كتاب عربي 21

حكومة الوفاق: تجاذبات حادة واتجاه إلى التأييد

1300x600
أسبوع مر على إعلان المبعوث الأممي لليبيا، برننادينو ليون، عن تركيبة مجلس رئاسة حكومة التوافق الوطني والموقف الظاهر هو خليط بين قبول ورفض من قبل مكونات فاعلة ضمن جبهتي طرابلس وطبرق، خلافا للرأي العام الذي يمثل المواطنون العاديون أغلبه.

المواطن العادي لا يأبه كثيرا من يكون "فايز السراج"، المرشح لرئاسة الحكومة، ولا "أحمد امعيتيق" و"موسى الكوني" و"فتحي المجبري"، المرشحون لمناصب نواب الرئيس. لكنه يتطلع لإنهاء الانقسام والاتفاق على حكومة يريدون لها أن تنجح في إنهاء المعاناة الأمنية والاقتصادية أو التخفيف منها.

تحفظ وبشدة فاعلون محسوبون على طرفي النزاع ممثلين في المؤتمر والبرلمان، ومن يناصرهما من رموز مبرزة ومكونات سياسية وعسكرية، دون أن يعلن كلا الجسمين التشريعيين موقفهما بشكل صريح، والأسباب ربما تعود إلى:

- الانقسام داخلهما حول الحكومة.. 

- التحرج من مضاعفة الإحباط الذي يعيشه قطاع كبير من الليبيين..

- الحذر من مصادمة الأطراف الدولية الراعية للحوار والتي يبدو أنها ترغب في تمرير مقترح ليون.

المشهد في شرق البلاد مختلف نسبيا عن موقف في الغرب، اجتماع القبائل ومؤسسات المجتمع المدني الذي التأم اليومين الماضيين عبر عن رفضه للحكومة، بل واتهمها بعض المشاركين بالعمالة، وأنها حكومة تواطأ بين الأطراف الدولية والإخوان المسلمون، وقد شاع توصيف المعسكر الرافض لعملية الكرامة والمصادم للبرلمان وتوجهاته بهذا الوصف.

بالمقابل فإن الأصوات المرتفعة التي عبرت عن رفض الحكومة المقترحة في المنطقة الغربية انطلقت من تحليل ان التشكيلة الحكومية يغلب عليها عناصر تنتسب أو قريبة من تحالف القوى الوطنية أو التيار المدني الذي يقف على النقيض من التيار الإسلامي ويمكن أن ينحاز لخيارات هي في رأيهم ضد مكتسبات ثورة 17 فبراير.

التحول المهم في المواقف والذي يحتاج إلى وقفة هو إعلان المجلس البلدي مصراته والأطراف والمكونات السياسية والعسكرية المؤيدة لسياساته مباركة الحكومة المقترحة والاستعداد التام للتعاون معها، وقد شهدت مصراتة تجمعا شعبيا كبيرا مؤيدا للحكومة.

صدى موقف مصراته ارتفع هناك وعلى بعد 600 كم شرقا في مدينة أجدابيا حيث أعلن إبراهيم الجظران، المتحكم في أهم وأكبر حقول وموانئ تصدير النفط، دعمه للحكومة واستعداده للتعاون معها.

موقف مصراته والجظران مؤشر على إمكان تمرير الحكومة وتجاوز المكونات الرافضة من مجاميع سياسية وعسكرية في العاصمة طرابلس وضواحيها، مكونات مهمة ولكنها ليست كبيرة وليست موحدة، خاصة وأن فجر ليبيا أعلنت عن قبولها للسيد فايز السراج رئيسا للحكومة.

اجتماع اسطنبول الذي ضم قيادات أمنية في العاصمة طرابلس مع بعثة الأمم المتحدة وممثلين عن الأطراف الدولية الداعمة للحوار فيه دلالة واضحة على رغبة الأطراف الدولية إشراك هذه الأطراف في الترتيبات الأمنية التي يعتمد عليها نجاح الحكومة، وبرغم أن الاجتماع لم ينته إلى اتفاق واضح ونهائي بهذا الخصوص، إلا أن حرص المشاركين من طرابلس يؤشر إلى إمكان الاتفاق في حال تبلور موقف المؤتمر ومن يسانده من أطراف سياسية ودينية فاعلة.

العديد من المراقبين يرون أن الموقف من الحكومة يمكن ان يتبلور بشكل إيجابي في المنطقة الغربية ويتعثر في المنطقة الشرقية والسبب هو المرونة التي تبديها الأطراف الفاعلة وفي مقدمتها المكونات العسكرية داخل جبهة طرابلس، بالمقابل فإن المكونات العسكرية والسياسية في المنطقة الشرقية باستثناء اجدابيا يمكن أن تتحفظ ما لم يتأكد اعتماد خليفة حفتر وزيرا للدفاع أو تثبيته كقائدا عاما للجيش.

بناء على هذا التحليل رأى البعض أن الحكومة يمكن أن تتحرك في الملفين الأمني والاقتصادي بيسر حتى اجدابيا وتشرع في فرض الاستقرار الأمني والتركيز على محاربة تنظيم الدولة في سرت وعودة ضخ النفط لتحسين الوضع الاقتصادي المتردي، على أن تلحق مدن الشرق تباعا بعد تأكدها من نجاح التوافق على الأرض خارج محيطها الجغرافي والسياسي.