ليس المقصود من
المؤتمر الاقتصادي إقامة مشروعات أو تدشين نشاطات اقتصادية فكل ذلك لا يحتاج إلى عقد مثل هذه المؤتمرات إنما نحن الآن بصدد تجمع دولي يسعى شقه الأول "الخليجي" إلى استمرار المنح والمساعدات في صورة مشروعات إنتاجية وخدمية، يستفيد من ريعها ويفيد النظام الحالي في تثبيت وضعه السياسي والاقتصادي والاجتماعي. أما الشق الآخر من التجمع الدولي "الغربي" فهو الذي يسعى لعدم فقد جزء مهم ومركزي لطريق تجارته العالمية؛ لذلك لابد له من وضع قدم في المناطق الآمنة من هذا الوطن والمشاركة في جلب المنافع أياً كانت الظروف.
ولعل الدليل العملي والواقعي على نجاح هذا المؤتمر الاقتصادي هو اختفاء السوق السوداء للدولار وعودته في السوق الرسمية لستة جنيهات أو أقل خلال ستة أشهر على الأكثر، ثم تجد بعد ذلك طفرة في تشغيل الشباب جراء المشروعات الجديدة، ثم تجد حركة سياحية واعتدال للميزان التجاري
المصري نتيجة تصدير منتجات المشروعات، التي تبناها المؤتمر خلال الميزانية اللاحقة للعام التالي. وكذلك انخفاض نسبة التضخم نتيجة ارتفاع الدخول وانخفاض أسعار السلع مقارنة بها إذا حدث كل ذلك، فاعلم أنك انتقلت من مرحلة التنظير والكلام التي بدأناها منذ الانفتاح الاقتصادي، مروراً بالمشروعات الفاشلة في توشكا وترعة السلام في سيناء وشرق العوينات وشرف التفريعة وممر الصحراء الغربية، وسيوة ومحطة الضبعة النووية وغيرها من المشروعات المتوقفة بفعل فاعل.
إن المؤتمر الاقتصادي هو نقطة فارقة وعلامة تحول بين مرحلتين؛ مرحلة مضت اتسمت بالركود الاقتصادي وتدني الخدمات وعدم تلبيتها احتياجات الشعب المصري، وتم الاعتماد فيها على هبات خليجية ومعونات غربية، ومرحلة جديدة يتم فيها بناء مشروعات إنتاجية وخدمية بأنظمة الـ (B.O.T) وحق الانتفاع لمدد أقصاها 99 عاماً، يتم من خلالها التحكم في الاقتصاد المصري عن طريق المبتزين والمانحين، ويحول الشعب المصري إلى أجير في أرضه بحصل على فتات يسقط من أوليائه.
لماذا تعد كل هذه الملاحظات يا عقلي يا سيئ النية؟ أليس يوم الجمعة إجازتنا وعطلتنا الرسمية وشعار المؤتمر موجه وموح بأشياء كثيرة؟ عموماً ليس بالمؤتمر وحده يحيى الاقتصاد يا صديقي وتذكر أن المؤتمرات وحدها لا تصنع نهضات.