دعا رئيس تحرير جريدة "الوفد"
المصرية مجدي سرحان إلى "استدعاء كامل احتياطي الجيش المصري، وقوى الدفاع المدني، باعتبارها الدرع الحديدية للوطن، من أجل بدء الاستعداد للمعركة الفاصلة ضد
الإرهاب"، على حد وصفه.
جاء ذلك في مقال نشره سرحان بصدر الصحيفة الخميس بعنوان: "أعلنوا
التعبئة العامة.. نريدها معركة فاصلة".
وتساءل فيه: "ألم يئن الأوان بعد لإعلان التعبئة العامة، واستدعاء كامل احتياطي الجيش، وقوى الدفاع المدني ـ الدرع الحديدية للوطن ـ وبدء الاستعداد للمعركة الفاصلة؟!".
وأضاف: "نقولها بصراحة: قضي الأمر، وجاءت ساعة الحقيقة، ولا راد لقضاء الله وقدره.. فُرض علينا القتال، ولن يتحقق الانتصار إلا بأيدينا جميعا.. جيشا وحكومة وشعبا.. المعركة أصبحت مفتوحة على كل الجبهات.. شرقا وغربا.. شمالا وجنوبا.. وفي قلب الوطن.. والجيش يحتاج المزيد من الجُند، والعتاد"، وفق قوله.
واستطرد بأن "القانون رقم 87 لسنة 1960 بشأن التعبئة العامة يحدد الحالات التي يحق فيها لرئيس الجمهورية أو من يفوضه بذلك ـ وزير الدفاع ـ إعلان التعبئة العامة، التي تعني في الأساس الانتقال بالقوات المسلحة، وجميع قطاعات الدولة التي يحددها القرار، من حالة السلم إلى حالة الحرب.. وتشمل هذه الحالات قيام خطر الحرب، أو نشوب حرب، أو حدوث كوارث أو أزمات تهدد الأمن القومي".
وأكد سرحان أن "هذا هو ما يتحقق فعليا وعمليا الآن، ويقتضي - دستوريا وقانونيا، ولزوميا- إعمال سلطة الرئيس، ووزير الدفاع، في إعلان التعبئة العامة"، على حد تعبيره.
وحمّل سرحان "
الإخوان" مسؤولية "سلسال الدم والتخريب" في البلاد، واتهمهم بأنهم أدخلوا أنفسهم في حرب خاسرة ضد الشعب الذى يقتلون ويصيبون أفراده الأبرياء بإطلاقهم نيران أسلحتهم عشوائيا في الشوارع، أو بتفجير وسائل النقل العام من أوتوبيسات وقطارات وخلافه، ويخربون ممتلكاته، ويدمرون مرافق حياته، من محطات ومحولات وأبراج كهرباء، ونقاط شرطة ومطافئ ومرور، ومبان وسيارات تابعة للأحياء والإدارات والوزارات الحكومية وغيرها"، وفق وصفه.
وقال: "لا يليق بالشعب أبدا أن يقف بعيدا في خانة المتفرجين، بينما يُصور الأمر بأنه معركة ثنائية الأطراف بين الأمن وجماعات الإرهاب".
ونفى سرحان أن تكون كلماته هذه دعوة للاقتتال الشعبي أو الاستعانة بمليشيات مسلحة لمواجهة "مليشيات الإرهاب"، مستدركا: "لكننا ـ في الحقيقة ـ نريد أن يتحقق هذا الانتصار سريعا، ونريدها معركة حاسمة تنهي أحلام وتخاريف هؤلاء الخونة المتآمرين إلى الأبد، دون أن يغمض لنا جفن أو ترتعش يد أو يهتز سلاح".
ليست المرة الأولى لسرحان
يُذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي يدعو فيها مجدي سرحان إلى إعلان حالة التعبئة العامة في مصر، إذ إنه سبق ووجه الدعوة نفسها في مقال له بالجريدة نفسها يوم الأحد 18 آب/ أغسطس الماضي، وذلك تحت عنوان: "هي الحرب.. أزفت الآزفة.. وعلى الإخوان تدور الدوائر".
وفي ذلك المقال، مثل مقال الخميس، خلط سرحان الأوراق بين الإخوان وغيرهم من تنظيمات ذات توجه إسلامي، كما أنه خلط بين الإخوان والحركات المسلحة التي بدأت تظهر على الساحة المصرية مؤخرا، بدءا من تنظيم أنصار بيت المقدس وداعش وكتائب حلوان، برغم أنها أكدت كلها أنها لا تنتمي إلى الإخوان المسلمين، بل تنابذهم العداء، نتيجة سلميتهم المفرطة.
وتجاهل سرحان ما أبداه الإخوان دوما من تأكيد أن منهجهم في التغيير الوطني سلمي وتدريجي وإصلاحي، وهو ما أثار عليهم ثائرة من لا يتفق معهم في هذه التوجهات، كما أنهم أعلنوا دوما أنهم مهما تعرضوا لمظالم وانتهاكات صارخة، وصلت إلى حد اعتقال قادتهم، وقتل أنجالهم، وسجن عشرات الآلاف من أعضاء الجماعة وأنصارها وغلق حزبهم، وإعلانهم "جماعة إرهابية"، فإنهم ملتزمون بسلميتهم، ولن يحيدوا عنها قيد أنملة.
لكن رئيس تحرير جريدة "الوفد" تجاهل ذلك كله، وقال بخفة، في ذلك المقال، مخاطبا السلطة القائمة بمصر حاليا: "افعلوها.. ولا تتحسبوا للومة لائم.. ولا تنتظروا تفويضا أو ترخيصا أو إذنا أو تبريرا.. فأنتم مفوضون بالفعل من الشعب وبشرعية ثورة الثلاثين من يونيو بحماية الوطن والحفاظ على سلامته وتطهيره من خيانة الإخوان.. اقتلعوهم من جذورهم.. هم وكل من ناصرهم أو شايعهم أو تعاون معهم أو أيدهم".
وواصل الكاتب تحريضه الإجرامي وقتها بكل صلف على القتل بقوله: "أزفت الآزفة ليس لها من دون الله كاشفة.. ولم يعد الأمر يحتمل تأخيرا أو تأجيلا.. ولم تعد الأرض تسعنا وتسعهم.. هم حكموا على أنفسهم بالموت عندما حملوا السلاح، وقتلوا النفوس وسفكوا الدماء وحرقوا وخربوا الديار.. اختاروا الحرب.. وفي الحروب قتلة ومقتولون.. وعلى الباغي تدور الدوائر!".
ودعا سرحان الدولة -صراحة- إلى إعلان "حالة التعبئة العامة، ورفع درجة الاستعداد والكفاءة والتسليح والتدريب بين صفوف الجيش والأمن؛ بهدف توجيه المزيد من الضربات الاستباقية لجماعات الإرهاب، والقضاء على تلك الكتائب والميليشيات في مهدها"، على حد تعبيره، دون أن يفرق بين الإخوان، الذين استهدفهم في مقاله منذ العنوان وحتى الخاتمة، وبين التنظيمات المسلحة، التي ثبت أنه لا علاقة للإخوان بها.
الوفد "تحالف" مع "الإخوان"
يُذكر أن حزب "الوفد" -الذي تصدر عنه صحيفة "الوفد"- قد تعاون سياسيا أكثر من مرة مع الإخوان المسلمين، وأحدثها "التحالف الديمقراطي من أجل مصر"، الذي جمعهما سويا بعد ثورة 25 يناير، فضمهما سويا مع أحزاب أخرى لخوض انتخابات عام 2011، قبل أن يفضل "الوفد" الانسحاب من التحالف، من أجل خوض الانتخابات مستقلا، طمعا في الحصول على عدد أكبر من المقاعد، وهو ما لم يتحقق له.
وقال إعلاميون إنهم يلاحظون التوجهات الفاشية التي تسيطر على الحزب في خطابه السياسي، وخطاب التحريض على العنف والكراهية الذي تتبناه صحيفته منذ الانتكاسة التي مني بها في أول انتخابات برلمانية بعد ثورة 25 يناير، ووصول الإخوان إلى سدة الحكم مع تولي الرئيس الشرعي الدكتور محمد مرسي الرئاسة في 30 حزيران/ يونيو عام 2012، إلا أنهم لم يتوقعوا أن تنضح مقالات رئيس تحرير الجريدة بكل هذا القدر من التلفيق والكذب والتحريض على القتل، لاغتيال خصم سياسي، هو (الإخوان المسلمون)، يعارض السلطة الانقلابية القائمة".
ماذا تعني "التعبئة العامة"؟
وتعني "التعبئة العامة" (General Mobilization) تحويل القوات المسلحة الوطنية إلى حالة الحرب أو شبه الحرب، وإعادة بناء اقتصاد الدولة ومؤسساتها وقدراتها ومواردها المادية والبشرية وقوانينها لتوفير حاجات حرب طويلة الأمد وتحقيق أهدافها، وخصوصا مبدأ حشد القوى.
وتندرج الكوارث الطبيعية والنكبات تحت حالة شبه الحرب.
وتنقسم التعبئة إلى شاملة وجزئية. إذ إن الشاملة تتم في أنحاء البلاد كلها، وتشمل القوات المسلحة العاملة واستدعاء الاحتياط كله والقوات الرديفة وتسخير اقتصاد البلاد وقدراتها لصالح المجهود الحربي، وإعلان حالة الطوارئ العامة.
أما التعبئة الجزئية فتتم في مسرح الأعمال الحربية فقط، وتشمل بعض المناطق العسكرية واقتصادها ومواطنيها، وإعلان حالة الطوارئ فيها.
ويُلجأ إلى هذا النوع من التعبئة في الحروب المحلية، كما هي الحال إبان حرب فرنسا في الجزائر بين عامي 1954 و1958، في سعيها للحفاظ على الجزائر جزءا لا يتجزأ من فرنسا، قبل وصول ديغول إلى الحكم ثانية.
وكذلك الحروب التي شنتها فرنسا أولا ثم الولايات المتحدة على شعوب الهند الصينية (1945- 1975)، وكذلك الحرب الكورية (1950- 1953) التي خاضتها الولايات المتحدة وحلفاؤها تحت علم الأمم المتحدة من جهة وكوريا الشمالية والصين بمساعدة الاتحاد السوفييتي من جهة أخرى، على مسرح عمليات شبه الجزيرة الكورية المقسمة.