وصفت صحيفة "فايننشال تايمز"
الملك سلمان بن عبد العزيز بالرجل التقليدي، الذي عين ولياً للعهد في حزيران/ يونيو 2012 بعد الوفاة المفاجئة لشقيقه الأمير نايف بن عبد العزيز، الذي لم يمض على تعيينه سوى سبعة أشهر بعد وفاة الأمير سلطان وزير الدفاع وولي العهد بعد صراع طويل مع المرض.
وأشارت الصحيفة إلى الدور الذي اضطلع به الأمير سلمان بعد مرض أخيه غير الشقيق الملك عبدالله، حيث أصبح يشرف على الشؤون الدولية والمحلية المتعلقة بالمملكة، حيث سافر وقابل الملوك والرؤساء، في وقت كانت فيه المملكة تواجه مصاعب عديدة أبرزها الإرهاب وأسعار النفط العالمي.
ويبين التقرير أنه في الآونة الأخيرة كانت الرياض تعمل على ثورة مضادة ضد الربيع العربي، وشهدت تلك الفترة تدهور العلاقات الأمريكية-
السعودية؛ بسبب الموقف الأمريكي من الحرب في سوريا. كما برزت منافسة المملكة اللدود (إيران) قوة إقليمية في المنطقة، وتواجه المملكة تحديات اقتصادية تتعلق بانهيار أسعار النفط.
وتلفت الصحيفة إلى تراجع صحة الملك سلمان نفسه، مما يثير حالة من القلق، وهو ما دفع إلى تعيين الأمير مقرن ولياً للعهد بشكل سريع، وطلب من أعضاء هيئة البيعة الاعتراف به، بناء على رغبة الملك الراحل.
ويشير التقرير إلى سمعة الملك حين كان أميراً للرياض، التي تعد مركز حكم لآل سعود، وظل في مركزه لمدة 50 عاماً.
وتحدثت الصحيفة عن الدور الذي أداه الأمير سلمان في تحويل الرياض من مدينة بيوتها مبنية من الطين إلى مدينة تنتشر فيها العمارات والشوارع الحديثة، حيث أصبحت مقصد الغربيين زواراً ومستثمرين، وجعلها تضاهي مدينة جدة، التي تعد العاصمة الاقتصادية للسعودية.
ويجد التقرير أنه بسبب نشاطه العام الطويل فقد كان لديه تأثير على الجماعات المتنافسة داخل العائلة المالكة. ويقول إصلاحي سعودي: "عادة ما كان يأتي إليه الكتاب الليبراليون طلباً لحمايتهم من المتشددين، ولهذا فهو يتمتع بسمعة التحديثي والإصلاحي، ورغم هذا كله فقد كان من أشد المدافعين وحماة الشرطة الدينية" أي المطاوعة.
وتقول "فايننشال تايمز" إن علاقات الملك سلمان مع الليبراليين لا تعني ابتعاده عن المؤسسات الوهابية، فقد كان من أشد المدافعين عن الفكر الوهابي، الذي تتبناه المملكة. ففي الرياض وفي أثناء إدارته لها تمتعت الشرطة الدينية بالحرية الكاملة للتحرك والتجول في الشوارع وتفتيش الأسواق والمحال، أكثر من أية إمارة أخرى.
ويستدرك التقرير بأنه رغم مواقفه من الديمقراطية التي يراها لا تصلح للسعودية، إلا أن حلفاءه والداعمين له يرون أن علاقته القوية مع المؤسسة الدينية وثقة الأخيرة به، ستعطيانه مساحة للتحرك، وتقديم تنازلات حول الإصلاح الاجتماعي والاقتصادي.
وتفيد الصحيفة بأن بعض المحللين يتوقعون خلاف ذلك، وهو أن يقوم بتعزيز شعبيته من خلال الضرب على وتر المواقف المحافظة وبطء
الإصلاحات وعملية اللبرلة التي بدأها الملك عبدالله، وبدلاً من هذا سيقوم بزيادة النفقات رغم الظروف المالية الضيقة لتعزيز شعبيته.
وتضيف الصحيفة بأنه يتوقع أن يواصل الملك سلمان الإصلاحات الحذرة الاقتصادية والاجتماعية، ويحافظ على العلاقات الأمنية والتجارية مع الدول الغربية.
ويذكر التقرير أنه رغم مواقفه المحافظة، فقد كان الملك سلمان من الوسطاء بين الملك فهد، الذي حكم ما بين 1982 و 1995، قبل أن يقعده المرض، والإسلاميين، الذين رفضوا وجود القوات الأجنبية في الجزيرة العربية.
وتنقل "فايننشال تايمز" عن معارض سعودي قوله: "يعد الملك سلمان أستاذاً في الدهاء والمناورة والاستيعاب". مضيفاً أنه "يستمع ويفهم ويحاول البحث عن حل، ويغفر ما تراه العائلة الحاكمة تعدياً، ولكنه يلجأ للتهديد بالسجن في حالة الضرورة".
وتحدثت الصحيفة عن أهمية كون الملك سلمان من الجناح السديري أو "السديريين السبعة"، وهم الإخوة الأشقاء من أبناء الملك عبد العزيز من زوجته حصة السديري. وشكل الإخوة جناحاً قوياً في العائلة، واحتلوا مناصب مهمة في الأمن والدفاع، بما فيها وزارتا الداخلية والدفاع. وتراجعت سلطتهم بوفاة الأميرين سلطان ونايف. ولكن الجناح كان ينظر للملك سلمان على أنه ملك مثالي.
ويوضح التقرير أن الملك سلمان حظي باحترام وشعبية المواطنين السعوديين، من خلال مراقبة أولاده، والتأكد من عدم وقوعهم في مشاكل وفضائح يقع فيها شباب العائلة المالكة، وعرف عنه أنه رجل منضبط يلتزم بالوقوف بوجه الأمراء الذين خرجوا عن خط العائلة الحاكمة.
وتبين الصحيفة أن أحد أبناء الملك سلمان، وهو سلطان بن سلمان شارك في مهمة فضاء "ديسكفري" 1985، ويعد أول رجل فضاء عربي. ويشغل حالياً منصب وزير السياحة. وله نجل وهو الأمير عبد العزيز نائب وزير النفط، أما ابنه الثالث فهو الأمير فيصل، الذي يشغل منصب أمير المدينة. ومات ولدان من أولاده كانا حظيا بسمعة جيدة وشعبية، وهما الأميران فهد وأحمد بعد إصابتهما بفشل في القلب.
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن الملك سلمان يملك حصة في الشركة السعودية للأبحاث والنشر، التي تصدر عدداً من الصحف والمجلات، منها صحيفة "الشرق الأوسط" في لندن.