"هل هناك عاقل يترك حرية العزوبية ويدخل بقدمه إلى قفص الزواج".. عبارة عادة ما يداعب بها الشباب
المصري أقرانهم في
حفلات الزفاف، ولكن ممارسات تنظيم
داعش حولت هذه العبارة من مجرد كلمات تلوكها الألسنة إلى تجسيد عملي ساخر.
وفي حفل زفاف شاب وفتاة مصرية من محافظة المنوفية (بدلتا النيل شمالا)، شاهد المدعوون نموذجا لقفص حديدي، ليتخيل معظمهم أنه يرمز لقفص الزواج، الذي يستخدم في العبارة المتداولة، قبل أن يفاجأوا مع بداية الزفاف بأن القفص له علاقة بمشهد قفص إعدامات تنظيم داعش الأخيرة.
ودخل العروسان، واسمهما كما يظهر بالتسجيل المصور أحمد وشيماء، إلى قاعة الزفاف على أنغام نشيد
تنظيم الدولة "صليل الصوارم"، وجلسا في حفل الزفاف وقد رسما علامات الحزن على وجهيهما، قبل أن تقوم مجموعة ترتدي أزياء شبيهة بأزياء "داعش"، باصطحابهما إلى داخل نموذج لقفص شبيه بأقفاص إعدامات "داعش"، ليصمتا للحظة، قبل أن يواصلا الرقص بصحبة هذه المجموعة.
وانتشر فيديو لحفل الزفاف على مواقع التواصل الاجتماعي، ليثير حالة من الجدل بين من يشيد بروح
المصريين الساخرة في مواجهة تنظيم داعش، وبين من يرى أن هذا التجسيد قد يسبب ضيقا لمن مات أقرانهم أو أبناؤهم في أقفاص إعدامات "داعش".
ويأتي هذا التسجيل المصور ضمن موجة السخرية من تنظيم الدولة التي انتشرت بشكل كبير عبر مواقع التواصل الاجتماعي بمصر، وسبق أن رصدت الأناضول بعضا من مظاهر هذه السخرية.
ومن هذه المظاهر: تصويران مسجلان لفتاتين تخفيان وجهيهما على الطريقة الداعشية، وتمسكان بسكين تضعانه على رقبة فتاة ثالثة، ثم تتلو الفتاتان لائحة الاتهامات التي استدعت إصدار حكم بإعدام الثالثة، وبينما يتهيأ مشاهدو التسجيل المصور للحظة الذبح تدخل الفتيات الثلاث في وصلة من الرقص، على أنغام لنشيد تنظيم الدولة (صليل الصوارم).
والصليل لغويا هو صوت السيوف، بينما الصوارم تعني القاطعة والحادة جدا، وتستخدم الكلمتان ومعناهما "صوت السيوف القاطعة والحادة" عنوانا لنشيد التنظيم الذي يظهر كخلفية في كل عمليات الذبح.
ومن حالات السخرية الأخرى التي رصدتها الأناضول، تركيب النشيد ذاته على لقطات راقصة بأفلام "اللمبي" للفنان الكوميدي المصري محمد سعد، و"الناظر صلاح الدين" للنجم الكوميدي المصري الراحل علاء ولي الدين، وفيلم ثالث للنجم الكوميدي المصري أحمد مكي.
وتم تركيبه -أيضا- على مقطع ساخر نشر على موقع "يوتيوب" لشابين ظهر أحدهما وكأنه يذبح الآخر على الطريقة الداعشية بتهمة لعب "البلاي ستيشن" (ألعاب الفيديو)، ومجموعة من الأطفال في مدينة المحلة بمحافظة الغربية (بدلتا نيل مصر شمالا) وهم يجسدون واقعة قتل "داعش" لأحد ضحاياه.
وفي تصريحات خاصة للأناضول، مال محمد فهمي، أخصائي الطب النفسي بوزارة الصحة، إلى "الإشادة بهذه الروح الساخرة"، رافضا وصفها بـ"الانهزامية" أو "اللامبالاة".
وقال فهمي: "سخرية المصريين هي نوع من الصحة النفسية، فنحن نضحك حتى لا نبكي، ونسخر حتى لا نيأس، ونمرح حتى لا نصاب بالاكتئاب، وهذه عبقرية من المفترض أن نُحسد عليها".
وعرف المصريون استخدام السخرية في أحلك الظروف للتعايش مع الألم وترويضه، وكانت السخرية حاضرة في مواقف كثيرة أقربها تجاهل الرئيس الأسبق حسني مبارك للمطالب الشعبية برحيله إبان ثورة 25 كانون الثاني/ يناير 2011، حيث امتلأ ميدان التحرير بوسط القاهرة حينها بلافتات تحوي تعليقات ساخرة.