قالت صحيفة "الغارديان" إن
بريطانيا تقوم بشكل هادئ، بطرد اللاجئين السوريين إلى أول بلد أوروبي وصلوا إليه عندما غادروا بلادهم، ما يجعل من الصعوبة أمامهم تقديم طلب
لجوء سياسي في بريطانيا.
وتنقل الصحيفة عن محامين شكواهم من السياسة البريطانية، وقولهم إنها تجعل من خطط الأمم المتحدة لنقل اللاجئين الذين يصلون إلى الشواطئ الجنوبية لأوروبا إلى دول ذات قوة وازدهار أكبر، مستحيلة. وتظهر الأرقام أن بريطانيا قامت بطرد 30
سوريا خلال 12 شهرا، حتى منتصف عام 2014. وفي العام ذاته تراجعت نسبة منح التأشيرات للسوريين من 70% إلى 40%.
وينقل التقرير عن المحامي في شؤون الهجرة غريغ أوشيليا قوله: "لديّ الكثير من الموكلين الذين تحاول الدولة طردهم إلى بلدان أخرى". وترغب وزارة الداخلية بإرسالهم إلى أول بلد أوروبي وصلوا إليه، مثل بلغاريا أو إيطاليا حتى يقدموا طلب اللجوء إلى بريطانيا منه، وذلك بناء على قانون يعرف بـ"تنظيمات دبلن". ويضيف أنه "أسوأ الحالات عندما حاولت الوزارة إرسال نساء عرضة للخطر، مع أطفال حديثي الولادة، إلى بلغاريا، وهي تعلم أن الوضع هناك سيئ".
وتبين الصحيفة أنه بناء على قانون حرية المعلومات، فقد كشف أنه تم إخراج 50 سوريا، استنادا إلى "تنظيمات دبلن"، في الفترة ما بين كانون الثاني/ يناير 2013، ونهاية عام 2014، وتم إرجاع 18 شخصا منهم إلى إيطاليا. ولا يعرف كم هو العدد الذي حاول الاعتراض على الطرد، ولكن أوشيليا قال إنه منع طرد عدد من موكليه منذ بداية الحرب في سوريا.
ويشير التقرير إلى أنه يتم التصدي لقرارات الطرد بناء على الظروف الصعبة التي سيواجهها اللاجئ في اليونان وإيطاليا وبلغاريا، بشكل يعرض حياته للخطر، وهو ما يشكل خرقا للمبدأ الثالث من الميثاق الأوروبي لحقوق الإنسان.
وتذكر الصحيفة أنه قد توقفت عمليات الطرد إلى اليونان عام 2011، عندما قررت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن الأوضاع هناك تعد خرقا لحقوق الإنسان. وفي عام 2014 طلبت المفوضية الأوروبية وقف عمليات الترحيل إلى بلغاريا، بسبب الأوضاع هناك.
ويفيد التقرير بأن أي حالة ستتصدى لعملية الترحيل إلى إيطاليا سيتم الاستماع لها أمام المحكمة العليا في لندن هذا الشهر. والأشخاص الذين قدموا الاعتراض ليسوا سوريين، ولكن يمكن أن يتم تعميم نتائجه على طالبي اللجوء السياسي ممن هم بحاجة إلى المساعدة.
وتوضح "الغارديان" أنه بعد قرار محكمة العدل الأوروبية في عام 2013، لا يمكن ترحيل الأطفال الذي جاءوا وحدهم. ويقول محامون إن الأطفال القادمين من سوريا يواجهون معوقات أخرى في بريطانيا. وبحسب المحامية في شركة "باراغون للقانون"، ديدري شيهان، فإن هؤلاء الأطفال عرضة للترحيل عندما تقترب أعمارهم من الـ18 عاما، خاصة إن وجدوا صعوبة في إثبات أنهم سوريون، وتقول: "إنه في قرار تلقيناه من وزارة الداخلية يتعلق بسوري عمره 18 عاما تعتقد الوزارة أنه مصري". وتضيف أن اللاجئين عندما يفرون من بيوتهم لا ينتبهون إلى أهمية أخذ وثائق السفر معهم. مبينة أن الوضع أصعب مع الأكراد السوريين الذين لا وثائق جنسية معهم.
ويلفت التقرير إلى أن السوريين يحتاجون إلى تأشيرة كي يدخلوا بريطانيا، وظل عدد التأشيرات الممنوح حوالي ثمانية آلاف تأشيرة. وفي الوقت الذي بلغت فيه نسبة التأشيرات 70% عام 2010، فقد تراجعت بنسبة 50% عام 2012، وإلى 39% العام الماضي.
وتنقل الصحيفة عن كولين يو، الذي يعمل في "مدونة حركة الحرية"، قوله إن قانون التأشيرة البريطاني يطلب من الزائر تقديم أدلة على نيته العودة لبلاده، ويضيف أن "وزارة الداخلية تتبنى الرأي الذي يرى أنهم لن يعودوا إلى محاور الحرب، ولهذا فهي ترفض منحهم التأشيرات، ومع أنها تقدم أسبابا أخرى، إلا أن الحكومة البريطانية تبدو مصممة على منع دخول السوريين".
ويورد التقرير قصة خليل (25 عامًا) من مدينة درعا، حيث إنه كان يواصل دراسته عندما اندلعت الثورة السورية، ولهذا فقد قدم لجوءا وهو في بريطانيا. وعندما تعرضت عائلته للتعذيب والمضايقات من النظام السوري، قرر والده إبراهيم أحمد الفرار، وسافر وزوجته أميرة وأولادهما الخمسة إلى القاهرة. ومع أن قانون جمع شمل العائلة لا يسمح بإحضار الوالدين أو الإخوة، إلا أن خليل دفع أموالا ليهرب والده إلى إيطاليا، حيث أنقذه حرس الشواطئ، وأخذوا بصماته، وعندما هرب ووصل إلى بريطانيا، تقدم بطلب لجوء، فطلبوا منه العودة إلى إيطاليا والتقدم به من هناك.
وتقول الصحيفة إنه أمام هذا، فقد قرر خليل دفع مبلغ أربعة آلاف دولار لتهريب والدته، التي تركت أولادها الخمسة يعيشون في مسجد في القاهرة. ووصلت والدته إلى بريطانيا، ومنحت اللجوء، وهو ما سمح لها بإحضار الأولاد من القاهرة.
ويذكر التقرير أن الوالد فقط هو الذي يواجه خطر الترحيل. ويقول خليل إنه يخشى على والده، الذي لا يعرف أحدا في إيطاليا ولا يتحدث الإيطالية، وهو غير متعلم، ومن منطقة ريفية في درعا، وفوق هذا كله فهو كبير في العمر، ولا يمكنه ترك زوجته.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أن متحدثا باسم وزارة الداخلية نفى أن تكون الوزارة قد فتحت بابا قانونيا للتخلص من اللاجئين عبر اليونان وإيطاليا، مذكرا بأن بريطانيا كانت في مقدمة الدول التي ردت على الكارثة الإنسانية السورية، وقدمت مساعدات بقيمة 800 مليون دولار. وقدمت بريطانيا ملجأ لحوالي أربعة آلاف مواطن سوري.