أفادت أحدث تقارير محادثات مجموعة دول "5+1" بأنّ
إيران تصرّ حاليا على أن تُرفع عنها العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على برنامجها الصاروخي الباليستي، وذلك في إطار اتفاق
نووي طويل الأمد.
وعلّق الباحث الأمريكي، مايكل آيزنشتات، في تقرير نشره معهد واشنطن للدراسات، بالقول إنه بالإضافة إلى تعقيد
المفاوضات المشحونة أساسا، فإن هذا التطوّر الجديد يلقي الضوء على الأهمية التي توليها إيران لترسانتها الصاروخية، وعلى ضرورة الإجابة عن أسئلة معلّقة حول احتمال وجود صلات بين برامجها الصاروخية والنووية.
وأضاف الباحث أن الكثيرين يرون بأنّ إيران تملك القوة الصاروخية الاستراتيجية الأكبر في منطقة الشرق الأوسط، مشيرا إلى أنها تصنع
صواريخ باليستية قصيرة ومتوسطة المدى، وصواريخ كروز بعيدة المدى، وصواريخ بعيدة المدى.
وأكد الباحث أنه على الرغم من أنّ جميع صواريخ إيران مسلّحة بشكل تقليدي في الوقت الحالي، إلاّ أنّ صواريخها الباليستية متوسطة المدى يُمكن أن تُستخدم لإطلاق أسلحة نووية، إذا ما بنت إيران مثل هذه الأسلحة.
وكان مسؤولون أمريكيون قد ذكروا في وقت مبكر من مفاوضات النووي أنه سيتم التطرّق إلى "كافة المسائل"، بما في ذلك برنامج الصواريخ. إلا أنّ وكيلة وزارة الخارجية الأمريكية للشؤون السياسية، ويندي شيرمان، قالت في شباط/ فبراير 2014: "إذا نجحنا في طمأنة أنفسنا والمجتمع الدولي بأنّ إيران لن تتمكن من الحصول على سلاح نووي، لن يعُد ضروريا تقريبا التحدث عن أنظمة الإطلاق".
وقال الباحث: "ومع ذلك، ما زال العديد من المراقبين يشعرون بالقلق من وجود منشآت ذات صلة بالبرنامج الصاروخي الإيراني، فضلا عن وجود موظفين كانوا قد شاركوا، وربما لا يزالون يشاركون، في أعمال مرتبطة بالأبعاد العسكرية المحتملة للبرنامج النووي".
ويرى أن هذه المخاوف تؤكد ضرورة التصدي لمسألة الصواريخ بشكل فعال، في إطار القرار الذي سيصدره مجلس الأمن الدولي، الذي من شأنه أن يدعم الاتفاق النووي طويل الأمد الذي يجري التفاوض بشأنه حاليا، هذا إن لم يتم التصدي لهذه المسألة ضمن الاتفاق نفسه، بحسب الباحث.
وأشار آيزنشتات إلى أن الحرب العراقية - الإيرانية أسفرت عن إقناع طهران بأنّ امتلاك قوة صاروخية كبيرة أمر بالغ الأهمية لأمن البلاد، ودفعت بها إلى إيلاء الأولوية القصوى لشراء مختلف أنواع الصواريخ والقذائف وتطويرها، وفق قوله.
وألمح إلى أن هذه الصواريخ قد أدت دورا مهما طوال تلك الحرب، ودورا حاسما في إنهائها. وخلال "حرب المدن" التي امتدّت من شباط/ فبراير وحتى نيسان/ أبريل من عام 1988، تمكّن العراق من ضرب طهران للمرة الأولى بصواريخ طويلة المدى، فانهارت المعنويات الإيرانية، حيث فرّ أكثر من ربع سكان طهران من المدينة، ما ساهم في اتخاذ القيادة قرارا بإنهاء الحرب.
ومنذ ذلك الحين، باتت الصواريخ عنصرا أساسيا في "أسلوب الحرب" الإيراني، الذي يؤكّد ضرورة تجنّب الصراع التقليدي أو ردعه، إلى جانب الدفع قدما بالأجندة الرافضة للوضع الراهن من خلال شنّ عمليات على يد قوات تقاتل بالنيابة عن "طرف ثالث" وإطلاق أنشطة دعائية.
وعن خطورة ومدى قوة تلك الصواريخ قال الباحث، إن "الصواريخ تُمكّن إيران من إشعال حرائق في مراكز السكان المدنيين، وإضعاف معنويات العدو. وإذا ازدادت الصواريخ دقة في المستقبل، فإنها ستُجهِد دفاعات العدو (إذ سيتعيّن على هذا الأخير اعتراض كل صاروخ موجه نحوه بشكل منفصل)، وستسمح لإيران باستهداف منشآت عسكرية وبنى تحتية أساسية".
وتابع بأته على الرغم من أنّ الهجمات الإرهابية تُتيح درجة من التحفّظ والقدرة على الإنكار، إلا أن الصواريخ توفّر قدرة أسرع وأكثر مرونة على الرد في الأزمات التي تتقدّم بخطى سريعة. فعلى سبيل المثال، بعد وقوع سلسلة أولية من الهجمات الإرهابية المخطط لها مسبقا، قد تحتاج إيران أو حلفاؤها إلى أسابيع لتنظيم عمليات المتابعة. كما يُمكن لوابل الصواريخ أن يولّد آثارا تراكمية أكبر، في غضون فترة زمنية أقصر من تلك التي تحتاج إليها الهجمات الإرهابية".
وأضاف أن تلك الصواريخ تمثّل سلاح إيران الأقوى في الحرب النفسية أيضا؛ فهي تشكّل عنصرا أساسيا في كافة استعراضات النظام العسكرية تقريبا، وغالبا ما ترافقها لافتات تدعو إلى "الموت لأمريكا"، وتعلن أن "إسرائيل يجب أن تُمحى من الخارطة". وتُستخدم الصواريخ رمزا للقوة والقدرة العسكريتين الإيرانيتين المتناميتين، على حد قوله.