كتاب عربي 21

فقه السقوط: كيف تسقط الطائرة على الطريقة الانقلابية؟

1300x600
لا تزال الطائرات تتساقط فوق رأس المنقلب ومنظومته الفاشلة الفاسدة، بداية من الطائرة التي اتهمت فيها دمية (أبلة فاهيتا) مرورا بالطائرة الروسية التي فضحت اللانظام واللاإعلام، فطائرة طرق مصر-الإسماعيلية التي تزامنت مع زيارة مشؤومة من الغراب لبورسعيد والتي بدأها بدقيقة حداد (على أرواح كل ضحايا العالم) .. هكذا.

ويبدو أن الرؤية التي يطرحها الكثيرون عن أن هذا المنقلب وحاشيته ما قدموا لكي يستعيدوا نظام مبارك البائد بقدر ما يتحركون لهدم البلد وإسقاطها. وبدلا من البحث عن دليل كيف تهبط الطائرة يمضي هذا اللانظام باللاعقل وفق وصفة: كيف تسقط الطائرة؟

مظاهر وحقائق السقوط بدأت من أول يوم للانقلاب، لكن الذي أظهرته أيام الانقلاب وشهوره أنه سقوط شامل وذاتي وحتمي وضمن وهم انقلابي كبير بالإنجاز بل الإعجاز (أنا أتحدى إن حد يعمل اللي احنا بنعمله في سنتين، يعمله هو في عشر سنين! وأنا عارف أنا بقول إيه كويس!.. احنا مانضحكش على حد مابنكدبش احنا صادقين.. وأرجو من زملائنا الإعلاميين تنظيم لكل المشاريع دية رحلات تشوف على الواقع وتلتقي بالنس اللي شغالة ومحدش عارف عنها حاجة .. دا جزء صغير هنا وفي مناطق عمل أخرى جاري العمل فيها ومحدش عارف عنها حاجة..).. وواضح مدى الثقة في كلامه وكثرة تأكيده على انه صادق ولا يكذب وأن السرية التي يفرضها على إنجازاته إنما هي خوفا من الحسد والعين؛ ولهذا يكرر: (فيه كلام مابرضاش أقوله علشان الشر وأهله...)!!

نحن أمام حالة سقوط تأخذ وقتها:

الفاسد يعترف بالفساد ضمن منظومته على استحياء وعلى عجل لا يطيل فيه حتى لا تفضحه سقطاته ويكشف أنه زعيم الفاسدين، وأنه لم يقم بانقلابه إلا بالفساد وللفساد.. (فيه فساد، ودا معرقل لينا، بنحارب الفساد وبنبني وهانبني..).. فقط هذا هو كلامه عن الفساد.. (معرقل)، وهو الذي يشكل لجنة (تنمية الضمير) و(الأخلاق).. لكنه لا يعتبر الفساد الضارب في مفاصل وأحشاء الدولة وبرعايته حصريا إلا (معرقل): حجر عثرة.

الفاشل يتكلم في الاقتصاد أيضا على طريقة (كيف تسقط الطائرة)؟ فعلى الركاب تحمل مسئولية السقوط.. (فيه تحدي تالت خلوا بالكو منّه يا مصريين.. تحدي اقتصادي.. هو انتو برضوا ناويين تنجحوا وتبقى دولة؟ دولة يعني؟ هئ هئ..).. لم أدر ما معنى (هئ هئ) هذه؟ هل يسخر من الشعب أم  من نفسه وكلامه أم هي فلتة تدل على سخريته من كلمة (ناويين تنجحوا وتبقى دولة؟ دولة يعني؟).. هذا يحتاج إلا تحليل مضمون في غياب المضمون وتحليل خطاب لا ملامح له! ألم أقل لك إنها الطريقة المثلى لإسقاط الطائرة؟!

كيف سيتعامل المنقلب مع التحدي الاقتصادي الذي يحاول بالكاد أن يخفي أنه مزنقه ومنزلقه الأكبر؟ كيف سيتعامل مع نار الأسعار؟ ومع اغتياله للاستثمار؟ وقمعه وإرهابه لعالم الأعمال ورجاله في ضوء عسكرته للاقتصاد وسطوه عليه؟

(موضوع الأسعار.. حرصنا أن نقول إنه خلال شهر 12 أو في نهاية شهر 12 هايكون حصل تقليل حقيقي لأسعار السلع الاساسية في كل مصر .. فيه منافذ ثابتة ومتحركة للسيطرة على هذه الظاهرة..).. لا يستحيي من الكذب لأن أمامه شلة أو ثلة من المنافقين نفاقا غير مسبوق، المرعوبين منه بغير معنى، لم يجرؤ واحد منهم على أن يقول له: يا كذاب كذب الإبل، أنت قلت من شهر: بعد شهر ستنخفض الأسعار، وحذرت من عنده سلعة هنا أو هناك لكي يسرع بزيادة العرض لأن الاسعار ستنزل حتما.. اليوم تمد شهر ثم تقول أو شهرين او ثلاثة..؟ ثم ما علاقة الجيش بكل ذلك؟ وأين الدولة والسوق والاقتصاد والشعب والمصانع والمزارع وضبط الأسواق..؟ (بالمناسبة يتم توزيع مليون ونص قرتونة الايام القادمة على المناطق الاقل دخلا بواسطة القوات المسلحة..).. أسميتك من قبل (أبو كرتونة) لكن لم أكن أعلم أنك فيلم كرتوني إلى هذه الدرجة.

وماذا عن رجال الأعمال؟ (كثير من رجال الأعمال اللي بيعملوا في هذا المجال تجاوبوا لتخفيض أسعار هذه السلع.. وانا من هنا بقول لهم: شكرا، بس خلوا بالكو احنا بنتكلم مش أقل من سنة تكون تكلفة المواد الغذائية مريحة لأهلنا في مصر..). إذن فقد تم توجيه رجال الأعمال وجوبا بالمشاركة في هذا الهزل رغما عنهم، وأنت ترجوهم او تأمرهم أن يتجاوبوا لمدة سنة!! إذن هو (الإرهاب الاقتصادي الرسمي) المكمل للإرهاب السياسي والديني والمجتمعي.

يقول المنقلب كاشفا عن الحالة التي أوقع فيها مصر شريفها وغير شريفها وفي رسالة مليئة بالأكاذيب بل الاساطير بل المساخر: 

(بتجيلي بصراحة بعض الـ.. بعض القلق والشكوك من رجال الأعمال، وانا بصراحة مش عارف انا اتكلمت في الموضوع ده قبل كدة كذا مرة.. ليه في قلق وليه في تشكيك من نواانا تجاه أهلنا المصريين؟ انا باكد لكم تاني بمنتهى الوضوح: الكلام ده مش دقيق.. والكلام دا الهدف منه انه يشككم ويعرقلكم عن انكو تشاركوا مشاركة حقيقية في التنمية في مصر.. اشتغلوا.. ابنوا.. عمروا.. الكلام اللي بيتقال ده وبيجليلي يقولي ان انتم خايفين.. خايفين من إيه؟).. صحيح.. مم يخاف هؤلاء؟! 

ثم تتسع الكذبة ويتسع الخرق في الطائرة: (هو مافيش قانون في البلد دي والا ايه؟ محدش يقدر يعمل حاجة هما ولا حدش هايقدر يعمل غير بالقانون يا جماعة.. ولا يليق لأي جهاز من اجهزة الدولة انه يتجاوز في القانون.. وفيه برلمان قادم وهايحسبنا كلنا.. في برلمان قادم هايحسبنا كلنا.. بقول تاني للكل المستثمرين ورجال الأعمال من فضلكم الشكوك دي ملهاش اي اساس من الصحة.. اشتغوا وانا معاكم.. تعالوا كلنا نحظ إيدينا في أيدين بعض ونبني.. نبني بلدنا). وواضح في الخلفية صورة رجل الأعمال في الكلابش، وكيف أن برلمان العسكر هو المنقذ المنتظر!!

هذه رسالة المنقلب إلى الجميع: اعمل معي وإلا فأنت لا تبني البلد.. أنت تهدم، ومن يهدم فلا أقل من أن يسكن في منطقة وراء الشمس.

فإذا جاء ذلك كله في ظل حرب شعواء من الشرطة لإذلال الشعب وقتله في الصيدليات والأقسام والسجون والشارع وفي كل مكان وبلا عقاب أو عتاب بل بتأييد ومساندة من منظومة الانقلاب.. فاعرف كيف تسير الطائرة.

هذه هي الوصفة اليومية للانقلاب لإسقاط طائرة الوطن على رءوس الجميع.. والأمر لا يحتاج لصندوق أسود، فالسبب معروف: عطل فني مفاجئ!