"ليلى والذئب"، قصة توارثت الأجيال الاستماع إليها، حيث ظهر الذئب لليلى وهي تجمع الورد، وسبقها لبيت جدتها، وتنكر بملابسها بعد أن افترسها، وتتكرر قصة ليلى، لكن بشكل واقعي، مع الطفلة ملاك الخطيب (14 عاما)، حين باغتها عدد من جنود الاحتلال وهي تجمع نبات الخبيزة في أراضي بلدتها بيتين قرب رام الله، وغيبت في السجن منذ 21 يوما.
وقال عمها عبيدة الخطيب لـ"عربي21" إن الاحتلال وجه لها ثلاث تهم، تتمثل بـقطع الطريق وإلقاء الحجارة على آليات الاحتلال وحمل السكين.
وأضاف مستنكرا: "كل هذه التهم توجه لطفلة بالصف الثامن، وتعتقل في سجن هشارون، نحن متخوفون جدا عليها، خاصة أن هذا السجن هو للجنائيات، وتعيش في ظروف صعبة، وقد عانت ومرضت في الفترة الأخيرة نتيجة البرد وتدني درجة الحرارة وقلة الرعاية والاهتمام، وقد عرضت على المحكمة وحضرت أربع جلسات، ويقتادها الحراس لقاعة المحكمة مكبلة اليدين والقدمين، ويمنع الاحتلال عائلتها من الحديث معها أو احتضانها".
ونفى عم ملاك بشدة الاتهامات التي وجهها الاحتلال إليها.
اعتقال مخالف للقوانين الدولية
وأكد رئيس نادي الأسير الفلسطيني رائد عامر لـ"عربي21"، أن ما تقوم به قوات الاحتلال من اعتقال الطفلة ملاك هو مخالف للقانون وغير شرعي.
وقال إن هدف الاحتلال من اعتقال القاصرات، هو "الضغط على الشعب الفلسطيني باستخدام كل وسائله وقمعه؛ سواء من خلال اعتقالات أم غرامات أم ادعاءات تصدرها محاكم الاحتلال، وتحديدا في القدس، ضد الأطفال وضد المواطنين".
وعلى مستوى المحاكم العسكرية الإسرائيلية، قال إنه تتم متابعة هذا الموضوع في نادي الأسير الفلسطيني ومن خلال المحامين، حيث تتم المتابعة القانونية لكل المعتقلين سواء كانوا أطفالا أم شبانا، ويتم إطلاع المؤسسات الدولية على هذه الانتهاكات بحق المواطنين.
اكتشاف طفلة أخرى أسيرة
أما محامي الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، فأكد لـ"عربي21" أنهم يقومون بزيارة الأسيرة ملاك داخل السجون، واطلعوا على الظروف التي تم اعتقالها فيها.
وتابع: "عمليا نادي الأسير يقوم بالمتابعة القانونية أمام المحاكم الإسرائيلية، كما أننا نقوم برصد كل ما جرى مع الطفلة ملاك ومراسلة الجهات الدولية".
وتحدث المحامي لـ"عربي21"، عن اكتشافهم لاعتقال الاحتلال طفلة أخرى، معتقلة منذ حوالي سنة من منطقة القدس، وما زالت الطفلة داخل السجن حتى الآن ولا يوجد أي معلومات عنها.
قتل للطفولة
بدورها، قالت الأسيرة المحررة ميسر عطياني، إن "الاحتلال يسعى من وراء اعتقال الطفلة ملاك إلى تخويف الفتيات والطالبات من الانخراط في العمل الوطني، حتى لو كانت مقاومة شعبية، إلا أن هذه المخططات تبوء عادة بالفشل، بفعل الأسيرات من ذوات الخبرة والتجربة".
وأضافت في حديثها لـ"عربي21"، أن الأسيرة القاصر تعاني كثيرا، فهي تعيش تجربة لأول مرة بعيدا عن أسرتها، وبالتالي فإنه يكون للاعتقال أثر كبير على نفسيتها، ويتم التغلب عليه من الأسيرات السابقات والكبيرات عبر استيعابها والتخفيف من وطأة الأسر.
وتابعت بأنه "سابقا التقينا مع أسيرات صغيرات بالسجن ولكن تمكن في فترة قياسية من الانغماس بحياة المعتقل وتقبل الوضع القائم بل وتحدي المحتل".
وعن ظروف اعتقال الطفلة ملاك، قالت عطياني: "يستوقفني الزمن، في باص البوسطة (حافلة نقل
الأسرى) تعيدني الذاكرة لإيقاظ الطفلة الساعة الواحدة فجرا؛ لتستعد للخروج للمحكمة بعوفر كونها من منطقه رام الله، وذلك بالبرد القارس والثلج، ليتم وضعها بباص البوسطة مقيدة القدمين والرجلين، وهي مقيدة بمقعد حديدي بخزانة حديدية، عليها البقاء بداخلها مع تشغيل جهاز التكييف البارد طبعا، أي أنها بثلاجة، لتبقى حوالي 12 ساعة بهذه الخزانة ما بين سجن هشارون الواقع بشمال الوطن وسجن عوفر بوسط الوطن، وإبقائها بزنزانة أسمنتية لساعات قبيل وبعد جلسة المحكمة بلا أغطية، لتلامس برد الأسمنت، مع إبقاء القيد الحديدي برجليها لتتم إعادتها لسجن هشارون".
وأضافت: "لربما بطريقها يتم تبديل مناوبة المجندات الصهيونيات وهذا يتطلب إبقاءها بباص البوسطة أو إنزالها لسجن الرملة البارد بزنزانة باردة مع تفتيش دقيق بالدخول والخروج لحين استبدال المناوبة، وإبقاء اليدين والقدمين بقيد حديدي معلق بسلاسل حديدية تحتك بالجلد لتخلق جروحا، وتعاد لسجن هشارون بتمام الساعة الثامنة أو التاسعة مساء.. هذا قليل من وصف ما يحصل مع الأسيرات أثناء نقلهن لجلسات المحكمة، فكيف بالطفلة ملاك؟ بلا طعام بلا ماء، ومنع من استخدام الحمام عند الحاجة.. أليست هذه جرائم تمارس بحق الطفولة؟".
مناشدات لإطلاق سراح ملاك
من جهته شدد مدير مركز أحرار فؤاد الخفش، على "ضرورة الإفراج عن الطفلة ملاك الخطيب والعمل على تحريرها فورا، واعتبار اعتقالها أمرا مخزيا بحق الطفولة الفلسطينية، ما يستدعي فضح تلك الممارسات قانونيا".
وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "نحن نستنكر استمرار الاحتلال في اعتقال الطفلة ملاك الخطيب البالغة من العمر 14 عاما، ولدينا مطالبة ومناشدة والد الطفلة ملاك لجميع المؤسسات
الحقوقية وهيئة الأسرى التدخل الفوري لإنهاء اعتقال ابنتهم الطفلة دون أي سبب، ووجه مناشدته للرئيس عباس من أجل التدخل لإخراج ابنته من السجن".
ونوه إلى أن اعتقال الطفلة يعد مسا بأبسط معالم الطفولة التي كفلها المجتمع والقانون الدولي..
مشيرا إلى أن محكمة الاحتلال العسكرية "عوفر" أجلت الاثنين الماضي، جلسة للطفلة الأسيرة ملاك، وذلك بسبب غياب النيابة العامة عن قاعة المحكمة.