رغم أن المنطقة
العربية بعيدة نسبيا عن
اليونان التي تشكل مركز الأزمة الاقتصادية التي بدأت تعصف بالعالم، إلا أن دول
الخليج العربية لن تكون بمعزل عن نزيف الخسائر الذي سيشهده العالم في حال أعلنت اليونان إفلاسها وقررت الخروج من الاتحاد الأوروبي أو قرر الأوروبيون طردها.
وتتوزع الخسائر العربية المحتملة على العديد من القطاعات، أولها: صناديق الاستثمارات السيادية التي عادة ما لا يكون واضحا حجم تعرضها للديون اليونانية، وهو ما يجعل من الصعب التنبؤ بخسائرها، لكن صناديق كل من أبوظبي والسعودية والكويت من بين أكبر صناديق الاستثمارات السيادية في العالم، وهو ما يعني أن تكبدها خسائر بالملايين أو المليارات حاصل لا محالة.
وبحسب خبير اقتصادي خليجي تحدث لــ"
عربي21" وطلب عدم نشر اسمه، فإن خسائر الاستثمارات السيادية لكل من
الإمارات والسعودية والكويت لن تتوقف على التعرض المباشر لديون اليونان، وإنما تتوسع إلى خسائر ستتكبدها هذه الصناديق بسبب الهبوط الكبير الذي ستشهده أسواق الأسهم والسندات في العالم.
أما القطاع العربي الثاني الذي سيتكبد خسائر بالمليارات في حال أعلنت اليونان إفلاسها، فهو البنوك والشركات الاستثمارية، وهي مؤسسات ملزمة بحكم القوانين النافذة في الخليج على الإفصاح عن حجم تعرضها لديون اليونان وخسائرها المتوقعة في حال إعلان اليونان رسميا الإفلاس.
وبحسب المعلومات التي جمعتها "
عربي21" من مصادر رسمية وتقارير عدة، فقد تبين أن "البنك العربي" ومقره الأردن هو أكبر الدائنين العرب لليونان، وذلك من بين البنوك وشركات الاستثمار العربية الدائنة.
أما الدولة الأكثر تعرضا لديون اليونان في العالم العربي ويتوقع أن تتبكد خسائر بالمليارات في حال إفلاس اليونان فهي الامارات، بحسب معلومات "
عربي21" التي أشارت ألى أن كلا من بنك الإمارات دبي الوطني وبنك الخليج الأول وبنك المشرق، متورطون في الاستثمار بالسندات السيادية اليونانية.
ولم تتمكن "
عربي21" من معرفة حجم الديون التي قدمتها البنوك الإماراتية الثلاثة إلى اليونان، فيما لم تفصح أي من هذه البنوك الثلاثة عن حجم قروضها الممنوحة لليونان حتى لحظة كتابة هذا التقرير (الاثنين 29 حزيران/ يونيو 2015).
وتبين أن بنكي "سامبا" و"العربي الوطني" في
السعودية من بين أكبر الدائنين العرب لليونان، وهو ما يعني أنهما سيتكبدان خسائر قاسية أيضاً في حال أعلنت اليونان إفلاسها.
خسائر النفط
وبعيداً عن أسواق الأسهم والسندات، فإن دول الخليج، وخاصة السعودية والإمارات، يتوقع أن تتكبد خسائر كبيرة من جراء هبوط أسعار النفط الذي سيؤدي فوراً إلى تراجع إيرادات هذه البلدان التي تقوم اقتصاداتها على مبيعات النفط.
وخلال أيام قليلة هوت أسعار النفط بأكثر من ثلاثة دولارات للبرميل الواحد، أي إن إيرادات السعودية على سبيل المثال تراجعت بواقع 30 مليون دولار يوميا. وفي حال استمر السعر على حاله، فهذا يعني أن المملكة تفقد 11 مليار دولار سنويا، عبر تراجع عائدات النفط فقط.
ويمثل ثبوت تراجع النفط بنحو ثلاثة دولارات افتراضا خيالا، بحسب ما قال خبير اقتصادي لــ"
عربي21"، حيث إنه في حال أعلنت اليونان إفلاسها وانزلق العالم إلى أزمة اقتصادية جديدة فإن الطلب على النفط سيهوي مجدداً بسبب الركود، وتعاود الأسعار التراجع إلى ما دون الخمسين دولارا، وعندها فإن عوائد النفط ستتراجع العام الحالي بعشرات وربما مئات المليارات في كافة دول الخليج.
يشار إلى أن السعودية هي أكبر منتج للنفط في العالم، حيث تنتج نحو 10 ملايين برميل يوميا، كما أن إيرادات النفط تشكل نحو 92% من الاقتصاد السعودي، أما دولة الإمارات فيزيد إنتاجها على 4.2 مليون برميل يوميا، ويعتبر النفط أهم مصدر للمال بالنسبة للبلاد، وخاصة بالنسبة لإمارة أبوظبي.