الغارات أصبحت كثيفة على الرقة مما اضطر مقاتلي التنظيم لحماية أنفسهم - أرشيفية
تؤرق صفارات الإنذار التي نشرها تنظيم الدولة في الشوارع وعلى الأبنية أهالي مدينة الرقة في شمال سوريا، في كل مرة تقترب طائرات حربية لقصف مواقع مقاتلي التنظيم، الذين يبادرون فور سماعها إلى إخلاء مقارهم وحتى الترجل من سياراتهم للاحتماء.
وتتعرض الرقة، المعقل الرئيسي لتنظيم الدولة في سوريا لقصف جوي كثيف من طائرات الائتلاف الدولي بقيادة واشنطن لا سيما الفرنسية منها، والطائرات الروسية. وسجل تصعيد في هذه الغارات بعد حادث تحطم الطائرة الروسية في سيناء في 31 تشرين الأول/أكتوبر وهجمات باريس في 13 تشرين الثاني/نوفمبر، بعد تبني تنظيم الدولة الهجومين.
ويقول تيم رمضان، الناشط في حملة "الرقة تذبح بصمت" والمقيم في المدينة، عبر الإنترنت لوكالة فرانس برس "صفارات الإنذار موجودة على سطوح الأبنية المرتفعة وفي الساحات والشوارع. حين تدخل الطائرات الحربية مجال الرقة الجوي، تدوي الصفارات لتنبه عناصر التنظيم".
ويوضح أن هؤلاء و"بمجرد سماعهم صفارات الإنذار، يبادرون إلى إخلاء مقارهم فورا. وشوهد بعضهم وهم يترجلون من سياراتهم في وسط الطريق" للاختباء.
ويؤكد ناشط آخر في الحملة ذاتها يعرف عن نفسه باسم أبو شام الرقة أنه "كلما حلقت الطائرات يطلقون (عناصر التنظيم) الصفارات لتنبيه المقاتلين والسكان، والمشكلة أن القصف مستمر ليلا نهارا".
ويسيطر تنظيم الدولة على مدينة الرقة منذ كانون الثاني/يناير 2014 بعد معارك عنيفة مع مقاتلي الفصائل المعارضة للنظام، الذين كانوا استولوا عليها من قوات النظام في آذار/مارس 2013.
وتنشط حملة "الرقة تذبح بصمت" سرا في المدينة منذ نيسان/أبريل 2014، وتوثق انتهاكات التنظيم في منطقة محظورة على الصحفيين.
تشديد الإجراءات الأمنية
وبادر التنظيم مع ازدياد وتيرة القصف الجوي في الأسابيع الأخيرة، وفق ناشطين في المدينة، إلى اتخاذ تدابير جديدة أو تحديث إجراءات سابقة لحماية عناصره ومقاره.
ويشير رمضان إلى "لجوء التنظيم إلى الخنادق، وقسم منها عبارة عن سراديب تحت الأرض كانت موجودة، وقسم ثان جديد تم حفره وتجهيزه".
وبحسب أبو شام، "نقل التنظيم جميع مقاره التي كانت موجودة على أطراف المدينة إلى الأحياء السكنية المكتظة" بعد استهداف عدد من هذه المقار.
واستهدفت طائرات فرنسية في 15 تشرين الثاني/ نوفمبر بالقصف مخازن أسلحة ومعسكر تدريب على الأطراف الجنوبية والغربية للمدينة، وفق ما أعلن الجيش الفرنسي.
ويشير الباحث هشام الهاشمي إلى أن التنظيم نقل أخيرا "مخازنه إلى الأحياء السكنية وقام بإفراغ معسكرات التدريب وخصوصا معسكري الكرين والرصافة، والاعتماد على الأنفاق لعقد الاجتماعات الخاصة".
ويقول الهاشمي المتابع عن قرب لتحركات المجموعات الجهادية في سوريا والعراق، أن التنظيم أقدم أيضا على "نقل كتيبة تبوك التي تتولى تنفيذ العمليات الخاصة وغالبية عناصرها من الأوزبك والقوقاز، من الرقة إلى العراق وتحديدا إلى القائم".
ويشير إلى أن قيادات التنظيم يستخدمون "البريد المشفر والشفهي" في ما بينهم لإصدار التعليمات بهذه الإجراءات وغيرها.
وكان مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن أكد إخلاء التنظيم عددا من مقاره ونقل بعضها إلى الأحياء السكنية المكتظة، بالإضافة إلى نقل عدد كبير من مقاتليه من سوريا إلى العراق.
وأوقف التنظيم، وفق الهاشمي، "نقل المنتجات النفطية بالصهاريج الكبيرة التي تصل سعتها إلى 36 ألف ليتر، وبات يستخدم صهاريج سعتها أربعة آلاف ليتر" بعد استهداف مئات شاحنات النفط التابعة له مؤخرا من طائرات الائتلاف وروسيا في الرقة ودير الزور (شرق)، حيث يسيطر على معظم الحقول النفطية الموجودة في هذه المحافظة الغنية بالنفط.
ويعتمد تنظيم الدولة في تمويله إلى حد كبير على عائدات تجارة النفط. وأعلنت كل من واشنطن وموسكو منتصف الشهر الحالي عزمها على تكثيف استهداف البنى التحتية النفطية في مناطق سيطرة التنظيم في سوريا.
رقابة على الإنترنت
وتطال إجراءات التنظيم المدنيين. فقد نصب مؤخرا حواجز جديدة في مدينة الرقة يعمد عناصرها إلى تدقيق مشدد في هويات المارة.
وينفذ التنظيم، وفق أبو شام، "مداهمات ليلية لمقاهي الإنترنت، ويحقق مع كل الأشخاص الذين يشك في أمرهم".
ويشير الهاشمي إلى "نشر التنظيم جواسيس لمعرفة من يستخدم الإنترنت" في هذه المقاهي.
وبحسب المرصد السوري، أغلق التنظيم عشرة مقاهي إنترنت على الأقل الأسبوع الماضي، لكنه سمح بفتح بعضها الآخر الأربعاء بعد استيفائها شروطا محددة، على غرار أن يقع المحل "في شارع رئيسي، ويزكيه عنصران من التنظيم من أبناء المنطقة"، وأن يُصمم "بشكل يفصل الرجال عن النساء".
وتقتصر خدمة الإنترنت على المقاهي، إذ إن قطع الإنترنت عن المنازل والمحال مستمر منذ أشهر.
ويمنع التنظيم السكان من مغادرة الرقة إلى مناطق خارجة عن سيطرته، إلا بعد الحصول على "إذن مسبق".
ويشير الهاشمي مثلا إلى "تأجيل محاكمات وإعدامات" جراء كثافة الغارات الأخيرة. ويؤكد ناشطون محليون أن "رجال الحسبة يخففون من تنقلاتهم في أثناء الغارات".