أعلنت حركة
طالبان الأفغانية تولي الملا أختر محمد منصور زعامة التنظيم خليفة للملا عمر، الذي أعلنت السلطات الأفغانية أنه توفي في نيسان/ أبريل الماضي.
لكن مصادر من داخل التنظيم إشارات إلى أن
الملا منصور واجه مقاومة من عدد من القادة العسكريين حول توليه المنصب الجديد، خصوصا من ابن
الملا عمر، بحسب شبكة "سي أن أن" الأمريكية.
وما يعرف عن الملا منصور أنه شغل الملا منصور منصب رئيس سابق للمجلس الذي يعرف أيضا باسم "شورى كويتا"، الذي يضم قدماء القادة في حركة طالبان، ويدير عمليات الحركة من إقليم بلوشستان الباكستاني، طبقا لمؤسسة جيمستون العالمية للبحوث.
وكان الملا منصور وزيرا للطيران خلال فترة حكم طالبان، ويعدّ شخصا براغماتيا، بحسب ما كتبت عنه المؤسسة في تقرير لها العام الماضي.
تولى أيضا عددا من المناصب الرفيعة في طالبان، وكان من أبرزها أنه شغل منصب نائب رئيس الحركة في أفغانستان منذ العام 2010.
ومن أبرز المواقف التي عُرف فيها الملا منصور، كانت بدعوته للحوار السلمي مع الحكومة الأفغانية، إلى جانب إصداره لعدد من التحذيرات لتنظيم الدولة بعد إعلان الأخير قيام ما يسميها "دولة الخلافة الإسلامية".
ويعوض الملا أختر منصور الذي أعلن تعيينه الجمعة زعيما لحركة طالبان الأفغانية، الذي يبدو الخليفة الطبيعي للملا عمر من حيث أصوله ومسيرته، ما يفتقده من الهالة الدينية بسياسته البراغماتية.
وتتقاطع أصول القائدين: فقد ولد كلاهما في بداية الستينيات في إقليم قندهار قلب البلاد البشتوني، ومهد تمرد حركة طالبان التي تولت الحكم في أفغانستان من 1996 إلى 2001.
وكما كان الملا عمر يتجنب الأضواء والمقابلات والمشاركة في المناسبات العامة، بالكاد كان يظهر خلفه في عدد ضئيل من الصور. وفي الصور النادرة يبدو بلحية بيضاء كثيفة ويعتمر العمامة.
وأمضى الملا عمر جزءا كبيرا من شبابه في باكستان، على غرار ملايين الأفغان الذين كانوا يفرون من الحرب. ومع مرور الوقت، أقام صلات مع أجهزة الاستخبارات الباكستانية، التي دائما ما تتهمها أفغانستان بالوقوف وراء الحركة المتمردة.
وإذا كان الملا منصور معروفا بأنه من المقربين من الملا عمر، إلا أنه يفتقد إلى الهالة الدينية التي يتمتع بها الزعيم الراحل الذي أعلن "أميرا للمؤمنين" لدى بروزه في 1996، وقد منحه هذا اللقب شرعية إضافية لدى المقاتلين.
وتنقل الملا منصور بحنكة داخل مختلف الهيئات التي تتألف منها حركة طالبان: من القيادة المركزية للحركة التي تعرف "مجلس شورى كويتا" إلى مكتب الحركة في قطر، ليتولى أخيرا القيادة العملانية في أفغانستان.
وتقدم على الملا يعقوب أحد أبناء الملا عمر الذي رشحه البعض لخلافة والده، لكن البعض الآخر اعتبر أنه ما زال صغير السن (26 عاما) لتولي هذه المسؤولية.
وقال مسؤول يقوم بالوساطة مع المتمردين في باكستان، إن "الملا عمر هو الزعيم الفعلي لطالبان منذ 2013".
وأضاف هذا المسؤول الذي طلب التكتم على هويته، أن الملا عمر "يعتبر مقربا من باكستان، ويؤيد مفاوضات السلام" التي بدأت مطلع تموز/ يوليو مع الحكومة الأفغانية.
ويتولى الملا منصور منصبه في لحظة مفصلية لحركة طالبان التي تبدو أهدافها المتعلقة بمفاوضات السلام غامضة.
ويتعين عليه من جهة أخرى أن يوقف تمدد تنظيم الدولة في أفغانستان، الذي يجند عددا متزايدا من عناصر طالبان، خاب أملهم من أداء قيادة التنظيم.
وفي حزيران/ يونيو، حذر الملا منصور زعيم تنظيم الدولة أبو بكر البغدادي من أي محاولة للتمدد في بلاده، وذلك بعد اشتباكات دارت في شرق البلاد بين مقاتلي الحركة وآخرين يقولون إنهم ينتمون إلى تنظيم الدولة.
يشار إلى أن الحركة أكدت الخميس وفاة زعيمها الملا محمد عمر "بسبب المرض"، وذلك غداة صدور إعلان بهذا الصدد عن الحكومة الأفغانية.
ولم تشر الحركة إلى تاريخ وفاة الملا عمر، لكنها قالت إن "صحته تدهورت في الأسبوعين الأخيرين"، ما يعني أن وفاته ربما لا تعود إلى نيسان/ أبريل 2013 كما ذكرت السلطات الأفغانية التي قالت إنه توفي في مستشفى في كراتشي، بل إلى وقت أقرب.