شن كُتاب وإعلاميون وسياسيون
مصريون من الداعمين للانقلاب العسكري - الذين طالما أثنوا على الموقف السعودي في مساندته - حملة ضارية على "التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب"، الذي أعلنته
السعودية نفسها، الاثنين، بمشاركة 34 دولة، بينها مصر.
وقال بعضهم إنه "إذا كان الهدف من التحالف هو التدخل في سوريا فهذا أمر لا يتفق مع مصر".
وزعم بعضهم الآخر أن أمريكا تقف وراء قيام التحالف، لإشعال المنطقة بحروب سنية - شيعية، مدعين أن التحالف الجديد ينهي قيام "القوة العربية المشتركة"، على الرغم من عدم تشكل هذه القوة أصلا حتى الآن.
واعتبروا أن مشاركة مصر في التحالف تهديد لأمنها، ويضعها في مواجهة موسكو وطهران، فضلا عن أنه سيؤدي إلى سقوط السعودية ومنطقة الخليج، وفق وصف أحدهم.
مكرم: التدخل في سوريا لا يتفق مع مصر
وفي البداية، اتهم نقيب الصحفيين الأسبق، مكرم محمد أحمد، السعودية، صراحة، بأنها وضعت الجميع في موضع المتفاجئ بمشروع غير واضح، متسائلا: "ما مصير اتفاقية الدفاع العربي المشترك، بعد تأسيس هذا التحالف؟".
وقال في مداخلة هاتفية على قناة "المحور"، الثلاثاء: "نرجو أن نفهم من السعودية لماذا نفضوا أيديهم من الحلف العربي إلى حلف إسلامي؟"، مطالبا السعودية بتفسير أهداف التحالف، كما طالب مصر بالتريث قبل الانضمام إليه.
وفي مداخلة هاتفية أخرى مع برنامج "الحياة اليوم"، عبر قناة "الحياة"، الثلاثاء، انتقد "مكرم" فكرة تكوين
التحالف الإسلامي العسكري، قائلا إن "الدول الموجودة في التحالف ليس لديها أي رابط مشترك سوى انتمائها للدين الإسلامي، وهذا أمر غير كاف"، بحسب تعبيره.
وشدد على أن الدول المشاركة في التحالف ليس لديها تعريف واحد للإرهاب، متابعا: "هل يمكن لمصر وتركيا التدخل عسكريا في بلد واحد مثل سوريا؟".
وقال إن التحالف يثير أسئلة وألغازا كثيرة، لأن الأهداف الخاصة بكل الأطراف مختلفة، مضيفا: "سيكون هناك صعوبات وخلافات شديدة جدا أمام التدخل في كل دولة"، مشيرا إلى أنه كان من الأفضل أن يتم تشكيل قوة عربية مشتركة، وليس إسلامية، كاشفا أن مصر انضمت إلى التحالف فقط من أجل الحفاظ على مصالحها مع السعودية، حسبما قال.
إدريس: ترجمة لدعوات أمريكية إسرائيلية
من جهته، شن مستشار مركز "الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية"، الدكتور محمد السعيد إدريس، هجوما عنيفا على التحالف، وقال إن مشاركة مصر فيه يهدد أمنها، ومصالحها، على حد قوله، لصحيفة "الشروق"، الثلاثاء.
ودعا المسؤولين إلى الإعلان عن أسباب المشاركة في التحالف، الذى وصفه بأنه "يدعم منظمات إرهابية"، مضيفا أن التحالف يأتي في إطار الحرب الإسلامية - الإسلامية بين السعودية وإيران، بما يكرس الدعوة الأمريكية - الإسرائيلية لتأسيس تحالف سني تقودانه، ويضم الدول العربية السنية "المعتدلة"، صديقة إسرائيل، التي لها موقف "معتدل" من الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية، في مواجهة الحلف "الشيعي" الذى تقوده روسيا، وإيران.
وزعم أن تشكيل التحالف يأتى ترجمة لدعوات أمريكية - إسرائيلية، على غرار حلف شمال الأطلسي، فإسرائيل "على علاقة تنسيق أمني مع الدول العربية السنية، وتتعامل مع إيران كعدو أساسي لها، وللدول العربية السنية، من منطلق أن إسرائيل ليست عدوة للدول العربية، خاصة التي لم تعد تضع القضية الفلسطينية كشرط على علاقتها معها"، وفق وصفه.
وزاد إدريس: "انضمام مصر لهذا التحالف خطر على المصالح المصرية والأمن المصري، ويضعها في صراع يجب ألا تكون فيه، حيث يتعارض مع مصالحها وأمنها الوطني، علما بأن المنظمات المدعومة من السعودية وقطر وتركيا في سوريا، منظمات إرهابية تنخرط في صراع يهدد بتقسيم سوريا"، وفق قوله.
واستطرد أن التحالف "مذهبي برداء سياسي"، وعلى مصر ألا تشارك فيه من واقع دورها كموحدة للعالم الإسلامي، وحتى لا تدخل في صراع ضد الحلف الآخر المتمثل في إيران وروسيا، والأخيرة أكبر داعم لمصر اليوم، وفق قوله.
وشدد على "عدم وجود أية مصلحة لمصر في المشاركة في التحالف"، قائلا: "على المسؤولين أن يتحدثوا على أي أساس قرروا المشاركة التى تتعارض مع السياسة المعلنة لمصر، وضد التوجه في العلاقات المصرية - الروسية"، بحسب "الشروق".
عسكريون: التحالف إعلان بإيعاز أمريكي
أما مدير مركز الدراسات الاستراتيجية وأخلاقيات الاتصال، سعد الزنط، فقال إن التحالف هو إعلان تم بإيعاز وقرار أمريكي يهدف إلى مجموعة من الأهداف أولها زيادة الصراع في المنطقة، واشتعالها بحرب سنية - شيعية من أجل سوق السلاح الأمريكية، واستنزاف المملكة اقتصاديا، وإشهار إفلاسها، وبالتالي إسقاطها.
وأضاف أن هذا التحالف معناه قيام السعودية والخليج، وهذه الدول، بحرب مع إيران، وبالتالي أيضا روسيا في سوريا، ومن هنا تكون حربا سنية مع روسيا والفرس، وبالتالي فإن هذا التحالف من أهم أهدافه فك التحالف المصري الروسي، خاصة، وبالتالي تفقد مصر أهم وأقوى حليف، وهو روسيا.
وأضاف أن هذا الحلف يعني انتهاء مشروع القوة العربية المشتركة، ووقفه تماما، وانتهاء مجلس التعاون الخليجي، وما كان يطمح إليه الخليج من قوات خليجية تحت مسمى "درع الجزيرة"، وذلك بحسب صحيفة "الدستور"، الأربعاء.
من جانبه، قال الخبير الاستراتيجي، وعضو مجلس الشعب، اللواء سلامة الجوهري إن أكثر الأمور التي تدعو للقلق هي مشاركة قطر وتركيا أكبر الدول الداعمة والراعية للإرهاب في المنطقة، مضيفا أن هذا التحالف يهدف إلى تقسيم المنطقة مذهبيا من أجل حرب عربية - فارسية تخطط لها أمريكا.
وصرح الخبير الاستراتيجي، اللواء أسعد تمام، بأن التحالف هو تحالف بقرار أمريكي بامتياز لأن هذا التحالف يعني توصيل رسالة لروسيا وإيران بأن هذا الحلف "سني مكون ضدكم"، وضد التحالف الروسي لمواجهة إرهاب تنظيم الدولة في سوريا.
وأضاف - حسبما نقلت عنه "الدستور" - أنه "بالتالي فإن الدول المشاركة في التحالف الإسلامي تعلن الحرب ضد روسيا وإيران أي أن أمريكا تسعى لحرب جديدة في المنطقة سنية - شيعية تستنزف كل القوى في المنطقة، وعلى رأسها مصر والخليج لصالح إسرائيل".
واستطرد أن هذا التحالف يستهدف استنزاف ما تبقى من أموال واحتياطي استراتيجي لدى المملكة لإسقاطها اقتصاديا، وبالتالي سقوطها بالكامل، ولو سقطت المملكة سيسقط الخليج بأسره، وبالتالي فإن مصر ستكون فقدت كل حلفائها الرئيسين سواء الخليج أو روسيا، على حد قوله.
11 ملاحظة على التحالف الإسلامي العسكري
من جهته، قال عماد الدين حسين، تحت العنوان السابق، بجريدة "الشروق"، الثلاثاء، إن التحالف تم فجأة، ما يعني أن عامل السرعة، كان حاسما، من دون دراسة كافية، وهي نقطة في غاية السلبية، وفق وصفه.
وأضاف أن معظم الدول المشاركة في التحالف هامشي من ناحية القوة العسكرية، وأن من بين الموقعين دول لا توجد لديها قوات بالمرة كفلسطين، والصومال، واليمن، وليبيا المقسمة، على حد وصفه.
وأردف: "التحالف يضم الدول السنية بالأساس، فالخشية أن يفهم البعض هذا التحالف باعتباره سنيا ضد الشيعة، كما أنه جاء بعد تأكيدات أمريكية رسمية متتالية بضرورة تشكيل تحالف إسلامي - سني لمحاربة داعش، وأنه لم يصاحب الإعلان عنه أي تفصيلات عن طبيعته، وآليات عمله".
واستكمل: "التحالف قد يعنى عمليا إجهاض القوة العربية المشتركة"، متسائلا: "هل هذا التحالف العسكري مرتهن فقط بالقضاء على داعش فقط أم أنه مستمر؟ وهل يمكن لهذة القوة الجديدة أن تحارب داعش والقاعدة في اليمن والقاعدة، ثم يتطور الأمر إلى مواجهة الحوثيين أيضا؟ وما موقف التحالف الجديد من الأزمة السورية".
وأضاف: "وهل تكون البداية بإرسال قوات إلى هناك حيث يحتل داعش نصف سوريا، وإذا تم القضاء على داعش هناك، هل يتطور الأمر، ويواجه الجيش السوري المؤيد للأسد وحلفائه إيران وحزب الله وروسيا، وبالتالي تبدأ الحرب السنية - الشيعية رسميا بدلا من كونها مستترة الآن؟".
وفي ختام مقاله، رجا الكاتب القيادة السعودية، وكل أعضاء التحالف الجديد، أن يدرسوا ملاحظاته السابقة بعناية شديدة، ويحسموها قبل أن نتورط في أي كوارث جديدة نحن في غنى عنها، ولدينا منها الكثير، عربا ومسلمين"، بحسب قوله.