تعد
زيارة الرئيس
الصيني تشي جين بينغ إلى المنطقة، الأولى من نوعها، التي بدأت اليوم بوصوله إلى
السعودية، وتشمل كلا من مصر وإيران.
وتقول صحيفة "فايننشال تايمز" إن زيارة المسؤول الصيني الأولى للمنطقة تمثل تحديا لموازنة العلاقات الدبلوماسية الحساسة بين بلده ودول المنطقة، التي تعيش مرحلة من التوتر، خاصة
إيران والسعودية، مشيرة إلى أن الدور الصيني في المنطقة بدا واضحا من خلال غيابها في السنوات الماضية، فقد كانت آخر زيارة لرئيس صيني قبل سبعة أعوام. وتم تأجيل زيارة جين بينغ إلى السعودية العام الماضي، وسط الحملة السعودية على اليمن.
ويشير التقرير إلى أن إشاعات سادت هذا العام بأن زيارة الرئيس ستلاقي المصير ذاته؛ بسبب التوتر السعودي الإيراني، بعد إعدام رجل الدين الشيعي نمر النمر، وقطع العلاقات الدبلوماسية بعد الهجوم على السفارة السعودية في طهران.
وترى الصحيفة أن وصول الرئيس الصيني اليوم إلى الرياض يمنحه فرصة للتوسط بين البلدين. ويقول الدبلوماسيون إن الزيارة ستمتحن علاقات بيجين مع البلدين، وشهية الصين لأداء دور إقليمي، حيث أكدوا أن التوقيت لم يكن مقصودا. وسيزور جين بينغ القاهرة وطهران، وسيغادر المنطقة يوم الجمعة.
ويعلق التقرير بأن بيحين قللت من أي فرصة لقيام المسؤول الصيني الكبير بأداء دور عراب بين البلدين، أو أن يحاول كسر التوتر في العلاقات الدبلوماسية بينهما. وقالت وكالة الأنباء الرسمية الصينية إن الزيارة ستكون فرصة نادرة لأن تدعو الصين إلى التهدئة وضبط النفس من كلا الجانبين.
وتلفت الصحيفة إلى أن نائب وزير الخارجية الصيني تشانغ مينغ تجنب الإجابة عن سؤال يتعلق بإمكانية أداء الرئيس الصيني دورا لجسر الهوة بين السعودية وإيران، وقال: "فيما يتعلق بمشكلات المنطقة، فقد اتخذت الصين دائما موقفا متوازنا وعادلا".
وينوه التقرير إلى أن الصين تحتفظ بعلاقات اقتصادية كبيرة مع الدول الثلاث، وتعد السعودية المصدر الأكبر للنفط، فيما تمتلك الصين فرصة للاستثمار في إيران بعد رفع العقوبات.
وتنقل الصحيفة عن تشاو داوينونغ من جامعة بيجين قوله: "لا تريد الصين أن تضيع فرصة بناء علاقات جيدة بالنسبة لفرص الاستثمارات الجديدة في إيران". مشيرة إلى أن الصين كانت أكبر مستورد للنفط الخام منذ وضع العقوبات على تصدير النفط الإيراني في عام 2011، وقال الرئيس حسن روحاني في نهاية الأسبوع إن المؤسسة الإسلامية "لن تنسى الأصدقاء الذين ساعدونا" أثناء الحصار.
ويورد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، نقلا عن نائب مدير الغرفة التجارية الإيرانية الصينية ماجد رضا حائري، قوله إن رفع العقوبات يعني فرصة لتوسيع العلاقات التجارية بين البلدين. وأضاف: "لدى إيران علاقات تجارية مع الصين في الوقت الحالي، ولكن نتوقع مشاهدة الاستثمارات الصينية في مشاريعنا للبنى التحتية".
وتابع حائري قائلا: "نحن بحاجة إلى ما بين 30 إلى 50 مليار دولار في الاستثمارات السنوية، وجزء كبير من هذا المبلغ أمنته الصين لهذه القطاعات، مثل الطرق والسكك الحديدية والنقل الجوي والزراعة والصناعات البيتية والنسيج والرخام".
وتذكر الصحيفة أن رجال الأعمال أقل تحمسا، حيث قالوا إن الشركات والبنوك الصينية قد عاقبتهم، وطلبت منهم عمولات عالية، وأخرت تسليمهم البضائع، عندما لم يكن لديهم أي خيار سوى شراء المنتجات الصينية.
ويفيد التقرير بأن مصر بلد يعول على الدعم الصيني في وقت يعاني اقتصادها من الترنح؛ بسبب ضعف العملة الأجنبية والهجمات الإرهابية المستمرة، التي أثرت على قطاع السياحة المصري.
وتنقل الصحيفة عن السفير المصري في الصين مجدي عامر، قوله في تصريح للصحيفة المملوكة من الدولة "الأهرام"، إن الصين ستوقع عقدا تقرض فيه مصر مليار دولار؛ لدعم احتياط مصر من العملة الأجنبية، وستفتح حسابا في البنك الوطني بقيمة 700 مليون دولار أمريكي لتمويل مشروعات أخرى.
وأضاف عامر أن المفاوضات متقدمة في عدد من المشاريع الصينية الأخرى، مثل قطاع النقل والبناء والطاقة، مشيرا إلى أن الزيارة ستشهد الإعلان عن عام من النشاطات الثقافية الصينية، وتشجيع السياحة الصينية في مصر.
وبحسب التقرير، فإن البعض يعتقدون أن الصين، التي تواجه تحديات مع الولايات المتحدة في بحر الصين وتايوان، لا ترغب بفتح جبهة تتحدى فيها التأثير الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط، بل وعلى العكس، فهي راضية بترك القيادة الأمريكية في المنطقة.
وتورد الصحيفة نقلا عن مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة بيجين وانغ سوالو، قوله: "لا تريد الصين أبدا أن تحل محل الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، الصين ليست المخلص للشرق الأوسط".
وينقل التقرير عن مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية في واشنطن جون ألترمان، قوله إن استراتيجية بيجين تبحث عن التوازن، ولا تقوم على دعم أي طرف، أو التدخل في سياسة المنطقة المعقدة.
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول ألترمان إن الصينيين "يريدون إيران لتجنب الاعتماد المفرط على السعودية، ويريدون السعودية لتجنب الاعتماد المفرط على إيران، وهي استراتيجية قائمة على تنويع تجنب المخاطر، ولا تقوم على الوقوف مع منتصرين، بل على تحسين الصورة".