أوقع قانون
الموازنة الجزائري، للعام 2016، الجاري مناقشته بالبرلمان، الثلاثاء، الحكومة الجزائرية في حرج كبير، بعد أن وجهت المعارضة اتهامات صريحة للحكومة، وقالت إنها "تريد بيع البلاد للأجانب".
وأثار قانون الموازنة، جدلا كبيرا انتقل إلى الأوساط الشعبية، إثر إقرار وزارة المالية زيادات معتبرة على
أسعار المواد الاستهلاكية، وكذلك أسعار الوقود، بعد تراجع موارد البلاد إثر انهيار أسعار
النفط. إذ يعتمد الاقتصاد الجزائري بنسبة 90 بالمائة على النفط.
ولم تنحصر الانتقادات "اللاذعة " الموجهة للحكومة، على المعارضة، بل انتقلت إلى أحزاب الموالاة، حيث فقدت الحكومة تأييد قطاع واسع من برلمانيي "السلطة" المنتمين لحزب جبهة التحرير الوطني، الحزب الحاكم بالبلاد، بعد أن وصفوا قانون الموازنة بـ"الخطير" وأكدوا أنه "مساس بالسيادة الوطنية".
واتهمت المعارضة، الحكومة، بتلقيها تعليمات من "
رجال الأعمال" لصياغة قانون على مقاسهم، حيث إن بنود قانون الموازنة تمنح رجال الأعمال امتيازات غير مسبوقة كاستفادتهم من العقار الصناعي والسياحي المملوك للدولة.
وقالت لويزة حنون، رئيسة حزب "العمال" الجزائري المعارض: "إن قانون الموازنة بمثابة إعلان حرب على الجزائريين وهو جريمة"، متابعة بتصريح لـ"
عربي21" بأن "هناك إرادة للاستحواذ على صلاحيات رئيس الجمهورية كرست بالبند رقم 71، الذي يتيح للحكومة التصرف بالمال العام كما شاءت".
وتحولت "لجنة المالية" على مستوى
البرلمان الجزائري، منذ بدء مناقشة قانون الموازنة، إلى "ساحة ملاكمة" بين نواب المعارضة وجزء من نواب السلطة، على خلفية معارضتهم الشديدة للقانون.
لكن قطاعا واسعا من نواب "الموالاة" ضموا أصواتهم لأصوات المعارضة، معلنين رفضهم قانون الموازنة، بعدما اعتبروه "أداة لبيع السيادة الوطنية"، كما جاء بعروضهم خلال الجلسات.
وفي تفصيل "السيادة الوطنية" تضمن قانون الموازنة الجزائري للعام 2016، بنودا تعطي المستثمرين الأجانب وخاصة الأوروبيين، امتيازات كبيرة، كتنازل الدولة عن شرط "الاستثمار" في الداخل بعد خمس سنوات من الاستيراد.
وينص القانون على تنازل الدولة عن "حق الشفعة"، والذي يعني أن الحكومة الجزائرية يحق لها وحدها شراء أي شركة أجنبية، بالجزائر، إذ إنه لا يجوز بيعها للأجانب داخل البلاد.
واعتبرت لويزة حنون، المعروفة بمقاومتها القوانين "غير الاجتماعية"، أن "التنازل عن حق الشفعة طعنة خنجر في ظهر الجزائريين".
لكن حنون، كما غيرها من قادة أحزاب المعارضة، تشكك في أن يكون الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة مصدر تلك القرارات، وقالت إن "بوتفليقة الذي أعرفه لا يصدر مثل هذه القرارات، لقد التقيت به مرارا وأكد لي عدم التنازل عن حق الشفعة وأن السيادة الوطنية بالنسبة إليه خط أحمر".
وراسلت مجموعة من الشخصيات السياسية والتاريخية بالجزائر، الرئيس بوتفليقة، طالبة لقاءه، لمعرفة ما إذا كان هو فعلا مصدر تلك القرارات، لكن الرئاسة بالجزائر لم ترد على الطلب رغم مرور أكثر من 24 يوما من إيداعه.
وقال بوجمعة غشير، عضو شبكة الديمقراطيين العرب، وأحد موقعي طلب لقاء الرئيس، لـ"
عربي21": "أعتقد أن الرسالة لم تصل إلى بوتفليقة لأن جهات تعمد إلى حجب الرسائل التي ترسل إلى الرئيس".
واتهم رئيس حركة مجتمع السلم، المعارضة، عبد الرزاق مقري، رجال أعمال بصياغة قانون الموازنة، وقال بحسابه على "فيسبوك"، الاثنين: "إن قانون الموازنة فرضه رجال الأعمال بدعم من خارج البلاد".
وتباينت ردود فعل أحزاب الموالاة بين مؤيد ولو باحتشام لقانون الموازنة، وبين صامت، بينما لم يتخلف عدد من نواب الموالاة عن التهجم على الحكومة، واتهمها بعضهم بتلقي إملاءات من
باريس.