لفت مراقبون محليون الانتباه إلى ارتفاع معدل السرقات والسطو المسلح على منازل مواطني بعض الأحياء الشعبية في
بغداد، خلال الشهرين الماضيين، وخاصة الأحياء التي يتنشر فيها متطوعو الحشد الشعبي بشكل مكثف، فيما أشار آخرون إلى صلة تنامي جرائم السرقة بالهجرة المتزايدة للشباب
العراقي إلى الدول الأوربية، وحاجتهم إلى تغطية نفقات
الهجرة.
يقول ضابط برتبة نقيب في قيادة شرطة بغداد لـ"
عربي21"، طالبا عدم الكشف عن اسمه: "منذ أكثر من شهرين تصلنا بلاغات عن جرائم سرقة لمنازل وسيارات ومحلات تجارية في بعض الأحياء الشعبية للعاصمة، لكن ما أثار انتباهنا أن معظم تلك البلاغات يتم تقديمها إلى مراكز الشرطة في أحياء الحرية والشعلة والبياع ومدينة الصدر، وهي أحياء شعبية ذات كثافة سكانية عالية استقطب الحشد الشعبي نسبة عالية من شبابها".
ويعكف النقيب في قيادة شرطة بغداد، وفريق عمل من زملائه، على دراسة هذه الظاهرة بتكليف رسمي من مسؤولية، ويفصح في حديثه الخاص بـ"
عربي21"، عن بعض النتائج الأولية التي تشير إلى أن "حوادث السرقات، وبعضها سطو مسلح، لإرغام أصحاب البيوت والمحال التجارية على تقديم ما لديهم من أموال ومصوغات ذهبية، دون وقوع جرائم قتل".
وأضاف: "من خلال متابعة الدعاوى المقدمة ضد المشتبه بهم؛ تبين لنا أن معظمهم قد فروا خارج العراق، وقد تعرفنا على بعضهم من خلال صورهم المنشورة في مواقع التواصل الاجتماعي، وقد وصلوا فعلا إلى دول أوربية"، حسب قوله.
وفي رده على سؤال لـ"
عربي21" حول الإجراءات الرسمية المتوقعة ضد هؤلاء، قال الضابط في شرط بغداد: "قمنا بإعداد قوائم بالأسماء مع الأدلة على ارتكابهم جرائم السرقة، وإثباتات عن وجودهم في هذه الدولة الأوربية أو تلك، ونعتزم تقديمها إلى وزارة الداخلية لرفعها إلى الجهات الدولية المعنية لاتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم".
لكن والد أحد الضحايا كان قد تعرف على صورة لأحد أفراد المجموعة المسلحة التي اقتحمت بيته واستولت على بعض المصوغات الذهبية ومبالغ مالية، تحت تهديد السلاح، وقد وصل (السارق) إلى فنلندا قبل أقل من شهر.
ويعبر الأب، لـ"
عربي21"، عن عدم تفاؤله بالقبض على المجرمين واسترداد مسروقاته "لأنهم ينتسبون إلى فصيل متنفذ من فصائل الحشد الشعبي"، على حد وصفه.
من جهة أخرى، وفي استطلاع أجرته "
عربي21"، من خلال لقاءات عابرة مع مواطنين في بعض الأحياء الشعبية التي تنامت فيها ظاهرة السرقات والسطو المسلح، أعرب الكثير من المتضررين عن خشيتهم من تقديم شكاوى ضد مرتكبي تلك الجرائم، فيما لجأ آخرون إلى "الوساطات الاجتماعية والعشائرية للفصل في هذه القضايا لجانبين: الخشية من انتقام قيادات الفصيل الذي ينتمي له هؤلاء السراق، وخسارة ما يمكن استرداده عن طريق العشائر، ومن جانب آخر، لأنّ القضاء لا يمكن أن يدين من ينتمي إلى فصائل الحشد الشعبي"، وفق قول أحدهم.
ويرى الضابط في شرطة بغداد، أن هذه المنظمات، أو العصابات الإجرامية، مدعومة من بعض
المليشيات المتنفذة، ويتحركون بسيارات مليشيات الحشد الشعبي التي "تشكل غطاء لهم، فيما يتم تهديد الشهود في الدعاوى المقامة ضد بعض منتسبيهم، وحتى أن بعض الشهود قد فر إلى أوروبا خوفا من انتقام المليشيات فور إدلائهم بشهاداتهم، كما علمت من أحد قضاة التحقيق حين سؤالي له عن أحد الشهود طلبا لمعلومات إضافية حول قضية ما"، وفق قول الضابط لـ"
عربي21".
مواطن من سكان حي الحرية في بغداد، وهو حي شعبي أغلبيته شيعية، روى لـ"
عربي21” تفاصيل اقتحام منزله عن طريق مجموعة ادعت انتسابها إلى مديرية شرطة الحرية، وما أن سمح لهم بالدخول إلى باحة بيته حتى أشهروا أسلحتهم مهددين إياه بالقتل إن أبدى أي حركة.
ويقول: "قمت بفتح خزانة النقود أمامهم، وسرقوا محتوياتها البالغة 8 مليون دينار عراقي، أكثر من 60 ألف دولار، مع ما فيها من الحلي الذهبية، مهددين إيانا بالقتل فيما لو تقدمنا بشكوى ضدهم".
ويضيف لـ"
عربي21": "تعرفت على أحدهم، وهو ينتمي إلى إحدى المليشيات المعروفة، لكننا تمكنا من استرجاع نصف المبلغ عن طريق التحاكم إلى العشائر التي يرفض بعضها ممارسات أبنائهم، في حين قالوا لنا إن ابنهم يعيش الآن برعاية السيدة ميركل" في إشارة إلى ألمانيا، كما نقل هذا المواطن عن والد السارق.
يذكر أن منظمات ومواقع للتواصل الاجتماعي نشرت مؤخرا مجموعة كبيرة من الصور لعناصر من مليشيات الحشد الشعبي بعدما هاجروا إلى أوربا من خلال اندساسهم بين اللاجئين؛ هربا من القتال الدائر في البلاد.