تحدثت صحيفة "نيويورك تايمز" في افتتاحيتها، عن الغارات الجوية التي قامت بها
مصر، ردًا على إعدام 21 قبطيا مصريا على يد
تنظيم الدولة، وهاجمت الطائرات المصرية مواقع التنظيم، وميادين التدريب، ومخازن الأسلحة التابعة له بالقرب من مدينة درنة.
وتقول الصحيفة إنه من المفهوم قلق مصر في ما يتعلق بخطر المتطرفين، فهناك مئات الآلاف من المصريين الذين يعيشون ويعملون في
ليبيا، وهم عرضة للعنف السائد هناك، ويقلق الحكومة المصرية، التي من حقها حماية مواطنيها، بحسب ميثاق الأمم المتحدة، أن تكون هناك علاقة بين المتطرفين في سيناء ونظرائهم في ليبيا.
وتضيف الافتتاحية أن الغارات الجوية تعد توسيعا للتدخل المصري المباشر في ليبيا، وليس هناك ما يشير إلى أن حكومة عبد الفتاح السيسي قد فكرت مليا في رد فعلها، أو أنها نسقت مع دول أخرى، بما في ذلك أمريكا. ومع أن مصر حليف مهم لأمريكا، واستفادت من مساعدات عسكرية أمريكية بالمليارات، على مدى العقود الثلاثة الماضية، فإن المتحدث باسم البنتاغون يقول إنه لم يكن هناك تحذير مسبق للغارات على ليبيا "ولن يكون لهم موقف منها".
وتشير الصحيفة إلى أن مصر قد طالبت مجلس الأمن بأن يفوض تحالفا دوليا للتدخل في ليبيا، وفرض حصار بُحرى عليها، وطالبت برفع حظر تصدير الأسلحة على ليبيا، التي تغمرها الأسلحة، ولم تحظ تلك الأفكار بالتأييد.
وتبين الافتتاحية أن اقتراح مصر من شأنه أن يزيد ضراوة الحرب بين الفصائل الليبية، التي ليست لها علاقة بتنظيم الدولة، وأن يقوض الجهود السلمية، التي تبذلها الأمم المتحدة، أملا في تشكيل جبهة ليبية موحدة ضد تنظيم الدولة.
وتوضح "نيويورك تايمز" أن هناك مجموعتين في الحرب للسيطرة على ليبيا المترامية الأطراف وعلى مواردها، بما في ذلك مخزونها من النفط: إحداهما الحكومة الليبية المعترف بها دوليا، التي تتخذ من مدينة البيضاء شرق ليبيا مقرا لها، وترتبط بمليشيا تحت قيادة الجنرال خليفة
حفتر. والمجموعة الثانية هي تحالف من الإسلاميين، وتدعمه مليشيا "فجر ليبيا"، وقد أقامت حكومة في طرابلس بعد السيطرة على المدينة العام الماضي.
وتعلق الافتتاحية بأنه إلى الآن، وقفت الدول العربية المختلفة مع جانب على حساب الآخر في الحرب الأهلية، ما زاد من حالة الفوضى، التي تعد بيئة خصبة لنمو تنظيم الدولة. فمصر والإمارات دعمتا سرا الجنرال حفتر في حملته لطرد الإسلاميين، بينما دعمت قطر وتركيا "فجر ليبيا"، بحسب التقارير.
وتلفت الصحيفة إلى أن هذا جزء من نموذج، تعمل من خلاله تلك الدول على مد نفوذها، عن طريق استغلال الحركات المتطرفة، ويوم الخميس وقف مجلس التعاون مع قطر، بعدما انتقدت الغارات الجوية المصرية، واتهمت مصر قطر بدعم الإرهاب.
وترى الافتتاحية أن مصر، وهي أكثر البلدان العربية سكانا، لا تستطيع التورط في حرب في ليبيا، فهناك تحديات كبيرة في البلد ذاتها، وبينها إنقاذ اقتصاد متدهور، ومحاربة تمرد محلي. وقد تجر أمريكا إلى الحرب إذا قامت مصر باتخاذ خطوات خاطئة في وضع متفجر أصلا.
وتدعو الصحيفة السيسي وزعماء البلدان في المنطقة إلى العمل معا، لدعم مبادرة الأمم المتحدة للحوار، التي تهدف إلى إقامة حكومة وحدة وطنية، تستطيع معالجة مشكلة تنظيم الدولة والمشاكل الأخرى، بدلا من إشعال الخلافات. وقد أكدت أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإسبانيا وإيطاليا دعم هذا المجهود، وقالت إنها ستحمل المسؤولية لكل من "يسعى لعرقلة هذه العملية".
وتخلص الافتتاحية إلى أن التوصل إلى حل عن طريق المفاوضات قد يكون احتمالا ضئيلا، ولكنه الأمل الأخير في جلب الاستقرار إلى ليبيا، ومنع تمدد تنظيم الدولة فيها.