كتب عبدالرحمن ديلي باك: لا يصح أن تقول لكل شيء أنه مستحيل...
كل شيء ممكن في إطار "الممكن"، فبما أن هناك تحالفا قائما بين حزب "الحركة القومية" و"حزب الشعب الجمهوري"، وهناك "إخوة آرغنكون" التي جمعت بين حزبين، لذلك فإنه لا أحد يعرف ماذا يمكن أن يحدث بين "الجماعة" و"
العدالة والتنمية".
ولكن اتفاق "الجماعة" مع "العدالة والتنمية" أصعب بكثير من اتفاق حزبي "الشعب الجمهوري" و"الحركة القومية"، فهذا الاتفاق سوف يكون نهاية لأحد الطرفين.
ومرة أخرى أقول إنه لا يوجد شيء مستحيل في هذه المواضيع؛ ألم يتحد القوميون مع "الكيان الموازي" في أحداث "غيزي"؟ وفي ترشيح "أكمل الدين إحسان أوغلو" في الانتخابات الرئاسية؟
انتهى الصراع بين "الشعب الجمهوري" و"الحركة القومية" بسبب انتهاء الحرب الباردة، أصلاً لم يكن صراعاً حقيقياً، كان مثل صراع المحاربين الذين يقتلون أنفسهم إرضاءً لأسيادهم!
لا بد أنه يوجد داخل صفوف "الجماعة" من هو منحاز للتسوية وتدارك الأمور، وفي حزب "العدالة والتنمية" أيضاً، لكن أين هم؟ وكيف سيلتقون؟
هل سيقول "غولن" أنا رجل دين كغيري؟ ما الذي سيحدث للمتهمين بقلب النظام وأعمال التجسس في التنظيم؟ كيف سيحاكم التنظيم وأين ستذهب قضيته؟
لقد انطلق السهم من القوس، فهل سيكمل العاملون المتهمون بسرقة أموال العامة وتسريب الامتحانات، والمتورطون بعمليات الفساد وترفيع الموظفين بغير حق، مهامهم؟ وماذا سيحدث بالتحقيقات والقضايا التي رفعت؟
لا بد أن تستكمل قضايا ملف الفساد والتحقيقات كما تم الأمر في قضيتي "آرغنكون" و"باليوز" وقضايا "الكيان الموازي". حتى وإن خرج عفو للمدعى عليهم، فلا بد للتحقيقات أن تستمر.
لا يسمح بالتراخي في قضية "الكيان الموازي"...
بالنسبة لي لا أعتقد أنهم يستطيعون إكمال طريقهم هكذا؛ لا الحماية الدولية ستستمر معهم، ولا ترابطهم الإداري والتنظيمي، ولا حتى قوتهم المالية والاقتصادية.
إن استطعتم تدبير أمركم في
تركيا، فلن تستطيعوا الإفلات في باقي الدول.. وإن نجوتم في باقي الدول، فلن تستطيعوا منع المحاسبة السياسية في الدول الداعمة والراعية لكم.
إذا أردتم الهدنة مع "الجماعة" فانسوا أمر "غولن"... في البداية عليكم بالهدنة مع "إسرائيل"، والولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، والفاتيكان، وحل مشاكلكم معهم، ثم باقي البلدان أيضاً.
هناك الكثير من الأشخاص الذين يريدون الاعتراف بعد الانتخابات، لكن البعض منهم سوف يقاوم حتى النهاية، كما يفعل بعض مقاتلي "العمال الكردستاني".
وفي حال بدأت مرحلة المساءلة داخل "الجماعة"، وبدأت الاتهامات فلن تنتهي هذه المرحلة حتى ولو صفت مشاكلها مع الحكومة.
يبدو أنه لا توجد أي نية عند "الجماعة" بحل المشاكل قبل الانتخابات، لكنها لن تستطيع أن تقف بوجه "العدالة والتنمية" بقوة وبشكل مقنع، لذلك فإنهم مضطرون لتأجيل أحلامهم لما بعد الانتخابات؛ وأكبر أحلامهم هو موت "أردوغان" أو قتله قبل أو بعد الانتخابات! يحلمون في أن يربطوا "أردوغان" وأصدقاءه بقضايا الفساد والإرهاب، لفصلهم عن مراكزهم، أو التوغل داخل حزب "العدالة والتنمية".
يريدون فعل ذلك بعد الانتخابات مباشرة، وقبل تغيير الدستور والانتقال للنظام الرئاسي، وبدأوا بحسابها من الآن.
دائماً ما يؤخرون أحلامهم ويربطونها بالمستقبل؛ من أجل الحفاظ على قاعدتهم الشعبية.
لا بد أن يعرف "الموازون" أن السياسة خالية من الوفاء! إن الذين يقبلون أيديكم أثناء قوتكم، ينفضون من حولكم عند أول إشارة بالتعب والتراخي، وعندما تقعون على الأرض يساهمون بقتلكم! لذلك فإن كل القوى السياسية في هذه الفترة ستحاول أن تخفي أي معالم للضعف أو التراخي. كما أن الاتفاقيات غير ممكنة، فمن يتراجع للوراء يعتبر مهزوماً.. ولا نعرف من الذي سيتراجع، الحكومة أم "غولن"! وكيف سيتصالحون إذن؟
"غولن" يؤمن بأن السلطة لـ"إسرائيل"، وجماعته تفضل أن تسلم مدارسها لأطراف أخرى وليس لـ"أردوغان"، كما فعل شيخ الأزهر الذي وقف ضد مرسي، وقدم الطاعة للسيسي.
لهذا السبب فإني لا أرى أي أرضية للهدنة في الوقت الراهن.
لو حصل مكروه لـ"أردوغان" أو لأحد من محيطه، أو قاموا بعمل مشروع مختلف، فإن الثمن سيكون مرتفعاً جداً، وستكون نقطة مفصلية في عدّاد حياتهم.
إن (جماعة غولن) اليوم في وضع أضعف مما كانوا عليه، فقد أعاقت المخابرات عملهم، والقضاء فعل كذلك. وبدأوا يفقدون مواردهم المالية.
إن الذي لم يقدروا على فعله عندما كانوا بأوج قوتهم، لن يستطيعوا أن يفعلوه اليوم. لا بد أنهم يناقشون كافة الاحتمالات، حتى وإن كان أحدها التحالف مع الماسونية أو مع بشار الأسد لإدخال الإرهابيين إلى تركيا، أو أي خيار آخر للتضييق على "أردوغان".
لم يعد حزب "الشعب الجمهوري" أملاً بالنسبة لهم. "الحزب الجمهوري" نفسه كالرجل العجوز المفتقد للهمة والقوة! ودعاؤهم بحصول أزمة اقتصادية أو سياسية لن ينفعهم في شيء. لقد رأى الجميع الحقيقة لكن البعض يصر ألا يراها.
(عن صحيفة يني عقد التركية – ترجمة وتحرير: عربي21)