سياسة عربية

محللون يرجحون الحل السياسي على إنشاء مناطق عازلة بسوريا

شهدت المنطقة إنشاء قواعد جوية تقوم مقام المناطق العازلة - أ ف ب
استبعد محللون سياسيون في حديث لـ "عربي21" سيناريو إنشاء مناطق عازلة داخل الأراضي السورية بمحاذاة دول الجوار مرجحين "حلا سياسيا للحرب الدائرة في سوريا منذ أربعة أعوام".

وظهر سيناريو " المناطق العازلة" مؤخرا بعد إعلان تركيا سعيها لإنشاء منطقة عازلة بعمق 89 كيلو مترا و طول 90 كيلو مترا داخل الأراضي السورية، وبالتزامن مع تصريحات لقائد حرس الحدود الأردني العميد صابر المهايرة، أعرب فيها عن "أمله بإنشاء منطقة عازلة جنوب سوريا"، قائلا إن "الأردن يسعى لإقامة منطقة عازلة على الحدود مع سوريا، مشيرا إلى أن "هذا القرار يحتاج إلى موافقة مجلس الأمن الدولي".

وحسب الباحث في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى ديفيد شينكر، فإن "الرئيس الأمريكي باراك أوباما ناقش مع الملك الأردني عبد الله الثاني في أثناء زيارته الأخيرة لواشنطن فكرة إنشاء المنطقة العازلة".
 
وقال شينكر "من مصلحة الأردن نقاش الفكرة نظرا لارتباطه بالأزمة السورية وتأثره بها من خلال مئات الألوف من اللاجئين، وتدريب المعارضة المسلحة، وهو ما دفعه لإغلاق حدوده".
 
 
القانون الدولي و المنطقة العازلة
 
ويعطي القانون الدولي الحق لبعض الدول بإنشاء مناطق عازلة في حدود دول أخرى تشهد نزاعات بهدف حماية المدنيين، وينص الفصل السابع في ميثاق الأمم المتحدة على إعطاء أطراف دولية معينة القوة القانونية والعسكرية، للتدخل باستعمال القوة المسلحة بهدف حماية السلم والأمن الدولي.
 
وقال أستاذ القانون الدولي أنيس القاسم لـ "عربي21" إنه "في حال فرض الأردن منطقة عازلة داخل الحدود السورية دون تفويض من الأمم المتحدة، يعتبر عدوانا على الأراضي السورية و تجاوزا على سيادة الدولة السورية، أما إذا حصلت المملكة على تفويض من مجلس الأمن الدولي، يعتبر ذلك مسموحا وتغطي المملكة نفسها قانونيا استنادا للفصل السابع الذي يفرض على مجلس الأمن حفظ الأمن والسلام الدوليين ".
 
وأكد وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية محمد المومني، في تصريحات صحفية، ضرورة أن يكون هنالك غطاء أممي لإنشاء منطقة عازلة جنوب سوريا، حيث قال أي "قرار لإقامة منطقة عازلة جنوب سوريا، يعود للأمم المتحدة"، مضيفا أن "الأردن يرّحب بأي قرار من شأنه أن يساعد الشعب السوري على إنهاء أزمته".
 
المنطقة العازلة تحتاج لأسلحة خاصة
 
ويهدف إنشاء المنطقة العازلة لحماية المدنيين من خلال حماية تلك المساحة البرية من الاعتداءات الأرضية والقصف الجوي، مع فرض حظر طيران فوق تلك المنطقة.
 
وأشار الخبير العسكري اللواء المتقاعد محمد صالح القاسم لـ "عربي21" أنه عند إنشاء دولة ما لمنطقة عازلة، "يجب عليها حمايتها بحيث يشعر كل من يأتي إليها بأمان، وهذا يتطلب أن يتوفر بها أسلحة قادرة على تدمير أي نوع من الأسلحة الموجهة لتلك المنطقة، فعلى سبيل المثال يجب أن تتوفر مضادات جوية لتدمير أي طائرة معادية بالجو، وأيضا وجود أسلحة خاصة للتصدي لأسلحة الموجهة، الغاية حماية كل من يلوذ إلى هذه المنطقة ".
 
ولم تسجل المنطقة العربية إنشاء أي منطقة عازلة تاريخيا – حسب القاسم – "بسبب قصر مدة الحروب في الماضي، على عكس ما يحدث في سوريا والعراق الآن".

وشهدت المنطقة إنشاء قواعد جوية تقوم مقام المناطق العازلة كقاعدة "إنجرليك" تركيا التي كانت تتخذها أمريكا وحلف الناتو للتجسس على الاتحاد السوفيتي. 
 
المطالبة بإشراك العشائر في إدارة المناطق العازلة
 
ويسيطر على الحدود السورية الجنوبية  57 فصيلا معارضا قوامها 35 ألف مقاتل تمتد من القلمون في شمال دمشق إلى الحدود مع الأردن، والجولان تحت قيادة ضباط منشقين من الجيش الحر بالإضافة لوجود جبهة النصرة في مناطق درعا.

حيث يستبعد المتحدث باسم الجبهة الجنوبية في الجيش الحر الرائد عصام الريس "سيناريو المناطق العازلة" قائلا لـ "عربي21" إنه بعيد كل البعد عن الواقع ولا يتعدى الإشاعات التي نسمعها منذ أربعة أعوام تقريبا.

ويتمتع الأردن بعلاقات ميدانية مع فصائل و عشائر سورية في الجنوب، رحبت في وقت سابق بتصريحات للعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في أثناء لقائه عشائر أردنية في البادية الشمالية،  أعلن فيها "استعداد بلاده لحماية العشائر في شرقي سوريا وغربي العراق".
 
ودعا رئيس مجلس العشائر السورية إبراهيم الحريري الحكومة الأردنية لإشراك العشائر السورية بالجنوب في أي جهد لإنشاء منطقة عازلة.

وصرح لـ "عربي21"، "أتمنى أن يكون هدف هذه المنطقة في حال تمت إعادة المهجرين إلى مناطقهم خصوصا النازحين من المناطق الجنوبية، وألا تكون هذه المناطق العازلة بداية لتقسيم سوريا".
 
ويطالب رئيس مجلس العشائر السورية بتجهيز المنطقة العازلة  "كي تتمكن من تسيير أمور المنطقة الجنوبية، من خلال تسليح التي لها دور كبير في حفظ الأمن في تلك المناطق".
 
محللون يرجحون الحل السياسي
 
واستبعد المحلل المختص في الدراسات الأمنية والاستراتيجية عامر السبايلة فكرة إنشاء مناطق عازلة داخل الأراضي السورية، مرجحا "حدوث حراك سياسي وشيك قد يفضي لاتفاق سلمي لإنهاء الحرب الدائرة في سوريا".

وقال السبايلة في تصريح خاص لـ "عربي21"، إن "الولايات المتحدة الأمريكية لم تعط غطاء للمنطقة العازلة التي تسعى تركيا لإنشائها، وخير دليل أنها سحبت صواريخ الباتريوت من تركيا، الحديث الآن يجري عن حل سياسي للملف السوري".
 
شكل الحل السياسي
 
وحول شكل هذا الحل السياسي يرى السبايلة أنه "أقرب لما طرح في مؤتمر جنيف 2 و يتمحور حول وضع استراتيجية موحدة لمكافحة الإرهاب، مرورا بتشكيل حكومة انتقالية وإعادة كتابة الدستور وإجراء انتخابات برلمانية، إنتهاء بإجراء انتخابات رئاسية".

ويرى المحلل أن "هنالك إجماعا على هذا السيناريو مع وجود اختلافات مرتبطة بشخص الرئيس، خصوصا من الدول التي تغالي في التعامل وتأزيم الموقف مع سوريا سابقا، و التحرج أن يكون الرئيس الأسد جزءا في محاربة الإرهاب".
 
معتبرا أن "توحد المرجعيتين واشنطن وموسكو في الدوحة رسالة واضحة إلى أن الحل السياسي بدأ يتشكل".
 
ويرى مدير مركز دراسات الشرق الأوسط جواد الحمد أنه "في حال إنشاء مناطق عازلة، يتطلب أن يتم نقل النازحين إليها خصوصا من سكان هذه المناطق الأصليين، حتى تتم ترتيبات أكثر أمنا في سوريا".

ويستضيف الأردن ما يقارب مليون ونصف مليون سوري بينهم 750 ألفا كانوا موجودين في الأردن قبل الأزمة و750 ألفا بعد الأزمة، مسجل منهم نحو 650 ألفا لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.
 
أما سياسيا  يتفق الحمد مع السبايلة في أن "الحل السياسي هو الخيار الوحيد لوقف الدماء في سوريا" ويرى "أن لا خيار إلا الحل السياسي والجلوس على طاولة مفاوضات والحوار لوقف الدم السوري والإرهاب والقتل والدم الدمار".
 
ودعا الحمد جميع القوى السياسية في سوريا "لرفع شعار وقف نزيف الدم في سوريا، وأن يكون لهذا الشعار أولوية قصوى لدى الأطراف المتنازعة".
 
وعلى صعيد الحراك السياسي يزور العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني الأسبوع المقبل العاصمة الروسية، في زيارة نادرة يلتقي خلالها الملك الرئيس فلاديمير بوتين وكبار المسؤولين الروس؛ لبحث آخر المستجدات الإقليمية والدولية.

وتعليقا على الزيارة قال الكاتب الصحفي بسام بدارين لـ "عربي21"، إن "روسيا اليوم طرف أساسي في تفصيلات ما يسمى الصفقة الكبرى، ومن الواضح أنه ثمة ما يبحث بينها وبين عمان بهذا الخصوص".