نشرت صحيفة ميديا بار الفرنسية تقريرا، تناولت فيه مؤشرات تراجع نفوذ
تنظيم الدولة في
العراق وسوريا، بسبب الهجمات العسكرية للقوات العراقية، والجماعات المسلحة المعارضة لتنظيم الدولة في
سوريا، تحت الغطاء الجوي الذي توفره غارات
التحالف الدولي.
وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن استعادة الجيش العراقي السيطرة على مدينة الرمادي، في نهاية شهر كانون الأول/ ديسمبر المنقضي، يعدّ مؤشرا على عودة التوازن للقوات العراقية، إلا أنه لا يمكن اعتباره خسارة استراتيجية بالنسبة لتنظيم الدولة، الذي نجح في تصدير فكره إلى خارج منطقة الشرق الأوسط.
وذكرت الصحيفة أن نتائج الغارات الجوية لطائرات التحالف الدولي على مواقع تنظيم الدولة في العراق منذ أشهر، بدأت تؤتي أكلها، من خلال تراجع نفوذ التنظيم في عدة مناطق عراقية، وانتقاله إلى وضعية "دفاعية" تحت تأثير الضربات الموجعة لطائرات ميراج 2000 الفرنسية، المتمركزة في الأردن.
وأضافت الصحيفة أن خسائر تنظيم الدولة لم تنحصر في الحدود العراقية، حيث تمكنت القوات الكردية في شهر تموز/ يوليو من سنة 2015، من السيطرة على مدينة تل الأبيض الاستراتيجية التي تعدّ نقطة العبور الرئيسية لإمدادات تنظيم الدولة في سوريا.
واعتبرت الصحيفة أن الدعم العسكري والعمليات النوعية التي قامت بها القوات الأمريكية في سوريا والعراق، سواء عن طريق الطائرات الحربية والطائرات دون طيار، أو تلك التي نفذتها الفرق الأمريكية الخاصة، ساهمت جميعها في إرباك تنظيم الدولة، من خلال القضاء على قادة بارزين، يعتمد عليهم التنظيم في نشاطات الدعاية والتمويل.
وذكرت الصحيفة أن الانتصارات التي حققها التحالف الدولي، والتي تجسدت على أرض الواقع من خلال سيطرة القوات الكردية على مناطق شاسعة، من بينها منطقة سنجار الاستراتيجية في العراق، لا زالت مهددة بالانتكاس، بسبب التوتر الشديد بين حزب العمال الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني.
أما في مدينة الرمادي، فإن الحكومة العراقية نشرت قواتها في شوارع المدينة، لطمأنة المواطنين وضمان دعم القبائل السنية المهيمنة على مدينة الرمادي، كما قامت بنشر 500 عنصر ينتمون للقبائل السنية بعد تدريبهم وتسليحهم من طرف الولايات المتحدة.
وأضافت الصحيفة أن مدينة بيجي التي تمكنت القوات العراقية من استعادتها بعد المواجهات العسكرية العنيفة خلال الأشهر الأخيرة من سنة 2015، لا زالت في حاجة لموارد مادية ولوجيستية هائلة، ما يعني أن المصفاة النفطية في بيجي التي توفر حوالي نصف الاحتياجات العراقية من المشتقات النفطية لا زالت في حاجة لأشهر عديدة قبل أن تستعيد نشاطها.
واعتبرت الصحيفة أن القوات العراقية والمجموعات السنية والشيعية المسلحة المنتشرة في الأراضي العراقية، استفادت من الضربات الدقيقة لطائرات التحالف الدولي، التي نفذت أكثر من تسعة آلاف غارة جوية منذ بداية العمليات الجوية المشتركة.
وذكرت الصحيفة أن تنظيم الدولة خسر مناطق شاسعة في العراق وسوريا؛ حيث صرح وزير الدفاع العراقي بأن نفوذ التنظيم تراجع من 40 إلى 17 في المئة في كانون الأول/ ديسمبر من سنة 2015، وهو ما أكده الرئيس الأمريكي باراك أوباما في خطابه الذي ألقاه في البنتاغون.
أما في سوريا، فقد استفادت قوات النظام والمجموعات الكردية المسلحة من الدعم الجوي الروسي؛ لدحر تنظيم الدولة في مناطق مختلفة في الشمال الغربي لسوريا وقرب محافظة حلب.
وأضافت الصحيفة أن التدخل العسكري الفرنسي يبدو أكثر وضوحا في سوريا، وتحديدا في محافظة الرقة، في الوقت الذي ينحصر فيه تأثير الولايات المتحدة الأمريكية في المجال الجوي العراقي، حيث نفذت الطائرات الحربية الفرنسية رافال وميراج أكثر من 400 غارة جوية في مناطق متفرقة من سوريا منذ بداية التدخل الجوي الفرنسي في أيلول/ سبتمبر من سنة 2015.
واعتبرت الصحيفة أن المؤشرات حول الصراع السوري تدعم فرضية تراجع تنظيم الدولة في سوريا، رغم محاولته التستر على نتائج الضربات الجوية الروسية والفرنسية من جهة، والتدخل البري لقوات النظام من جهة أخرى. ورأت أن تنظيم الدولة أصبح يشعر بالتهديد في "عاصمته" الرقة، وهو ما دفعه لدعم انتشار قواته حول المدينة، بالإضافة إلى تسليح عناصر نسائية وحفر أنفاق لتسهيل تحركات قادة التنظيم.
وذكرت الصحيفة أن تنظيم الدولة اضطر إلى تغيير استراتيجيته التوسعية في سوريا والعراق؛ حيث يسعى إلى توسيع نفوذه في المناطق السنية للاستفادة من دعم القبائل السنية في منطقة الشمال الغربي للعراق، وفي المناطق الممتدة على جانب نهر الفرات في سوريا.
وأضافت الصحيفة إن المؤشرات حول الصراع في العراق وسوريا تؤكد تضرر تنظيم الدولة، لكن ذلك لا يعني أن الخسائر التي تكبدها التنظيم تعني اضمحلاله، أو تؤشر على بداية انهيار القوة العسكرية التي تضم في صفوفها قرابة 30 ألف مقاتل.
وقالت إنه ربما يكون تنظيم الدولة انتقل تحت تأثير الضربات الجوية الموجعة والعمليات البرية النوعية من وضعية هجومية إلى أخرى "دفاعية"، إلا أن التنظيم لا زال يمثل القوة العسكرية القادرة على تنفيذ هجمات نوعية في سوريا والعراق، كما في الدول الأوروبية، بفضل مصادر التمويل الضخمة والشبكة المعقدة من الموالين له حول العالم.
واعتبرت الصحيفة أن العمليات العسكرية وحدها لا يمكن أن تؤثر على القدرة الهائلة للهيكل الإعلامي للتنظيم، الذي ساهم في استقطاب آلاف العناصر من المقاتلين الأجانب، بفضل الحملة الدعائية الضخمة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي الختام، أشارت الصحيفة إلى أن استهداف تنظيم الدولة عن طريق الضربات الجوية للقوات الدولية في سوريا والعراق، لم يمنع سقوط ضحايا في صفوف المدنيين، خاصة أن التنظيم كان يستغلهم كدروع بشرية، كما تقول الصحيفة.