تتجهز
السعودية خلال ساعات، لتحول منطقة "حفر الباطن" شمال المملكة إلى ميدان عسكري تتوقف من خلاله حركة الملاحة في سماء المنطقة، تزامنا مع انطلاق كبرى المناورات والتدريبات العسكرية بمشاركة 350 ألف جندي من دول عربية وخليجية وإسلامية بقيادة السعودية.
وتشارك في المناورات التي أطلق عليها اسم "رعد الشمال" نحو 25 دولة في مقدمتها السعودية ودول الخليج ومصر والسودان والأردن وباكستان واليمن وتركيا، إضافة إلى دول أخرى ستشارك بصفة مراقب.
وتنتمي الدول في أغلبها إلى "التحالف الإسلامي ضد الإرهاب" الذي أعلنته السعودية في 15 كانون الثاني/ يناير الماضي بهدف "محاربة الإرهاب بكل أشكاله ومظاهره أيا كان مذهبه وتسميته".
وأعلن ناطق باسم الجيش السعودي، أن المناورات تهدف إلى رفع نسبة جهوزية القتال لدى الجيوش العربية لحماية الشعوب العربية والإسلامية من أخطار الأرهاب، وأن يكون الجنود على أهبة الاستعداد لمواجهة التحديات من التنظيمات الإرهابية، وأهمها "داعش".
وكان التصريح الأول في هذا الشأن جاء على لسان مستشار وزير الدفاع السعودي العميد أحمد العسيري الذي أبدى استعداد المملكة للتدخل برا ضد "داعش" إذا قرر الائتلاف الدولي القيام بعمليات من هذا النوع.
ترحيب أمريكي
وسارعت أمريكا، التي تلوح بين الحين والآخر إلى تدخل بري لمحاربة تنظيم الدولة في سوريا، إلى الترحيب بإعلان السعودية استعداداها لإرسال قوات برية إلى سوريا، إذ أكد وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر أنه سيلتقى نظيره السعودي محمد بن سلمان الأسبوع الجاري في بروكسل لبحث المبادرة السعودية.
وأعرب البيت الأبيض، الجمعة، عن ترحيب الرئيس الأمريكي باراك أوباما بالإعلان السعودي، وقال جون إيرنست، إن موقف السعودية جاء استجابة لطلب كارتر من الشركاء في التحالف زيادة مساهماتهم في قتال التنظيم الإرهابي، مشيرا إلى أنه لا يوجد تفاصيل الآن عن المقترح السعودي بشأن المشاركة بقوات برية أو بقوات خاصة.
ترقب روسي
وفي ظل عدم إعلان موسكو أي موقف تجاه استعداد السعودية لإرسال قوات برية إلى سوريا، فقد صرح المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، بأن موسكو "تراقب تطور الأوضاع… ولا تمتلك أي تفاصيل أو معلومات حول خطط السعودية للتدخل في سوريا".
وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف، إن الجانب الروسي "لم يتبن حتى الآن أي موقف بشأن إعلان الرياض استعدادها لإجراء عملية برية في سوريا"، مشيرا إلى أن "الكرملين لا يملك حاليا ما يؤكد وجود مثل هذه الخطة بالفعل".
بدوره، انتقد عضو البرلمان الروسي قسطنطين كوساتشوف، الإعلان السعودي، وقال إن مشاركة السعودية في عملية برية محتملة في سوريا يمكن أن يعقد عملية تسوية الأزمة السورية.
وقال كوساتشوف إن استخدام القوة العسكرية من السعودية وتركيا في هذه الظروف، سيهدف "إلى تغيير السلطات السورية الشرعية في البلاد بالقوة، وهو أمر غير مقبول على الإطلاق من الناحية القانونية".
وأبدى كوساتشوف مخاوفه من احتمال تعرض قوات المعارضة السورية والقوات الحكومية لضربات القوات البرية السعودية والتركية في حال تدخلها.
وقال إن القرار بإجراء مثل هذه العملية البرية في سوريا يبدو "مشكوكا فيه وخطرا من كل النواحي".
هلع إيراني
وبادرت
إيران بإطلاق التهديدات ضد السعودية، وفي الوقت نفسه أعلنت على لسان قائد الحرس الثوري محمد علي جعفري، عن عدم نية طهران زيادة قواتها المقاتلة في سوريا إلى جانب نظام الأسد والمليشيات الشيعية.
أما نائب قائد الحرس، حسين سلامي، فقال في تصريحات الأحد: "حذرنا السعودية من مغبة التدخل في سوريا، وإنهم يعلمون أن المنطقة ستشهد أحداثا مفجعة ومؤلمة إذا ما تدخلوا في سوريا".
وكان القائد السابق للحرس الثوري وأمين مجلس تشخيص مصلحة النظام الإيراني محسن رضائي، قال الخميس، إن "دخول السعودية الحرب في سوريا سيؤدي إلى إشعال المنطقة كلها، ومنها السعودية نفسها، ما عدا إيران"، على حد قوله.
وكتب رضائي في صفحته الشخصية على "إنستغرام"، إنه "من المحتمل حدوث مواجهة بين
روسيا وتركيا والسعودية".
وتنطوي المناورات، بحسب مراقبين، من حيث توقيتها ومكانها وحجمها، على رسائل سياسية وتعتبر إعدادا مبكرا لحرب آتية ومحاكاة لعمليات برية تستعد هذه القوات لتنفيذها في سوريا، إذ إن مكان المناورات يقع في شمال السعودية المحاذي للعراق وعلى مرمى إيران، وليس بعيدا من الساحة السورية الملتهبة.