كيف يمكننا العمل مع بشار
الأسد، الذي يشتري النفط من
تنظيم الدولة، ويحتاج إليه أكثر من أي طرف آخر؟
سؤال طرحه المعلق ديفيد بلير في صحيفة "ديلي تلغراف"، حول الدعوات التي ترى أهمية في التركيز على خطر تنظيم الدولة قبل نظام الأسد.
ويبدأ بلير تقريره بالقول إنه "في العالم المتشابك للشرق الأوسط، فإن المثل السائد (عدو عدوي صديقي)، يقود إلى أخطاء تراجيدية. وعادة ما يكون المثل صحيحا، لو قيل كالآتي: (كن حذرا من الطاغوت الذي يتظاهر بأنه عدو عدوك من أجل تمتين سلطته). وهذا يصدق على بشار الأسد في
سوريا، الذي فعل كل ما باستطاعته منذ بداية التمرد؛ لمساعدة المتحمسين الإسلاميين عل اختطاف
المعارضة السورية. وعمل كل ما باستطاعته لخلق المكان المثالي من أجل صعود الدولة في العراق والشام. فقد كان هذا هدفه الأسمى، والمعيب أن يقنع الغرب بقبوله كونه حصنا ضد التهديد الذي أسهم بخلقه. وبعبارات واضحة فإن الأسد مخرب يتظاهر بأنه رجل إطفاء".
ويضيف الكاتب: "هذه حيلة قديمة، فكل
ديكتاتور عربي، منذ عبد الناصر، حاول مواجهة شعبه والعالم بخيار قاس: إما أن تدعموني أو دعوا الجهاديين يسيطرون. والحيلة واضحة ومعروفة منذ القدم وفعالة بشكل مذهل. فاليوم تتعرض الحكومات الغربية وبشكل ملح لضغوطات لقبول الأسد، المستعد للكفاح من أجل محاربة تنظيم الدولة. لا بأس إن قامت قواته بارتكاب جرائم لا يمكن التفكير بها، بما في ذلك خنق الأطفال بالغاز وهم في مخادعهم، فنحن إلى جانب كل حليف يقاتل ضد تنظيم الدولة، كما يناقش البعض بحاجة ذلك، خاصة من يريدون تقديم (قوات أرضية) خرافية من أجل السيطرة على أراضي المتشددين في سوريا".
ويتابع بلير قائلا: "من أجل فهم هذه السياسة، وكونها خاطئة، نحتاج إلى إلى متابعة منطق الأسد المنحرف، الذي يهدف من خلاله للبقاء في السلطة. فبعد أن فقد السيطرة على نسبة 80% من سوريا، فلم يبق لديه إلا ورقة أخيرة، وهي التنكر بزي حليفنا ضد تنظيم الدولة. فلو هزم هذا التنظيم، فإنه سيخسر رصيده الأخير، ولهذا فلديه مصلحة في الحفاظ على (داعش)".
ويواصل الكاتب قائلا: "طالما بقي الأسد في السلطة سييقى هناك تنظيم الدولة، وسيتأكد من وجوده، ولماذا؟ لأنه طالما ظل (داعش)، دعا الغرب إلى التعاون مع الأسد لهزيمته".
ويعتقد بلير أن "النتيجة يجب أن تكون واضحة: فالرجل الذي يحتاج تنظيم الدولة أكثر من أي شخص آخر هو المؤهل أكثر لإنهائه. فدور الأسد في هندسة (داعش) موثق بشكل جيد. وبالعودة إلى 2011 و 2012، نجد أنه قام بإفراغ سجن صديانا خارج دمشق من السجناء الإسلاميين الأكثر خطورة. وكان يعرف أن هؤلاء الهاربين سيستخدمون حريتهم لإصابة جماعات المعارضة بفيروسهم الجهادي، وهذا ما فعلوه".
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى كتاب كل من مايكل ويس وحسن حسن "داعش: في داخل جيش الإرهاب"، حيث ذكرا ثلاث قيادات ممن أفرج عنهم من سجون الأسد.
ويبين الكاتب أن "التنظيم استطاع بهذه العقول الموهوبة، التي أفرج عنها الديكتاتور، السيطرة على حقول النفط في شرق سوريا عام 2013. ولن تتمكن من استخراج النفط طالما لم يكن هناك مشتر له. ولحسن حظ تنظيم الدولة اشترى الأسد نفطه مقدما. ويعد النظام السوري اليوم من أكبر المشترين الوحيدين لنفط (داعش)، وواحد من أكبر المتبرعين لخزينته. ولا يجادل أحد في هذه الحقائق، وبالتأكيد تم اتهام رجال أعمال قاموا بالتفاوض بين (داعش) ونظام الأسد، بينهم صاحب شركة (أتش إي أس سي أو) جورج حصواني ، وتمت تسميتهم وفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات عليهم".
ويلفت التقرير إلى أنه في الوقت ذاته، لاحظ المراقبون أن الأسد يعمل جهده من أجل قتال الجماعات المعارضة غير الإسلامية. أما تنظيم الدولة فيظل محصنا من ضربات النظام وبراميله المتفجرة وغازاته السامة، مشيرا إلى أنه "في العام الماضي بلغت نسبة عمليات النظام التي استهدف فيها تنظيم الدولة 6%، وذلك حسب المؤسسة الاستشارية الدفاعية (آي أتش أس جينز)، أما البقية وهي 94% فقد عانت منها المعارضة".
ولهذا يقول بلير: "إنس فكرة التحالف مع الأسد ضد تنظيم الدولة، وأنها تشبه التحالف بين ستالين وهتلر. فمن عام 1941وما بعده كان يقاتل ستالين هتلر. ولكن الأسد لم يجعل من قتال تنظيم الدولة أولوية، وهو ما لا يثير الدهشة؛ لأن هزيمته لا تصب في مصلحة النظام".
ويخلص الكاتب إلى القول: "هناك مفارقة مرة هنا، فقد كانت الجماعات السنية مستعدة لحمل السلاح وقتال تنظيم الدولة، لو لم يكن هناك تهديد من قوات الأسد والطيران الروسي. والطريقة الوحيدة لحرف أسلحة المعارضة السورية ضد (داعش)، تكون من خلال وقف عمليات الأسد. وعليه، فإن الفكرة التي تقول إن الديكتاتور لا يمكن الاستغناء عنه هي عكس الحقيقة. وفي الواقع فإن التخلص من الأسد سيكون المفتاح الذي سيتم من خلاله فتح قفل جيش السنة وهزيمة الإرهابيين".