كتب جيمس زغبي: في كتابه الجديد: "الحليف: رحلتي عبر الانقسام الأمريكي
الإسرائيلي"، يروي السفير الإسرائيلي السابق لدى الولايات المتحدة "مايكل أورين" كيف أنه تلقى اتصالا مقلقا في وقت متأخر ذات ليلة من
نتنياهو، يحذره من حقيقة أن
الفلسطينيين كانوا يتأهبون لتقديم طلب إلى
الأمم المتحدة من أجل الاعتراف بفلسطين دولة.
وكانت رسالة نتنياهو لسفيره هي البدء مباشرة بالاتصال بأعضاء الكونغرس، لحضهم على إصدار بيانات تدين بقوة التحرك الفلسطيني، مقترنة بتهديدات حول وقف المساعدات الأمريكية إلى السلطة الفلسطينية.
وسأعود بعد قليل إلى ما تنبأنا به أقصوصته هذه حول العلاقات الإسرائيلية مع الكونغرس الأمريكي، والدور الذي يلعبه التأييد المتوقع من الكونغرس في تشكيل السلوكيات الإسرائيلية، ولكن بداية أرغب في التمهيد لملاحظاتي بقليل من التعليقات حول كتاب "الحليف".
ويبدو الكتاب مثيرا للقلق على مستويات كثيرة، فبداية وقبل كل شيء، أذهلني أسلوب الغطرسة والشعور بالحصانة من الحساب الذي كتب به «الحليف». ولم ينجُ أي شخص ينتقد إسرائيل من قلم "أورين" الآثم.
ويوجه الكتاب اهتماما خاصا لهدفين محددين، هما الرئيس أوباما واليهود الأمريكيون الليبراليون.
وعلى الرغم من أن "أورين" دبلوماسي سابق، وهو الآن عضو في الكنسيت الإسرائيلي (وشريك في الائتلاف الحاكم)، إلا أن هجماته على رئيس الولايات المتحدة تبدو قاسية ومهينة بطريقة صادمة، فهو يتهم أوباما بخيانة إسرائيل من خلال انتهاك ما يزعم أنهما مبدآن لطالما حكما العلاقات الأمريكية الإسرائيلية هما: "ألا يفاجئ أي من الطرفين الآخر"، و"ألا يحدث اختلاف علني بين المواقف العامة التي يتخذها قادة البلدين".
وبحسب "أورين"، انتهك أوباما هذين المبدأين عندما لم يقدم لنتنياهو نسخة مسبقة من كلمته في القاهرة إلى العالم الإسلامي، وعندما أعلن أوباما في عام 2011 أن حدود عام 1967 (مع تبادل الأراضي المتفق عليه) ينبغي أن تكون أساسا للسلام الإسرائيلي الفلسطيني الدائم.
ومن الواضح -بالنسبة لـ"أورين"- أن هذين المبدأين لا ينطبقان على الجانب الإسرائيلي؛ فهو لم يجد خطأ في خطابات رئيس وزرائه المفرطة في الانتقاد أمام الكونغرس، أو إعلاناته المحبطة عن بناء مستوطنات جديدة، ومغازلته للحزب الجمهوري في الانتخابات الأمريكية الأخيرة.
وقد أزعجتني الملاحظات الشخصية التي يظهرها "أورين" عن الرئيس أوباما، فهو يتهمه بتبني أفكار مناهضة للولايات المتحدة، وعدم تقدير "الاستثنائية الأمريكية" حق قدرها، وهو اتهام غريب من شخص مثل "أورين"، الذي تنازل عن جنسيته الأمريكية كي يصبح دبلوماسيا وسياسيا إسرائيليا.
ويتقمص المؤلف دور المحلل النفسي الهاوي الذي يحط من قدر الآخرين؛ إذ يشير إلى أن تقارب الرئيس مع العالم الإسلامي شجعه احتياجه إلى أن يصبح متصالحا مع والده وزوج والدته.
ويقول "أورين": "أستطيع أن أتفهم كيف دفع هجر الرجلين الطفل بعد سنوات كثيرة تالية إلى السعي للقبول بين أتباع دينهما".
ويركز "أورين" أيضا اهتماما كبيرا على اليهود الأميركيين الليبراليين في وسائل الإعلام، وفي الحكومة الذين ينتقدون إسرائيل. ويتهمهم بأنهم يفتقرون إلى الثقة بالنفس، أو يسعون للشهرة أو يكرهون أنفسهم. ويتهمهم بأنهم ينتقدون إسرائيل ورئيس وزرائها في محاولة لقول: "إنني يهودي، ولكنني لست واحدا من هؤلاء اليهود.. المستوطنين والحاخامات وقادة إسرائيل، أو جنود الجيش".
وبرفض سياسات الرئيس الأمريكي -التي تتسق مع سابقيه خلال العقود الأربعة الماضية- وانتقادات اليهود الأمريكيين الليبراليين لجهود الليكود الرامية إلى إحباط حل الدولتين.
وخلال الأسابيع القليلة الماضية، أصبح واضحا بما لا يدع مجالا للشك دور الكونغرس ليس فقط حامي حمى المصالح الإسرائيلية، وإنما مُمكّنا للسلوك الإسرائيلي.
فقد مرر قانونا تجاريا يتضمن مادة تجمع للمرة الأولى منذ حرب 1967 بين إسرائيل والأراضي التي تسيطر عليها.
واصطف أعضاء الكونغرس يشجبون الاتفاق المحتمل بين مجموعة "5+1" وإيران، بينما أصدر آخرون بيانا يشجبون فيه إما تقرير الأمم المتحدة بشأن حرب غزة في عام 2014 أو الرد الفلسطيني على تساؤلات المحكمة الجنائية الدولية، مهددين مرة أخرى بقطع كافة المساعدات الأمريكية عن السلطة الفلسطينية.