تثير قرارات توقيف العديد من الصحفيين والناشطين ورجال الأعمال
الإيرانيين خلال الأسابيع الأخيرة، مزيدا من التوتّرات بين الرئيس الإيراني حسن
روحاني والفريق المحافظ بإيران، وذلك في أعقاب الاتفاق النووي.
في ذلك، وصف الباحث في "مركز دراسة أسلحة الدمار الشامل"، نعمة جيرامي، قرارات التوقيف الصادرة عن "منظمة مخابرات الحرس الثوري" بـ"
القمع"، لافتا إلى أن "هذه القرارات تزيد التوترات بين الرئيس روحاني والفريق المحافظ، وتضغط على روحاني وحلفائه عشيّة الانتخابات البرلمانية وانتخابات مجلس الخبراء في شباط/فبراير 2016".
ورأى "جيرامي" في تقرير نشر على الموقع الإلكتروني لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، الجمعة، أنه "على الرغم من أنّ مستوى القمع الكامل ليس واضحا بعد، فإن التمكين لمنظمة مخابرات الحرس الثوري، سوف يؤدي إلى استمرار تخويف الإيرانيين الذين يدعمون الإصلاحات المحلّية والعلاقات المحسّنة مع الغرب".
واعتبر الباحث في "جامعة الدفاع الوطني"، أنه "سيكون للأجواء المتشدّدة المتزايدة بعد الاتفاقية النووية تداعيات محلّية سلبية"، مستدركا بقوله "إلا أنه لم يكن لها حتى الآن تأثير مباشر على الاتفاقية النووية، التي هي صفقة لا تزال إيران بحاجة إليها لإصلاح اقتصادها المتداعي".
ولفت "جيرامي" إلى أنه "في مثل هذا المناخ السياسي، فإن حدّة نشاطات منظمة مخابرات الحرس الثوري، تبعث برسالة قويّة ستدفع المعسكر المحافظ إلى استخدام القوّة الغاشمة لمقاومة المحاولات الهادفة إلى إدخال الاعتدال إلى الجمهورية الإسلامية".
في السياق، طرح الباحث في معهد واشنطن، تساؤلا قال فيه: "هناك احتمال مثير للقلق في هذا السياق، وهو ما إذا كانت منظمة مخابرات الحرس الثوري، ستستخدم نفوذها لتشديد الأمن بشكل أكبر على برنامج إيران النووي، الأمر الذي سيشكّل تطوّرا قد يعقّد الوصول إلى مواقع حسّاسة ويعرقل تنفيذ الاتفاق النووي".
وتطرق "جيرامي في تقريره إلى نبذة تاريخية عن "منظمة مخابرات الحرس الثوري"، الذي بين فيها أنه "تأسست على يد آية الله علي
خامنئي عام 1997 بعد انتخاب الرئيس الإصلاحي محمّد خاتمي، وذلك كمنظمة بديلة مع مهام توازي "وزارة الاستخبارات والأمن الوطني، وقد استولت المنظمة إلى حد كبير على الأمن الوطني، على الرغم من أنّ "وزارة الاستخبارات والأمن الوطني"، تتشارك مسؤوليّات إحباط الإصلاحيين بشكل فاعل ومنع نشوب اضطرابات داخلية".
وفي معرض ذكر"القمع" الذي تقوم به "منظمة مخابرات الحرس الثوري"، نوه الباحث إلى "الدور الأساسي للمنظمة في قمع انتفاضات الطلاب عام 1999".
وتابع معد التقرير في ذكر السلوكيات القمعية لمنظمة مخابرات الحرس الثوري، حيث كشف أن "المنظمة استجوبت سابقا آلاف الإيرانيين المتّهمين بانتمائهم إلى الثورة المخملية التي حرّض عليها الغرب للإطاحة بـ "الجمهورية الإسلامية".
وأشار "جيرامي" إلى محاولات الرئيس الإيراني للحد من دور "منظمة مخابرات الحرس الثوري"، وذلك في خطاب 15 أيلول/ سبتمبر الموجّه إلى قادة "الحرس الثوري الإسلامي"، إلا أن ذلك لم ينجح، بل لقي روحاني مقاومة عنيدة من المحافظين، حتى إن خامنئي أصر على أن " لا فاعل آخر يتحمّل المسؤولية المؤسساتية لحماية الثورة الإسلامية كما الحرس الثوري، ودعا منظمة مخابرات الحرس الثوري إلى مراقبة القضايا كافة باستمرار، ورصد التهديدات ضدّ الجمهورية الإسلامية"، في ما اعتُبر ردّة فعل على انتقاد روحاني للحرس الثوري الإسلامي، ومنذ ذلك الحين، قادت منظمة مخابرات الحرس الثوري التحقيق والاعتقالات اللاحقة لإيرانيين متّهمين بروابط مع وكالات استخبارات غربية.
في حين قادت "منظمة مخابرات الحرس الثوري"، في الأسابيع القليلة الماضية، حملة ضد موجة جديدة من التحريض والفتنة، يُقال إنّها أكبر حملة تقوم بها الدولة منذ عام 2009، اعتقلت على إثرها تسعة صحفيين وناشطين ورجال أعمال على الأقل.
وطبقا لـ"جيرامي"، انتقد مسؤولون إيرانيون كبار تسييس الاعتقالات وغياب محاسبة "منظمة مخابرات الحرس الثوري"، فعلى سبيل المثال، في 24 تشرين الأوّل/ أكتوبر، قام علي مطهري، عضو محافظ في البرلمان الذي له علاقات مع معسكر روحاني، بانتقاد الدور المتزايد لمنظمة مخابرات الحرس الثوري، متسائلا، "لماذا نفّذت منظمة مخابرات الحرس الثوري الاعتقالات الأخيرة؟ أليس لدينا وزارة استخبارات؟".
وختم "جيرامي" تقريره بالقول: "في حين يشرف روحاني على وزارة الاستخبارات والأمن الوطني، ويعيّن كبار مسؤوليها، إلا أنه لا يمارس أي سلطة على منظمة مخابرات الحرس الثوري، أو قائد الحرس الثوري الإسلامي، لذلك بالرغم من إدانته المتواصلة للمحافظين لسوء استخدامهم السلطة، إلا أن وسائل الإعلام المتشدّدة المرتبطة بالحرس الثوري، ترفض تصريحاته على الفور، وتنتقده".