لم يكتف النظام بقطع المواد الغذائية والتموينية والمحروقات عن
الغوطة، عبر حصار يمنع أيضا أهلها من الدخول والخروج، ولكنه تعدى ذلك ليحاول تغيير نظام نهر
بردى الذي يصب في بحيرة العتيبة مرورا بالغوطة الشرقية، في محاولة منه لإغراق المناطق المحيطة بمجرى النهر.
ويشرح الناشط أبو عماد، في حديث خاص لـ"عربي21" من الغوطة الشرقية، أن "نهر بردى يتخلل دمشق والغوطة الشرقية، ويصب في بحيرة العتيبة، وعندما استولى النظام على العتيبة منع صب
المياه في البحيرة بسواتر ترابية عالية، وهذا ما أحدث فيضانات ببعض مناطق الغوطة الشرقية، وارتفع منسوب مستوى مياه الآبار، ما أغرق بعض المحاصيل بشكل تام".
ويتابع أبو عماد: "قام أهالي الغوطة الشرقية بتحويل المياه وتوزيعها قدر الإمكان على أغلب أراضي الغوطة الشرقية، وبهذه الحالة تعدل تقريبا مستوى المياه، واستغلها أهالي الغوطة وزرعوا محاصيلهم الشتوية والصيفية على مياه النهر، وأصبح استخراج المياه من الآبار الارتوازية أقل تكلفة بسبب ارتفاع (منسوب المياه)، وهذا انقلب على نظام بشار الأسد، بعكس ما كان يخطط له"، مشيرا إلى أن نية النظام السوري كانت إغراق الغوطة الشرقية بالمياه.
فقطع مجرى نهر بردى، والأمطار الغزيرة التي هطلت العام الفائت على دمشق وريفها، أعادا إحياء الكثير من الينابيع التي جفت منذ أعوام في الغوطة الشرقية، بحسب وصف أحد مزارعي الغوطة الشرقية، الذي قال: "هناك ينابيع حدثني أبي عنها، ولم أرها طوال حياتي، ولكن المياه عادت تنبع منها في هذا العام بفضل من الله تعالى، ناهيك عن غارات النظام وقذائف مدفعيته التي أصبحت في بعض الأحيان سببا في خروج المياه من باطن الأرض بعد ارتفاع منسوب المياه الجوفية".
يضيف أبو عماد، موضحا أسباب ازدهار الغوطة من جديد في هذا العام: "الغوطة هذا العام فيها خيرات كثيرة بسبب كثرة الأمطار والمياه التي منّ الله بها علينا هذا العام. يوجد بعض المناطق كان فيها مستوى مياه الآبار قبل عام وأكثر حوالي 15 مترا، بينما الآن لا يوجد سوى نصف متر فقط أو متر واحد".
ويتابع: "هناك عامل آخر سبب في ارتفاع مستوى المياه الجوفية، وهو
الحصار الخانق على المحروقات على مدى ثلاثة أعوام تسبب في ارتفاع المنسوب، حيث أصبحت أغلب محركات ضخ المياه الجوفية متوقفة بسبب عدم تواجد المحروقات أو غلاء أسعارها".
ويشار إلى أنه بعدما قطع النظام شبكة المياه عن الغوطة الشرقية، باعت الأهالي المحاصرون يعتمدون على الآبار لتأمين مياه الشرب والري، الأمر الذي يحتاج تكاليف عالية بسبب ندرة المحروقات لتشغيل محركات ضخ المياه، ما أجبر أهالي الغوطة للجوء لمضخات المياه اليدوية التي أصبحت منتشرة في طرقات معظم مناطق الغوطة الشرقية، تبرع بها بعض المتبرعين لخدمة السكان المحاصرين.
فتكلفة هذه المضخات اليدوية قد لا تتجاوز ألفي دولار أمريكي تدفع لمرة، واحدة ولا تحتاج لمصاريف تشغيلية مستمرة؛ حيث إنها تعتمد على الجهد العضلي لاستخراج المياه.