أبدت الحكومة
العراقية ومختصون مخاوف من زيادة معدلات
البطالة، وسط عجز واضح في مواجهة هذه الظاهرة، لا سيما مع تراجع أسعار النفط الذي يعتمد عليه العراق في تأمين موازناته الاتحادية بنسبة تتجاوز 95 في المئة.
ويقول المتحدث الرسمي لوزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي، لـ"عربي21"، إن معدلات البطالة وصلت في العراق عام 2013 الى 12 في المئة، أي بحدود 1.5 مليون عاطل عن العمل، مما دعا الوزارة إلى أن تضع خطة أسمتها بالخطة الخمسية، تبدأ من عام 2014 وتنتهي في العام 2018، وتهدف إلى تخفيض تلك النسبة إلى 6 في المئة.
وتتضمن الخطة جملة من البنود، من بينها مشاريع دعم القطاع الخاص من خلال حصوله على 21 في المئة من مشاريع الموازنات العامة، وتنشيط الصناعة العراقية بتخصيص مبالغ للمصانع الحكومية لتشغيلها، فضلاً عن إطلاق القروض الميسرة للمصانع الخاصة والعاطلين المسجلين لدى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية.
لكن كل ذلك بات في محل التأجيل، لسببين: الأول هو تأخر المصادقة على موازنة العامين 2014 و2015 ، والثاني هو الاضططراب الأمني الذي وقع في عدد من المحافظات، حيث أصبحت القوى العاملة فيها خارج العمل الآن، مما أدى إلى ارتفاع البطالة في تلك المناطق وتراجع معدلات
النمو، لا سيما مع نزوح أكثر من مليوني مواطن.
ويشير الهنداوي إلى أن الوزارة ليس بمقدورها أن تحدد النسبة الحقيقيه للعاطلين عن العمل في هذه الفترة، لكن التوقعات الحالية تشير إلى أن النسبة ربما وصلت إلى 20 في المئة، بوجود أكثر من أربعة ملايين عاطل عن العمل، وفق المعلومات التي قدمها المتحدث باسم وزارة التخطيط العراقية.
وبيّن المسؤول العراقي أن الوزارة، ورغم خططها للعام الحالي التي تسعى لمواجهته ظاهرة البطالة ولو بشكل جزئي، إلا أنها متخوفه من زيادة المعدلات للبطالة لا سيما بين صفوف الشباب، بسبب خلو موازنة العام 2015 من أي مشروع أستثماري جديد، فضلاً عن عدم استقرار أسعار بيع النفط في الأسواق العالمية.
من جهتها، توضح نجيبة نجيب، العضو في اللجنة المالية في مجلس النواب العراقي، أن غياب الحلول الجذرية والفعلية للحكومات السابقة، لا سيما في السنوات التي تولاها رئيس الوزراء السابق نوري المالكي السلطة، هي السبب الرئيسي وراء زيادة معدلات البطالة وليس الظروف الأمنية الحالية وحدها.
وأشارت النائبة العراقية، في حديث لـ"عربي21"، إلى التخبط في القرارات، والتركيز فقط على توفير وظائف حكومية، مع عدم توفير فرص العمل خارج هذا النطاق أو إطلاق المشاريع الجديدة.
وطالبت نجيب أن تضع حكومة حيدر العبادي الحالية خطة سريعة تتماشى مع ما تعيشه البلاد في الوقت الراهن، من خلال تشكيل خلية أزمة تتضم وزارات المالية والعمل والتخطيط والشؤون الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية والمهتمين بالاستثمار، لتوفير فرص عمل للشباب حسب الشهادات والاختصاص والقابليات، وأن تبتعد الحكومة عن التفكير بزج هؤلاء الشباب بوظائف حكومية أثقلت كاهل ميزانية الدولة دون فائدة، لأن أغلب الموظفين العموميين اليوم هم غير منتجين.
ويبدو أن الحكومة تريد أن تطمئن الشارع العراقي من خلال سعيها للتخفيف من خطورة زيادة معدلات البطالة، حيث يقول وكيل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية فالح العامري لـ"عربي21"، إن الحكومة، وبعد الأحداث الأمنية والاقتصادية الأخيرة، ذهبت لتفعيل الاستثمار والقطاع الخاص، من خلال التوجه إلى مشاريع الدفع بالأجل لتحريك الاقتصاد وتشغيل الأيدي العاملة وامتصاص البطالة، إلى جانب الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي العراقي مؤخراً بهدف تهيئة القروض الصغيرة والمتوسطة، وهي بحدود 5 تريليونات دينار عراقي، لإحياء المشاريع والنهوض بالواقع الاقتصادي.
ورأى العامري أن انخفاض نسبة البطالة إلى مستويات أقل، مرتبط بخروج العراق من الضائقة المالية الناجمة عن هبوط أسعار النفط، وخسارة البلد 50 في المئة من إيراداته المالية خلال الأشهر الماضية، الأمر الذي انعكس سلباً على قلة التعيينات وفرص العمل وتراجع معدلات النمو الاقتصادي، حيث كان البرنامج الحكومي في بداية تشكيل الحكومة الحالية في عام 2014، يطمح إلى أن تكون البطالة بحدود 9 في المئة للعام الحالي بدلاً من 20 في المئة.
إلى ذلك، يؤكد الخبير الاقتصادي طارق أحمد، لـ"عربي21"، أن الزيادة في معدلات البطالة وتجاوزها نسبة 20 في المئة هي متوقعة، بسبب صعوبة حل هذا الملف خلال الوقت الحالي، والبلد يعيش في حالة حرب في 6 محافظات، وعبر عن اعتقاده بأنه هذه وحدها تكلف الدولة مليارات الدولارت شهرياً، فضلاً عن عدم وجود الطرق البديلة لزيادة معدلات التصدير النفطي التي بموجبها ستوفر السيولة المالية للدولة، ومنها يمكن أن تصرف على مشاريع، ناهيك عن تراجع بعض الشركات الراغبة بتنفيذ مشاريع استثمارية في العراق بسبب عدم تغيير آلية وقوانين الاستثمار، التي تحتوي على كثير من المشاكل بالنسبة للمستثمر.
ويلفت أحمد إلى أن الدولة العراقية يمكن أن تواجه زيادة البطالة في الوقت الحالي، لكن ستكون بطيئة، من خلال اتخاذها جملة من الخطوات، من بينها أن تضمن في برنامجها الحكومي توزيع نسبة أكبر للراغبين في الدراسة في الجامعات العراقية على الكليات المهنية، ليكون بذلك نواة انطلاقة للعمل الجديد في السوق والمشاريع العراقية، لأن أغلب الطلاب اليوم يتوجهون إلى الجامعات والكليات الأدبية.
وبعد ذلك، بحسب أحمد، يمكن أن تذهب الحكومة إلى تفعيل عدد من القوانين التي تضمن حقوق العاملين في الشركات الخاصة، من خلال إقرار قوانين شركات القطاع الخاص وحماية المنتج المحلي والمستهلك، فضلاً عن تخصيص نسبة أكبر للمشاريع الاستثمارية وتعديل قانون الاستثمار، وإعطاء صلاحيات أوسع للمصارف الخاصة بالمشاركة في تنمية القطاع الخاص.