بعدما شهدناه في عهد الرئيس المخلوع حسنى مبارك وثورة 25 يناير ومن بعدها فترة حكم المجلس العسكري مروراً بحكم الرئيس المجزوع محمد مرسي حتى نهايته بثورة 30 يونيو إلى أن وصلنا لهذا اليوم، جعلني أفقد الثقة في أي شخص يُقال عنه بأنه وطني ويعمل أو سيعمل من أجل مصر أو هو يزعم على نفسه بذلك.. أفقد الثقة في العملية الانتخابية برمُتها إلى أن تنتهى بصندوق الاقتراع الذى أفقد فيه الثقة أيضاً.. فلا أصدق أن مصر في هذه الحقبة المتعددة الموارد في الوجوه والتيارات التي تولت قيادتها، أجرت انتخابات حرة نزيهة ديمقراطية شفافة صادقه دون تزوير بشكل أو بآخر مائة بالمائة دون ولو شائبه واحده.. أفقد الثقة في النخبة والشخصيات العامة والسياسية والحزبية وكل من هو مشهورٍ في بلدٍ غلب فيها الباطل على الحق وغلب كل شيئاً سلبياً على عكسه إلى أن تحولت الحياة برمُتها إلى "الحرام".. أفقد الثقة في كل شيء.. نعم أفقدها.. وكأننا في غابة.. القوى يأكل الضعيف والبدين يأكل النحيف.. وانقلب كل شيء إلى ضده ثلاث مائة وستون درجة بالتساوي مع التغيرات التي طرأت على الغابة وهى أن الديناصور كان في يوماً ما ملك الغابة.. والآن الأسد يتربع على عرش ملوكيتها.. وسيأتي يوماً لتصبح فيه القطة هي الملكة المتوجة.. بعقلها وفطنتها وحنكة ذكائها وفروسيتها لا بالجسد القوى الكبير.. إذاً ما جعلنا نصل إلى ما نحن فيه هو سلاحاً واحداً وهو سلاح العقل "حرب العقول" وليس "حرب الجسود".. وذلك بالتعليم والتثقيف والوعى والتفكير والإدراك وهو ما اقتناه "سِفلة القوم" ليتصدروا المشهد ويتحكمون في مصير الشعب.. والمؤسف أن قطاعاً ليس بالقليل من أبناءه ينساقون ورائهم.. لا لنتيجة أميتهم وعدم وعيهم ولكن بفضل "الدعارة الإعلامية" التي تدق على رؤوسهم ليل نهار بـ"غسيل المخ".. لأنهم هم أيضاً مستفيدين من هؤلاء "سِفلة القوم" فيدفعون ضريبة هذا الانتفاع.. إنهم إعلاميون وصحفيون باعوا ضمائرهم وتخلوا عن مبادئهم وألقوا برسالة الإعلام السامية التي حملوا لوائها مع التحاقهم بالمهنة من أجل "السلطة والمال" في "بلاعة صرف صحى" على حساب هذا الشعب الذى له فضل عليه بكونه مناخ ملائم له لتنفيذ سياسات "سِفلة القوم" لكى ينتفعوا.. فهنيئاً لهم وهنيئاً لأسيادهم وأنتم أيها الفقراء والبسطاء من الشعب اذهبوا في غياهب الجُب فلا عزاء لكم ممن استخدموكم.
فقدت الثقة في زمنٍ.. تزاوج فيه السلطة بالمال.. والمحسوبية والكوسة والواسطة.. والدعارة الإعلامية.. وتلاعب رجال المال والساسة الفسدة بمستقبل الشعب.. وأهل الفن الذين نشروا الرذيلة وأفسدوا العقول وبثوا سمومهم عبر التاريخ.. القضاء الذى يُسمى بالشامخ.. رجال الشرطة في خدمة الشعب.
عليكم أن تدركوا أن ثمة شيئاً واحداً لم ولن يتغير.. الظلم والديكتاتورية والاستبداد والبلطجة الأمنية والفقر المدقع والمحسوبية وتزاوج السلطة بالمال والمرض والجهل والبطالة والعنوسة.. بل "زاد الطين بلة" بأن المجتمع أصبح يشهد أُمً ثكلى وأخً فقد الأخ والأب ومصابين ومشردين وحقوقاً منتهكه وضائعة وقلوب أبرياء محتبسه في السجون.. وآهات وآلام مكلومة ومحبوسة في جوارب القلوب لا يريد أصحابها تصديرها للعقول ولو لمجرد التفكير فيها حتى لا يضع البنزين على النار.. في دولةً أصبحت سجناً كبيراً لشعباً أثيراً، وملهى ليلى لأقلية "مغتصبة".
لقد فقدت الثقة في كل شيء.. نعم فقدتها.. لأننا أصبحنا أمام حقيقة متكاملة الأركان ألا وهى "الحُكم الحرام".