، ويظهر ذلك من خلال التعاون الذي جمع بين وحدات حماية الشعب الكردي والطيران العسكري الأمريكي في عين العرب في تشرين الأول/ أكتوبر 2014، "كما أن الولايات المتحدة أصبحت تعتمد على القوات الكردية المتواجدة في سوريا من أجل تضييق الخناق على تنظيم الدولة، وقامت أيضا بإرسال قوات خاصة إلى المناطق الكردية من أجل الإشراف على إنشاء مطار عسكري".
ونقلت الصحيفة عن المتحدثة باسم وحدات حماية الشعب، نسرين عبدالله، قولها إنه "إذا ما تقرر تنفيذ عملية عسكرية على مدينة الرقة؛ فإن القوات الكردية وحلفاءها من الجناح العسكري لمجلس سوريا الديمقراطي؛ سيكون لهم دور محوري في هذه العملية".
وأشارت إلى أن تركيا استنكرت تقدم وحدات حماية الشعب، واعتبرت أن توسع القوات التركية خلف ضفاف الفرات "خط أحمر" لا يجب تجاوزه، ويأتي هذا الموقف على خلفية الحرب التي تشنها منظمة حزب العمال الكردستاني على الدولة التركية، حيث إن وحدات حماية الشعب الكردي تعدّ الفرع السوري لهذا الحزب.
وذكرت الصحيفة أن الولايات المتحدة تشعر بالحرج أمام تركيا، لا سيّما بسبب تناقض موقف واشنطن، حيث تبحث هذه الأخيرة عن السبل الممكنة للقضاء على تنظيم الدولة، بالاستعانة بحزب الاتحاد الديمقراطي، وفي الوقت نفسه؛ المحافظة على التحالف مع تركيا من خلال تصنيف حزب العمال الكردستاني كمنظمة إرهابية، "ويظهر هذا التناقض جليّا في موقف واشنطن؛ باعتبار أن كلا الحزبين ينضويان تحت راية المنظمة نفسها".
وقالت الصحيفة إن روسيا كانت تدعم منذ البداية أكراد سوريا، الذين قرروا فتح مكتب تمثيلي لهم في العاصمة الروسية يوم 10 شباط/ فبراير الماضي، كما أنه من بين النقاط المشتركة التي تجمع كلا من حزب الاتحاد الديمقراطي وموسكو؛ هو العداء الموجه لتركيا، "ويعتزم حزب الاتحاد الديمقراطي استغلال مصالح موسكو وواشنطن لتعزيز علاقاته وموقعه في المنطقة".
وفي الختام؛ نقلت "لوموند" عن نسرين عبدالله، قولها إن "التعاون العسكري مع الولايات المتحدة ليس كافيا، ويجب على واشنطن أن تعترف بالاستقلال السياسي للأكراد، وتضمن لهم الحكم الذاتي في سوريا المستقبلية".