يتواصل وصول المدعوين من مختلف أطياف
المعارضة السورية إلى الرياض، الثلاثاء، للشروع في مؤتمر دعت إليه
السعودية لتوحيد صفوف هذه المعارضة بمختلف مكوناتها السياسية والعسكرية، تمهيدا لمفاوضات محتملة مع النظام، في مهمة غير محسومة النتائج.
وإضافة إلى التباينات بين أطراف المعارضة حول عناوين مرتبطة بأسس حل الأزمة المستمرة منذ أكثر من أربعة أعوام، يبرز امتناع بعض المدعوين عن الحضور، إضافة إلى احتجاج أبرز حزب سياسي ممثل للأكراد عن عدم دعوته، وتنظيمه مؤتمرا موازيا بدءا من الثلاثاء في شمال
سوريا، بمشاركة أطراف من المعارضة، بينها مجموعات مقبولة من النظام.
ويأتي
مؤتمر الرياض بعد اتفاق دول كبرى معنية بالملف السوري الشهر الماضي في فيينا على خطوات لإنهاء النزاع، تشمل تشكيل حكومة انتقالية، وإجراء انتخابات يشارك فيها سوريو الداخل والخارج.
ويشمل الاتفاق الذي شاركت فيه دول عدة بينها الولايات المتحدة والسعودية الداعمة للمعارضة، وروسيا وإيران المؤيدتان للنظام، السعي إلى عقد مباحثات بين الحكومة والمعارضة السوريتين بحلول الأول من كانون الثاني/ يناير المقبل.
وبدأ المدعوون إلى مؤتمر الرياض بالوصول تباعا إلى العاصمة السعودية منذ الاثنين، على أن يستكمل ذلك اليوم. وسيكون الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية صاحب الحصة الأكبر من الدعوات، مع قرابة 20 شخصا من أصل إجمالي المدعوين الذي يقارب المئة.
وقال نائب رئيس الائتلاف، هشام مروة، إن الثلاثاء هو "موعد اكتمال الوصول"، مرجحا أن يعقد المدعوون لقاء تمهيديا غير رسمي مساء الثلاثاء، عشية بدء أعمال المؤتمر الذي يستمر ليومين.
وتوقع عضو الائتلاف سمير نشار أن يواجه المؤتمر "مهمة صعبة" في التوصل لرؤية موحدة، خصوصا لجهة الاتفاق على دور رئيس النظام السوري بشار الأسد في أي مرحلة انتقالية.
وقال نشار الاثنين، إن النقاش "ليس بالسهولة بأن يحل في يومين".
وأعلن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السعودية، السبت الماضي، أن المملكة وجهت الدعوة "لكافة شرائح المعارضة السورية المعتدلة بمختلف فئاتها وتياراتها وأطيافها العرقية والمذهبية والسياسية، داخل سوريا وخارجها"، لمؤتمر هدفه "حشد أكبر شريحة من المعارضة السورية لتوحيد صفوفها واختيار ممثليها في المفاوضات، وتحديد مواقفها التفاوضية".
وبحسب مصادر معارضة وصحف سعودية، شملت الدعوة، إضافة إلى الائتلاف السوري، هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديموقراطي المقبولة من النظام، وشخصيات من "مؤتمر القاهرة" الذي يضم معارضين من الداخل والخارج.
ودعي ممثلو فصائل مسلحة غير مصنفة على أنها "إرهابية"، مثل الجبهة الجنوبية و"جيش الإسلام" وحركة أحرار الشام.
وأكد "جيش الإسلام" تلقيه الدعوة، في حين لم تعلق "أحرار الشام" على تداول اسمها.
واستثنت الدعوات حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي ووحدات حماية الشعب التابعة له، إحدى أبرز المجموعات المسلحة في الشمال السوري، التي خاضت مواجهات على جبهات عدة ضد تنظيم الدولة.
ويعقد
الأكراد مؤتمرا ليومين يبدأ الثلاثاء في مدينة المالكية في محافظة
الحسكة، ذات الأغلبية الكردية، في شمال شرق سوريا.
وقال عضو اللجنة التحضيرية سيهانوك ديبو، إن أحزابا كردية وعربية ستشارك في المؤتمر، مؤكدا أن الأكراد لم "يتقصدوا" تزامن موعده مع مؤتمر الرياض.
وكانت الإدارة الذاتية للأكراد اعتبرت الأحد الماضي، أنها غير معنية "بكافة مخرجات مؤتمر الرياض، وسنعتبرها وكأنها لم تكن، ولن يستطيع أحد مهما كان أن يفرض علينا أي قرار أو توجه لم نشارك فيه"، وفق قولها.
ومن المشاركين أيضا في مؤتمر الشمال السوري، هيئة التنسيق الوطنية، وتيار "قمح" (قيم مواطنة حقوق) برئاسة هيثم مناع الذي اعتذر عن المشاركة في مؤتمر الرياض.
وقال مناع إنه لن يشارك في مؤتمر السعودية، لأنه "لم يستجب مع أمور حذرنا منها"، لا سيما دعوة حركة أحرار الشام التي تقاتل جنبا إلى جنب مع جبهة النصرة، فرع تنظيم القاعدة، تحت لواء "جيش الفتح".
وأبدى مناع "تشاؤمه" من نجاح مؤتمر الرياض، معتبرا أنه سيكون "حقل ألغام وقنابل عنقودية، وكل عناصر الانفجار موجودة فيه".
تسهيلات سعودية
إلا أن مصادر أخرى في المعارضة قللت من أهمية هذه الاعتراضات على المؤتمر.
ورغم التباينات، تبدو الرياض عازمة على توحيد صفوف معارضة تجاذبتها لأعوام خلافاتها الداخلية، وصراعات نفوذ الأطراف الداعمين لها، لا سيما الرياض وأنقرة والدوحة.
وأكد المصدر في الخارجية السعودية أن المملكة "ستوفر كل التسهيلات الممكنة لتتمكن المعارضة السورية من إجراء المفاوضات في ما بينها وبشكل مستقل والخروج بموقف موحد".
ويرى الباحث الزائر في معهد "بروكينغز الدوحة"، تشارلز ليستر، أن المملكة "تهدف ليس فقط إلى جمع إطار واسع من المعارضة، بل أيضا الذهاب بعض الشيء إلى تشكل وفد معارض مفاوض"، مضيفا أن أحد الأهداف المضمرة للمؤتمر "هو محاولة تشكيل هيكلية موحدة بين الائتلاف السياسي المعارض المعترف به والمعارضة المسلحة ككل".
وأضاف القول: "نظريا، فكرة مؤتمر جامع للمعارضة هي منطقية وضرورية. إلا أن احتمال النجاح يعتمد على من يستضيف ويسهل هذا المؤتمر، ومن هم المدعوون إليه وعددهم".