نشرت صحيفة دير شبيغل الألمانية حواالشباب را مع رئيس الوزراء
الإسرائيلي السابق شمعون بيريز؛ الذي قال إن انعدام الأمل هو سبب قيام
الفلسطيني بانتفاضة السكاكين، وشدد على أن حل الدولتين هو أفضل طريقة لإحلال
السلام وإنهاء دوامة العنف، منتقدا سياسة رئيس الوزراء الحالي
نتنياهو التي أدت لوفاة مسار السلام.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن إسرائيل تواجه منذ عدة أشهر ثورة غضب الشبان الفلسطينيين، الذين يقومون بهجمات طعن ضد المستوطنين بشكل يومي؛ لأنهم بكل بساطة لم يعد لديهم ما يخسروه تحت الاحتلال، كما تقول الصحيفة.
وأضافت الصحيفة أنه بعد 10 سنوات من حكم نتنياهو، يبدو أن مسار السلام قد وصل لطريق مسدودة، بسبب سياسات الحكومة اليمينية المتطرفة والوزراء الذين أعلنوا صراحة رفض هذا المسار.
وذكرت أن الحصار الخانق على قطاع غزة والأزمة الاقتصادية في الضفة الغربية تسببا بتصاعد موجة العنف، والتي يقابلها في الجانب الآخر أيضا اعتداءات المستوطنين الإسرائيليين على الفلسطينيين في القدس والضفة الغربية، والتي كان أفظعها جريمة حرق عائلة "الدوابشة" في دومة.
وحول موضوع العنف، اعتبر بيريز أن
انتفاضة السكاكين هي بمثابة ثورة ضد الوضع القائم؛ لأن الشباب الفلسطيني يشعر بأن العالم اليوم مهتم بقضايا أخرى مثل الإرهاب ولم يعد ينظر لقضيته، والحل الوحيد اليوم هو استئناف العمل على حل الدولتين بدل مواصلة الحكومة الإسرائيلية في تعنتها وإصرارها على تجاهل الأسباب الحقيقية لموجة العنف الحالية، التي لا تجيب عليها هذه الحكومة إلا بعمليات القتل.
وذكرت الصحيفة أن الرئيس الإسرائيلي الحالي، روفين ريفيلين، يتلقى تهديدات بالقتل من قبل اليهود المتطرفين؛ لأنه عبر عن تعاطفه مع سكان قطاع غزة، كما أن الجمعيات الحقوقية الإسرائيلية أيضا تتعرض لهجوم عنيف، ولكن بيريز فضل عدم التعليق على هذه المسألة، واكتفى بالتعبير عن أسفه والدعوة للوقوف ضد هذه الممارسات.
وحذر بيريز من أن المناخ السياسي في إسرائيل يشبه لحد كبير ما كان عليه قبل اغتيال رئيس الوزراء السابق إسحاق رابين، ولكنه أكد في الآن ذاته على أن تهديدات اليهود المتطرفين الرافضين للسلام يجب ألا تثني السياسيين على القيام بخطوات جريئة.
وقالت الصحيفة إن إسرائيل تواجه انقساما، وتعصف بها مشاعر الكراهية والخوف وانعدام الثقة بين مواطنيها، ولكن بيريز أكد أن هذه الفترة هي مرحلة انتقالية، ستأتي بعدها حالة استقرار بعد تحقيق حل الدولتين الذي لا بديل عنه.
كما أقر بيريز بأن الحكومة اليمينية المتطرفة لا تقوم بأي مساع نحو هذا الحل، بل أن بعض الوزراء تحدثوا بصراحة عن معارضتهم له، ولكنه قال إن الحكومات لا يتم انتخابها لتبقى للأبد، فهي مؤقتة وسيأتي يوم وترحل وتأتي حكومة أخرى تؤمن بهذا الحل.
وانتقد بيريز سياسات نتنياهو، وقال إنها خلال 10 سنوات لم تجلب غير المشكلات، ولكن إسرائيل لا يمكنها أن تتحمل العزلة التي تعاني منها الآن، ولذلك عليها التوقف عن سياسات التمييز والالتفات للسكان الذين يعيشون في ظروف اجتماعية صعبة، وفق قوله.
أما عن تواصل المشاريع الاستيطانية في الأراضي المحتلة، فقد اعتبر بيريز أن هذا لا يمثل عائقا حقيقيا أمام حل الدولتين؛ لأن هنالك عربا يعيشون في إسرائيل ولذلك يمكن في المقابل القبول بعيش مائة ألف يهودي إسرائيلي في الدولة الفلسطينية، إذا كانت هناك إرادة حقيقية للسلام.
وأكد بيريز أن لا أحد من الأطراف المعنية سيقبل بالمبادرة التي اقترحها بنيامين ناتنياهو خلال زيارته الأخيرة للولايات المتحدة، والتي قدم فيها حل "الدولة ونصف" بدل حل الدولتين، والمتمثل في دولة فلسطينية منزوعة السلاح، ويسيطر عليها بالتالي القوات الإسرائيلية.
كما أشار بيريز أيضا إلى أن قواعد الصراع في العالم بصدد التغير، حيث كانت الدول في الماضي تخوض الحروب من أجل احتلال المزيد من الأراضي لاكتساب القوة والمناعة، ولكن هذا الصراع على الأرض لن يكون ضروريا في المستقبل؛ لأن قوة الجيوش ستقاس بالقدرات العلمية والتقنية، وهو ما سيمكن دولا وجيوشا من التفوق رغم صغر حجمها.
وحول موضوع "الإرهاب" الذي يواجهه العالم، فقد اعتبر بيريز أن النظام العالمي تغير في السنوات الأخيرة، حيث فقدت السياسة دورها وأصبحت الشركات العابرة للقارات هي التي تسيطر من خلال ما تملكه من أموال وموارد وقدرات. وفي هذا العصر الجديد، فإن هذه الشركات الكبرى مطالبة بالعمل على مكافحة الإرهاب تماما كالدول؛ لأن الحل الحقيقي ليس في القنابل والطائرات، بل في معالجة أسباب تفشي ظاهرة الإرهاب، وهي الفقر والجهل والظلم.
وفي شأن العلاقة مع الدول العربية، فقد عبر بيريز عن آمله بأن تتحسن العلاقة معها، خاصة وأن منطقة الشرق الأوسط يوجد فيها حوالي 400 مليون شخص، 60 في المئة منهم تحت سن الخامسة والعشرين، وهؤلاء هم من تأمل إسرائيل في تطبيع العلاقات معهم.