اتهمت صحيفة "فايننشال تايمز" في افتتاحيتها الرئيس الروسي فلاديمير
بوتين باستخدام محادثات
جنيف غطاء لمواصلة عملياته العسكرية في
سوريا.
وجاء في الافتتاحية: "في الوقت الذي تحاول فيه الأمم المتحدة جمع الأطراف المتصارعة في سوريا؛ للحديث في جنيف، والخروج من الحرب الأهلية التي تمر بها البلاد، وذلك بعد لقاءات عقدتها
روسيا وأمريكا في فيينا العام الماضي، قام الطيران الروسي بدك بلدة الشيخ مسكين، وقتل مئات المدنيين، بالإضافة إلى المقاتلين من المعارضة، فهذه المدينة الإستراتيجية في جنوب البلاد كانت تحت سيطرة المعارضة الرئيسة المدعومة من الغرب. وليس هذا إلا دليلا على الدور الذي يؤديه بوتين كونه مفسد في النزاع السوري".
وتقول الصحيفة إن "فريق المعارضة وصل في النهاية إلى جنيف، بعد أن تعرض لضغوط لإجراء محادثات مع نظام بشار
الأسد، المدعوم من روسيا. ويطالب الوفد بوقف القصف والحصار المستمر والتجويع للمدنيين، الذين يعيشون في المناطق التابعة للمعارضة".
وتعلق الافتتاحية على مبرر روسيا للتدخل في سوريا، بالقول: "ربما تحدثت موسكو عن تهديد
تنظيم الدولة، لكن قواتها في سوريا تقوم باستهداف المقاتلين من غير تنظيم الدولة، الذين كانوا يهددون بقايا دولة الأسد حتى وصول الروس في الخريف الماضي. ويتحدث بوتين عن الطرفين من فمه فقط".
وتشير الافتتاحية، التي ترجمتها "
عربي21"، إلى أنه "منذ أن حول الرئيس الروسي نظره إلى سوريا، فإنه وضع طيرانه والقوات البرية، المكونة بشكل رئيسي من المليشيات التي دربتها إيران، نصب عينيه، وسحق كل قوة موجودة بين الأسد وتنظيم الدولة، اللذين نادرا ما يهاجمان بعضهما البعض. وفي الأسبوع الماضي سيطرت قوات النظام على ربيعة، وهي بلدة كانت بيد المعارضة في قلب الشمال السوري قرب مدينة اللاذقية، بعد أن حولها الطيران الروسي إلى أنقاض. وعليه، فإن أي شيء يقوله الدبلوماسيون الروس يجب أن ينظر إليه من خلال هذا المنظور".
وتقول الصحيفة عن المحادثات، إن "هناك الكثير من العقبات الضخمة التي يجب تجاوزها: من مستقبل الأسد وعشيرته، إلى الجماعات التي يجب أن يكون لها دور في المحادثات، باستنثاء تنظيم الدولة وفرع تنظيم القاعدة في سوريا تنظيم جبهة النصرة. ولكن موسكو وقفت خلف نظام الأسد، وانشغلت بمحو الخيارات كلها باستثناء تنظيم الدولة. وهذه هي حسابات الأسد في عام 2011، عندما قام بعد أشهر من الثورة المدنية ضد 40 سنة من استبداد عائلته، بإفراغ السجون من الجهاديين. ومن هنا فإن تأكيد بوتين أن نظام الأسد العلماني يظل حاجزا ضد الجهاديين ما هو إلا نفاق".
وتفيد الافتتاحية بأن "روسيا ليست المخرب الوحيد، فتركيا القلقة من تقدم المليشيات الكردية السورية عارضت وجودها على طاولة المفاوضات. كما أن السعودية منشغلة أكثر بمكاسب الجماعات المدعومة من إيران، أكثر من تهديد تنظيم الدولة، فقد حمى الحرس الثوري الإيراني ومليشيا حزب الله اللبنانية نظام الأسد حتى وصول الروس".
وتلفت الصحيفة إلى أن "هناك أسئلة حقيقية حول دور الجماعات الإسلامية المقاتلة، مثل جيش الإسلام، المدعوم من السعودية، وجماعة أحرار الشام، المدعومة من تركيا. وترى روسيا وإيران ونظام الأسد أن هذه الجماعات (ذئاب في ثوب حمل)؛ من أجل الحصول على الدعم الغربي".
وتستدرك الافتتاحية بأنه "إذا استمرت موسكو ونظام الأسد في المشي بهذه الطريق، فلن يبقى من سوريا إلا الذئاب، وهذا كله لصالح تنظيم الدولة، فقد دافع عن الشيخ مسكين الجبهة الجنوبية، التي لا تلقى دعما من الغرب بل من روسيا، التي وافقت على قرار مجلس الأمن 2254، الذي يمنع استهداف المدنيين. وعوضا عن ذلك تضيف روسيا أمواجا من اللاجئين، الذين يتدفقون على أوروبا من خلال الفتك بالمناطق المحررة".
وتختم الصحيفة افتتاحيتها بالقول: "يستخدم بوتين جنيف ستارة من أجل مواصلة هجومه، فبدلا من ممارسة البلطجة على أطراف المعارضة من أجل المشاركة في المحادثات، يجب على الولايات المتحدة وحلفائها دعم مطالب المعارضة، الداعية إلى وقف قصف النظام وروسيا للشعب السوري. وستكون جنيف طريقا لفشل ثالث من أجل إنهاء هذه الحرب القاسية".