كتبت كادي عبد الله في صحيفة "الغارديان" أنها ذهبت لحضور تجمع لحملة
ترامب الانتخابية، بعد أن رأت كيف كانت ردة الفعل أمام حضور روز حميد لمثل ذلك التجمع يوم الجمعة في جنوب كارولاينا، وتقول: "قد يستغرب البعض كيف استطعت حضور التجمع، بينما كنت ألبس حجابا برتقاليا فاقعا، وأحمل مصحفا كبيرا، أو حتى ما الذي دفعني للذهاب أصلا".
وتقول الكاتبة: "ذهبت لأنني كنت أعتقد أن روز حميد كانت محقة؛ فمن المهم أن نحتج بشكل سلمي لدعم القضايا المحقة، حتى لو تمت مواجهتنا بالتهديد الجسدي واللفظي. ومن المهم أن نعطي الناس الذين ربما لم يقابلوا في حياتهم مسلما أو يتعاملوا معه، فرصة لمقابلته، والتعلم عن الإسلام من شخص يمارس تعاليمه. ومهم أيضا، في وقت يواجه فيه الكثير مثلي تمييزا وكراهية في حياتنا اليومية، أن نكون مؤدبين وحاضرين، ويمكن رؤيتنا عندما نكون نحن موضوع الخطابات السياسية".
وتضيف عبد الله: "لم يحصل لي شيء في التجمع؛ كانت هناك بعض الحملقة وبعض النظرات المحتقرة، ولكن لم تكن هناك معاملة غير مهذبة. تحدثت مع عدد من الناس الطيبين، وتبادلنا خطابا غنيا بالمعلومات والموضوعية، كما يجب أن نتوقع ذلك في نشاط سياسي. والأمر الجيد أن البلطجية، الذين شكلوا جزءا من تجمعات حملة ترامب الانتخابية، كانوا غائبين، أو أنه قد صدمتهم رؤيتي، لدرجة أنهم لم يقولوا لي شيئا بشكل مباشر".
وتتابع قائلة: "قبل نهاية هذا الأسبوع، لم أكن قد قمت بأي عمل احتجاج، وكنت سعيدة بألا أحضر أي تجمع لحملة ترامب. ولكن ما قامت به روز حميد شجعني بأن يراني الناس الذين يقول عنهم الإعلام إنهم يكرهونني، وأن أكون موجودة لتنويرهم".
وتواصل الكاتبة بالقول: "قمت بالبحث في جدول ترامب للخطابات، ووجدت أنه كان سيتحدث في ريونو نيفادا (على بعد أربع ساعات قيادة من مكان إقامتي)، وأنزلت تذكرة من الإنترنت، وركبت سيارتي، وتوجهت إلى هناك".
وتقول عبد الله في التقرير، الذي ترجمته "
عربي21": "قدت سيارتي ليلا في عاصفة ثلجية ووسط تشكل الضباب، ولكني وصلت بأمان، وتمكنت من الوصول إلى مكان التجمع بعد فتح الأبواب بربع ساعة، وكان الطابور وصل إلى خارج البناية. الكثير من الناس في الطابور كانوا بعد أن يلحظوني ينظرون مرة ثانية ليتأكدوا، وبعضهم كان يدير رأسه لينظر إلي نظرة بلهاء، ولكن سمح لي أن أقف في الطابور وأنتظر، بينما قام بعض البائعين بعرض بعض البضائع المتعلقة بحملة ترامب".
وتصف الكاتبة قائلة: "كان أكثر عمل استفزازي واجهته في بداية ساعة الانتظار هو أن أحد البائعين لاحظني فأتى مباشرة إلى المنطقة التي أقف فيها، ونادى بأعلى صوته أنه يبيع قمصان طبع عليها (اقصفوا
تنظيم الدولة إلى الجحيم)، (واضح أن الرغبة في قتل الناس تعد تقليعة عصرية في حملات ترامب). ونظر مباشرة إلي ليرى كيف يكون رد فعلي، فنظرت إليه وهززت رأسي وابتسمت، ثم عدت إلى قراءة القرآن، بينما انتظرت بصبر أن أتفاعل مع شخص في حوار متحضر".
وتضيف عبد الله: "حضرت تجمع الأحد بهدف أن أتعلم، وكنت على أمل بأن أعلم الآخرين. لم أذهب لأصرخ في وجه مؤيدي ترامب، بغض النظر عن قوة مشاعري تجاه ما يدعونه، وكانت تجربة جيدة أن أسمع آراء ترامب ومؤيديه لأكثر من المدة، التي تقدر بعدة ثواني، التي تعتمد عليها شعارات الحملة".
وتصف الكاتبة مؤيدي ترامب بأنهم "أناس وليسوا صورا كرتونية، وهم يشعرون بالتهميش الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، ويرون عالما يختلف عن العالم الذي يعتقدون أنه أجدر بالوجود. وكثير من غير المؤيدين لترامب قلقون أيضا تجاه المشكلات الاقتصادية والسياسية التي تواجه العالم، وما لذلك من أثر على وجود مستقبل راسخ لأطفالنا".
وتعلق عبد الله قائلة: "ما يميزني عن كثير من مؤيدي ترامب الذين قابلتهم خلال نهاية الأسبوع، هو أن قلقهم بالنسبة لمستقبلنا قادهم إلى الشعور بحاجة ملحة إلى النظر إلى مشكلاتنا على أنها خطأ طرف آخر".
وتشير الكاتبة إلى أن "ترامب ومؤيديه ينظرون إلى أن الدول الآسيوية (أغرقت) أمريكا بمنتوجاتها، وتسببت تقريبا بإفلاس البلد؛ بسبب العجز في التبادل التجاري. والمكسيك لا تبقي اللاجئين غير الشرعيين، والمسؤولين عن مشكلات المخدرات في أمريكا في جانبها من الحدود، بينما
المسلمون طبعا كانوا دائما يحاربوننا، ويأتون من بلاد يقطنها ناكرون للجميل، يرفضون دفع تكاليف الحروب التي بدأناها لأجلهم".
وترى عبد الله أنه "لا يمكن حل مشكلة العجز في التبادل التجاري بمنع البضائع الآسيوية الرخيصة التي يستهلكها الأمريكيون بكل رضا. والمكسيك لن تدفع ثمن بناء جدار لنا. ولن يقف بقية العالم مكتوف الأيدي، بينما تضع أمريكا يدها على حقول النفط في العراق، وتسيطر على جزء مهم من إمدادات النفط في العالم".
وتستدرك الكاتبة قائلة: "ولكن مؤيدي ترامب يحبونه بسبب مقترحاته الفظيعة، التي تعطيهم إحساسا بالتمكين والسيطرة، وعدم تحديده يسمح لكل شخص بأن يسمع ما يريد سماعه".
وتعتقد عبد الله أن "الشعبية المتزايدة لمثل هذه الأنشطة تظهر حقيقة أن مؤيدي ترامب، وهم أنفسهم الذين كانوا مؤيدين لحزب الشاي ومرشحيه السابقين مايكل باكمان وسارة بلين أو أي عدد من السياسيين الآخرين، استخدموا الخطاب ذاته مثل ترامب، وسواء فاز ترامب أو خسر، سيبقى هناك مؤيدون يحلمون بقائد (يعيد لأمريكا أمجادها ثانية)".
أما عن نفسها فتقول الكاتبة: "الناس مثلي لا يمكنهم أن يأملوا بأن ينفض مؤيدو ترامب أخيرا، ولا يمكن لنا أن نستمر في التفكير بأنهم لا يمثلون سوى شريحة هامشية، وأن مرشحيهم لا يمكن أن ينتخبوا لمواقع رئيسة في الحكومة، بل نحتاج لأن نراهم ونستمع إليهم ونختلف معهم باحترام. نحتاج كوننا أمريكيين أن نبدأ في الحديث مع بعضنا البعض، وليس ضد بعضنا البعض".
وتلفت عبد الله نظر القارئ قائلة: "اعتبرت نفسي ضيفة في تجمعهم، واعتبرت أن واجبي هو أن أكون ضيفة جيدة، وفي المقابل شعرت أنهم مضيفون جيدون. وسواء تفاعلوا معي مباشرة أم لم يفعلوا، اضطر كثير منهم للاعتراف بوجود شخص يختلف معهم، ولكن لا تنطبق عليه الصورة النمطية بأنه شخص كريه".
وتجمل الكاتبة التجربة بالقول: "ما فعلته كان مخاطرة، فقد جذبت حملة ترامب حركات كثيرة تعاني من نصيب وافر من مثيري المشكلات، وعدد البلطجية الذين آذوا المعارضين كان قليلا، ولكنهم جزء حقيقي من القومية المتطرفة التي يجذبها خطاب، مثل خطاب ترامب".
وتخلص عبد الله إلى أن "الأمر كان في نظري يستحق المجازفة؛ لأظهر لهم أن مخاوفهم من المسلمين غير حقيقية، كان يهمني أنسنة المسلمين لهم، وكان مهما بالنسبة لي أن اعترف بإنسانيتهم أيضا".