ذكر موقع "ميدل إيست بريفنغ" أن وزير الخارجية الأمريكي جون
كيري يتعرض للضغوط في واشنطن، حيث عمد لتقديم تنازلات لنظيره الروسي سيرغي
لافروف، وهو ما ينظر إليه على أنه موقف مؤيد لروسيا في
سوريا.
ويشير التقرير إلى برنامج "بانوراما"، الذي عرضته محطة "بي بي سي"، وبث فيلما وثائقيا حول ثروة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وذكر أن هذا الأخير عين أصدقاءه في المناصب العليا، وأغدق عليهم المال مقابل الولاء.
ويذكر الموقع أن الفيلم الوثائقي، الذي عرض يوم 25 كانون الثاني/ يناير، شارك فيه آدم سزبين، الذي كان يدير مكتب مراقبة الودائع الأجنبية في وزارة الخزانة الأمريكية منذ عام 2006، وتم ترفيعه في نيسان/ إبريل الماضي إلى مساعد وزير المالية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، وأصبح سزبين في كلا المنصبين مسؤولا عن تطبيق سياسات الولايات المتحدة في مجال العقوبات التي تفرضها على الدول الأجنبية، وقاد الجهود لفرض عقوبات على شلة بوتين والمسؤولين في حكومته، بعد قرار موسكو ضم شبه جزيرة القرم عام 2014.
ويورد التقرير نقلا عن سزبين قوله في الفيلم: "رأيناه (بوتين) وهو يحيط نفسه بأصدقائه وحلفائه المقربين، ويهمش أولئك الذين لا يعتقد أنهم أصدقاؤه، مستخدما أرصدة الدولة، سواء أكانت أرصدة ثروة الطاقة أو العقود الأخرى التابعة للدولة، ويوجهها نحو أولئك الذين يعتقد أنهم سيخدمونه، ويستبعد من لا يريد، وبالنسبة لي فإن هذه صورة من صور الفساد".
ويلفت الموقع إلى أنه بعد يومين من عرض فيلم "بي بي سي"، صرح المتحدث الإعلامي باسم البيت الأبيض جوش إيرنست قائلا إن ما ذكره سزبين هو "انعكاس حقيقي حول رأي الإدارة" بالرئيس الروسي. ورد لافروف على ما جاء في كلام إيرنست، متهما إدارة الرئيس أوباما "بزيادة التوتر وبطريقة مقصودة".
ويعلق التقرير بأن تصريحات سزبين تعكس قلقا واسعا داخل إدارة الرئيس أوباما، خاصة مسؤولي الأمن القومي، من أن كيري قد تجاوز الحدود في تقديمه تنازلات للافروف؛ لمنع محادثات السلام من الانهيار قبل أن تبدأ.
ويبين الموقع أن النقطة المحورية بالنسبة لمسؤولي وزارة الدفاع في كانون الأول/ ديسمبر، جاءت عندما خرج كيري من اجتماعه مع كل من بوتين ولافروف في
روسيا، وقال إن واشنطن تخلت عن فكرة "تغيير النظام" في دمشق، مشيرا إلى أنه نظر للتصريح على أنه إذعان للمطالب الروسية، خاصة أن موسكو التزمت بالحفاظ على نظام بشار الأسد. ووصف مسؤولو البنتاغون كيري بأنه "الكلب المطيع" للافروف، بل وأسوأ من ذلك.
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن تصريحات سزبين لـ"بي بي سي" تبعتها سلسلة من التحركات التي اتخذت ضد مسؤولين في حكومة بوتين، وجاءت هذه المرة من مسؤولين داخل وزارة الخارجية، ففي 29 كانون الثاني/ يناير أصدر النائب الديمقراطي جيم ماكغفرن وعدد من الناشطين في مجال حقوق الإنسان بيانا أثنوا فيه على وزارة الخارجية، التي أضافت خمسة أسماء من المسؤولين الروس إلى قائمة العقوبات، وجاء القرار بناء على مشروع سيرغي ماغنتسكي لمراقبة تنفيذ القانون، الذي ساعد ماكغفرن على تمريره عام 2012، وستكون مهمة فرض العقوبات من عمل سزبين.
ويستدرك الموقع بأن كيري قام بعرقلة إصدار أوامر عقوبات جديدة لأسباب فنية، وهو ما ينظر إليه على أنه تأخير لها وليس إلغاء لها، لافتا إلى أن الحادثين يؤكدان حالة من عدم الارتياح داخل المعسكر الديمقراطي وإدارة أوباما عن التنازلات التي قدمها كيري إلى روسيا، للحفاظ على الأبواب مفتوحة في
جنيف.
وينوه التقرير إلى أن نجاح كيري الدبلوماسي في محادثات مجموعة خمسة +واحد مع إيران، قام على تعاون وثيق مع الروس والصينيين، وجاء على حساب التعاون مع حلفاء الولايات المتحدة الرئيسيين، مثل بريطانيا وفرنسا.
ويقول الموقع إن كيري يستخدم الوصفة ذاتها في جنيف، وربما ذهب أبعد من هذا، فقد غير الاتفاق النووي مع إيران دينامية العلاقات بين أمريكا وحلفائها التقليديين في دول الخليج، التي رأت بقيادة السعودية أن الاتفاق هو عملية تغيير لتحالفات الولايات المتحدة في المنطقة، وأنه ضد مصالح هذه الدول.
وبحسب التقرير، فقد تراجع تأثير واشنطن في دول مجلس التعاون الخليجي وتركيا وإسرائيل، مشيرا إلى أن الوضع سيبقى كما هو حتى تترك هذه الإدارة المنصب في بداية العام المقبل.
ويختم "ميدل إيست بريفنغ" تقريره بالإشارة إلى أن "كيري يعي جيدا هذا التحول، لكنه مستعد للتعايش معه من خلال العمل بشكل قريب مع روسيا، والمبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا. وسيمشي على حبل رقيق إن أراد الحصول على دعم الرئيس أوباما والبنتاغون، وهذا الدعم أصبح مصدر شك".