أصدر رئيس مصلحة
الطب الشرعي في
مصر الدكتور محمود علي، قرارا مساء الثلاثاء، بإقالة الدكتور هشام عبد الحميد من منصبه كمتحدث رسمي باسم المصلحة، بعد ساعات من خضوعه للتحقيق داخل وزارة العدل في حضور ممثلين لجهات سيادية وأمنية.
وكان عبد الحميد قد خضع لتحقيق موسع بعد إدلائه بتصريحات أثارت جدلاً واسعا، خلال حواره مع الإعلامي أحمد موسى السبت الماضي على قناة "صدى البلد".
وقالت الوزارة في بيان لها - تلقت "
عربي21" نسخة منه - إن إقالة المتحدث جاءت بعد اتهامه بإفشاء أسرار وظيفته، والتقليل من قدر زملائه ومستواهم العلمي والتشكيك في نزاهتهم. وأكدت فتح تحقيقات موسعة حول صحة المعلومات التي أدلى بها عبد الحميد، خاصة المتعلقة بوجود أطباء منتمين لجماعة
الإخوان المسلمين داخل الطب الشرعي، بعضهم مرشح لتولي منصب رئيس المصلحة.
وأكد وزير العدل - التابعة له مصلحة الطب الشرعي - في تصريحات صحفية، أنه اجتمع بالدكتور هشام عبد الحميد ليعرف منه أسماء الأطباء المنتمين للجماعة والذين اتهمهم بترويج شائعات حول مقتل المتظاهرين، وأنهم يتحكمون في التقارير الصادرة من المصلحة، وذلك للتأكد من صحة هذه المعلومات وإجراء تحقيقات معهم.
وتقدم رئيس مصلحة الطب الشرعي بشكوى قانونية ضد المتحدث باسم المصلحة بتهمة إجراء حوار تليفزيوني دون تصريح منه، والتحدث في وسائل الإعلام في أمور فنية وتقارير طبية متعلقة بعمل الطب الشرعي، على الرغم من أنه معين في هذه الوظيفة فقط ليتحدث لوسائل الإعلام في الأمور الفنية.
"سأهاجر من مصر"
وتعليقا على الإطاحة به، قال الدكتور هشام عبد الحميد، إنه كان يتوقع إقالته من منصبه منذ فترة لأنه "مفيش حاجة اتغيرت في البلد"، مضيفا أن من ضمن أسباب وقفه عن العمل، تأكيده خطأ التقرير الفني حول مقتل الناشط محمد الجندي عام 2013، الذي شارك في إعداده وقتها رئيس مصلحة الطب الشرعي الحالي، ما جعله يعتبر ذلك إهانة شخصية له.
وأكد عبد الحميد - في تصريحات صحفية - أنه تم استدعاؤه للتحقيق أمام وزير العدل بحضور لجنة من رئاسة الجمهورية وأجهزة سيادية وأمنية، وطالبوه بكتابة قائمة بأسماء الإخوان الذي يسيطرون على مصلحة الطب الشرعي، وأنه قام بالإبلاغ عنهم جميعا بلا استثناء.
وأضاف أنه ممنوع من التحدث لوسائل الإعلام منذ أسابيع طويلة، موضحا أنه تعرض للتهديد والتحقيق في جهات أمنية عدة مرات بسبب تصريحاته التي سببت إحراجا للداخلية، وبخاصة ما يتعلق بتورط أميني شرطة في حادث اغتصاب فتاة في سيارة الشرطة وأحداث ستاد الدفاع الجوي.
وأعلن عبد الحميد أنه سيهاجر إلى خارج مصر بعد تلقيه عروضا للعمل في عدد من الدول بأكثر من 10 أضعاف راتبه الحالي، مؤكدا أنه تم إبلاغه بشكل صريح من قبل أنه "بتاع مشاكل" وأنه لن يتم ترقيته لمنصب كبير الأطباء الشرعيين لهذا السبب، ما دفعه لكتابة تنازل عن حقه في تولي هذا المنصب واستقالته من وظيفة المتحدث الرسمي للمصلحة أيضا.
انتكاسة للطب الشرعي
من جانبه، هاجم الإعلامي أحمد موسى، الحكومة بعد قرار وزارة العدل إقالة عبد الحميد من منصبه، وهدد بتصعيد الأمر لرئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي.
وأضاف موسى، في برنامجه على قناة "صدى البلد"، مساء الثلاثاء، أن ما جرى هو انتكاسة للطب الشرعي في مصر، وقرار لا يليق بالدولة المصرية ولا بحرية تداول المعلومات، مشيرا إلى أن المتحدث أقيل من منصبه؛ لأنه قال الحقيقة وكشف أمورًا خطيرة، من بينها وجود عناصر إخوانية متغلغلة في مصلحة الطب الشرعي.
وخلال حلقة السبت الماضي من البرنامج، أدلى المتحدث باسم الطب الشرعي بتصريحات مثيرة حول عدد من القضايا المحالة للطب الشرعي، وتتعلق بمقتل نشطاء سياسيين ومتظاهرين ومعتقلين.
وكان من بين تلك القضايا التي تحدث عنها، حادث مقتل الناشطة "شيماء الصباغ"، خلال مشاركتها في مسيرة بوسط القاهرة لإحياء الذكرى الرابعة لثورة 25 يناير، والتي أشار فيها إلى أنها توفيت نتيجة إصابتها بطلقات خرطوش، "لأنها كانت نحيفة أكثر من اللازم ما جعل الخرطوش يخترق جسدها بسهولة ويتمركز في القلب والرئة". وهو التصريح الذي أثار عاصفة من الانتقادات والسخرية الممزوجة بالغضب، خاصة بين صفوف شباب والثوريين، بسبب تبرير سبب وفاة الناشطة على يد الشرطة.