تعمل ايران على إضفاء بعض المحسنات التجميلية على عقود تطوير
النفط لجذب اهتمام الشركات الأجنبية التي تخشى من العقوبات ومن
انخفاض أسعار النفط، وذلك في الوقت الذي يسعي فيه رئيسها لتحقيق ما وعد به الشعب من انتعاش اقتصادي.
وتجري طهران مباحثات مع القوى العالمية حول برنامجها النووي في إطار مساعيها للتوصل لاتفاق نهائي من أجل رفع العقوبات التي أدت إلى انخفاض صادراتها النفطية للنصف، لتصبح أكثر قليلا من مليون برميل يوميا منذ عام 2012.
وقال مسؤولون نفطيون
إيرانيون ومصادر دبلوماسية غربية، إنه من أجل الإعداد لأي اتفاق فقد وزعت إيران بالفعل مسودات عقود نفطية جديدة على الشركات الأجنبية، لكي يبدأ العمل بها بمجرد رفع القيود.
وقالوا إن مثل هذه الاتفاقات ستسهم في إحياء الحقول المتقادمة في إيران وتطوير حقول جديدة.
غير أن الغموض يكتنف المفاوضات النووية. وتمنح العقود الجديدة شروطا أفضل كثيرا من الشروط المعمول بها من قبل العقوبات، لأن شركات كثيرة ستتردد في توقيع أي اتفاق مبدئي.
كذلك، فإن الشركات قد تحتاج لقدر أكبر من الإقناع بالاستثمار في الحقول الإيرانية بسبب تدني أسعار النفط التي انخفضت أكثر من النصف منذ حزيران/ يونيو، وفي ضوء العلاقات المضطربة التي ربطت إيران بشركات أجنبية في الماضي وخاصة في أعقاب قيام الثورة الإسلامية عام 1979.
وقال مسؤول كبير بوزارة النفط الإيرانية طلب عدم نشر اسمه لحساسية الموضوع: "العقد الجديد أكثر تنافسية مما يعرضه منتجو النفط الآخرون. فهو يتيح إمكانية أفضل لتحقيق الأرباح ويقلل مخاطر الاستثمار".
وأضاف أن العقد يتيح معدل عائد إيجابيا وخيارات لشراكات مع شركات إيرانية محلية.
ويقول المسؤولون النفطيون، إن العقود الجديدة ستكون طويلة الأجل حتى 25 عاما.
وامتنع متحدث باسم وزارة النفط الإيرانية عن التعقيب على طبيعة العقود.
وفي السابق كان المستثمرون الأجانب يشاركون فقط في عمليات الاستكشاف وتطوير حقول النفط. وكانوا يعملون بعقود يحصلون بمقتضاها على عائد ثابت دون أن يمتلكوا أي أصول، فكانوا مقاولين لا حقوق لهم في الحقول.
وقال محللون ومصادر بصناعة النفط، إن الشركات فشلت في تغطية التكاليف في ظل هذه الآلية التي لم تقدم لها أي ضمانات لتحقيق دخل في الأجل الطويل.
غير أن الوضع تغير. فالرئيس حسن روحاني الذي فاز بمنصبه في انتخابات 2013، بتعهدات بتحسين الاقتصاد، يسعى لإنهاء هذا الوضع الذي ارتفعت فيه أسعار الغذاء والمياه والكهرباء متجاوزة إمكانيات الكثير من الإيرانيين مع ارتفاع البطالة وانخفاض الأجور.
وستسمح عقود النفط الجديدة للمستثمرين بالمشاركة في الإنتاج بما يعطيهم قدرا أكبر كثيرا من السيطرة واليقين في ما يتعلق بالإيرادات في المدى الطويل، في بلد يحظر الملكية الأجنبية للموارد النفطية.
والتقى وزير النفط الإيراني بيجان زنغنه مع مديرين بشركات نفط غربية خلال اجتماعات "
أوبك" الأخيرة في فيينا، من بينها شركات "إيني" الإيطالية ومجموعة "رويال داتش شل" ومجموعة "أو آر في" النمساوية.
وامتنعت المصادر الإيرانية عن تحديد الشركات التي اطلعت على العقود الجديدة.
وامتنعت "شل" عن التعقيب. وقالت شركة "كونوكو فيليبس" إنها تتصرف بما يتفق بالكامل مع أحكام القانون الأمريكي وإنها لا تشارك في أي أنشطة مع إيران.
وقال مصدر دبلوماسي غربي، إن الاهتمام بهذا الحوار النفطي مع الشركات الأجنبية من جانب واحد هو في الغالب إيران.
وأضاف: "إيران تبدو أقل إغراء بكثير، وأقل جاذبية من وجهة نظر شركات النفط الغربية. والنفط متوفر بكثرة في السوق، لذلك فآخر شيء تريده هو عودة الإنتاج الإيراني".
ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن مسؤولين في الآونة الأخيرة قولهم، إن من المتوقع أن تجلب العقود الجديدة استثمارات أجنبية تتجاوز قيمتها الـ40 مليار دولار.
وقد أرجأت إيران مؤتمرا نفطيا كان من المقرر أن يعقد في لندن في شباط/ فبراير الجاري للكشف عن العقود الجديدة حتى شهر تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.
وقال مسؤول إيراني إن "الولايات المتحدة حثت إيران على التريث" حتى يتم التوصل لاتفاق نووي نهائي.