نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا أعدته آن برنارد وإيزابيل كيرشنار، حول الضربة التي وجهها الطيران
الإسرائيلي لمقاتلي
حزب الله يوم الأحد، التي أسفرت عن مقتل خمسة منهم، ومن بينهم جهاد ابن القائد العسكري السابق لحزب الله عماد
مغنية. ويذكر التقرير أن حزب الله وصف ما قامت به إسرائيل بالعمل الاستفزازي.
وتجد الصحيفة أن هذا الهجوم يهدد بإعادة إشعال الحرب بين إسرائيل وحزب الله، حيث أدى التوتر بينهما عام 2006 إلى حرب طاحنة، ولكن هذا الصراع أخذ مقعدا خلفيا في السنوات الأخيرة، حيث انصب اهتمام الحزب على الحرب الأهلية الدائرة في الجارة
سوريا، حيث يحارب حزب الله لمنع سقوط حليفه بشار الأسد.
ويذكّر التقرير بالغارات التي قامت بها إسرائيل خلال الحرب، التي مضى على نشوبها أربع سنوات، وقصفت إسرائيل فيها الأراضي السورية عدة مرات، واستهدفت مخازن أسلحة وقوافل قيل إنها في طريقها إلى حزب الله، دون أن تؤدي تلك الضربات لرد فعل من الحزب. وقال عضو في حزب الله إن الإسرائيليين باستهدافهم عناصر الحزب "يحاولون تغيير قواعد اللعبة، ولن يسمح حزب الله بذلك".
وتشير الصحيفة إلى أن الهجوم الإسرائيلي على سيارتين في القسم السوري من الجولان، يأتي بعد أيام من خطاب لزعيم الحزب حسن
نصر الله، قال فيه إن استهداف سوريا بالضربات يشكل خرقا خطيرا، ويحق لسوريا ولحلفائها الرد.
وينقل التقرير عن عضو الحزب، الذي لم يكن مخولا بالإدلاء ببيان رسمي باسم الحزب، قوله إن الهجوم لفت الأنظار أكثر بسبب وجود جهاد عماد مغنية (25 عاما) بين القتلى، الذي اغتيل أبوه في سوريا عام 2008، ومن المفترض أن تكون إسرائيل وراء اغتياله، لكنها رفضت التعليق في وقتها على الحدث.
ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية قول مصدر أمني إسرائيلي لم تعرفه بأن طائرة هيليوكبتر إسرائيلية قامت بضرب "إرهابيين" في الجزء السوري من هضبة الجولان، مدعيا أنهم كانوا يعدون لضربة ضد إسرائيل، بحسب الصحيفة.
وتلفت الصحيفة إلى أن صحيفتي "هآرتس" و"يديعوت أحرونوت" ذكرتا عن مصدر استخباراتي غربي لم تسمياه، قوله إن جهاد مغنية كان يقود شبكة من المقاتلين كانت تعمل ضد إسرائيل في الجولان، وإنه كان يخطط لهجمات تهدف إلى قتل جنود ومدنيين إسرائيليين. ولكن عضو الحزب قال بأن مغنية كان مقاتلا عاديا في الحزب، وإن أهميته كانت رمزية.
وترى "نيويورك تايمز" أن ضرب إسرائيل لمقاتلي حزب الله في سوريا، أو أي محاولة من المقاتلين لاستهداف إسرائيل، سيكون تحولا عن اتفاق ضمني بين العدوين يقتضي عدم التصعيد في وقت يعاني كل منهما من هموم أمنية خاصة.
ويشير التقرير إلى أن منطقة جنوب سوريا تعد منطقة معقدة وساحة قتال متقلبة، وفيها تحالفات غير متوقعة، فمثلا يعمل مقاتلو جبهة النصرة التابعة للقاعدة على مرأى من إسرائيل، ولكن لا يهاجمونها ويختارون بدلا من ذلك الاشتباك مع عناصر حزب الله.
وتبين الصحيفة أن هذا الهجوم يأتي في وقت ينسق فيه الثوار، الذين يدعمهم الغرب، ويسمح لمقاتليهم بدخول إسرائيل للعلاج أحيانا، مع جبهة النصرة. وأقلق تقدم "النصرة" حزب الله، خاصة أنها هاجمت قريبا مؤيدي الحزب في لبنان.
ويورد التقرير تعليق وزير الإعلام السوري، عمران الزعبي على هجوم الأحد، الذي يقول إن إسرائيل تتعاون مع جبهة النصرة الموجودة على القوائم الأمريكية للمنظمات الإرهابية.
وتوضح الصحيفة أن وزير الدفاع الإسرائيلي موشي يعلون رفض التعليق على الضربة، لكنه قال للإذاعة الإسرائيلية إنه وباعتبار أن نصر الله أنكر حديثا وجود عناصر للحزب في الجولان، فعليه الآن أن يوضح ذلك التواجد.
ويفيد التقرير بأن تخصيص حزب الله لموارد مهمة لعمله في سوريا يشجع الاستراتيجيين الإسرائيليين على التفكير بأن لديهم مجالا أكبر للتحرك دون الخوف من انتقام الحزب. وكان نصر الله قد صرح يوم الجمعة بأن الحزب أقوى من أي وقت مضى.
وتذكر الكاتبتان أن تلفزيون المنار، الخاص بحزب الله، ظل يبث الأغاني الحماسية لساعاتٍ يوم الأحد، وفي جنوب لبنان وضع مقاتلو الحزب وقوات حفظ السلام الدولية على أهبة الاستعداد. وعلى مواقع التواصل الاجتماعي قام مؤيدو الحزب بالاحتفاء بمن قتل، ووصفوهم بالشهداء.
وتكشف الصحيفة عن أن من بين المقتولين محمد أحمد عيسى (42 عاما)، الذي يقال إنه قائد كبير، بحسب عضو في حزب الله، وأضاف أن إيرانيا كان أيضا من بين القتلى، ما أثار تخمينات بتواجد شخصيات عسكرية إيرانية.
وتنقل الصحيفة عن الخبير في الشؤون السورية واللبنانية في جامعة تل أبيب، البروفيسور إيال زيسر، قوله إنه ليس من الواضح ما إذا كانت الضربة تستهدف أشخاصا بعينهم أم لا، أو ما إذا كان مغنية معروفا لديهم أم لا، مؤكدا أنه "عندما ترسل طائرة هيليوكبتر فمن غير المحتمل أن يكون هناك شيء عرضي".
وينوه التقرير إلى أن إسرائيل قامت بالإضافة لضرب قوافل الأسلحة المتوجهة إلى حزب الله بالرد على مصادر النيران في الجولان السورية والموجهة باتجاه الجولان المحتل.
وتستدرك الصحيفة بأن هذه هي المرة الأولى التي تستهدف فيها إسرائيل مقاتلين لحزب الله في الأراضي السورية. وكان حزب الله قد قام بزرع عبوات ناسفة على الحدود في الجولان، التي تسببت بجرح عدد من الجنود الإسرائيليين.
ويعلق عضو الحزب بقوله إن إحدى هذه الهجمات كانت ردا على ضربة إسرائيلية استهدفت ناشطا في الحزب، بينما كان يفكك جهاز تجسس إسرائيليا، مضيفا أن الحزب لم يستخدم مواقعه الجديدة في سوريا لاستهداف الإسرائيليين.
وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى وجهة نظر يوآف غالنت، الذي شغل سابقا مناصب كبيرة في قيادة الجيش الإسرائيلي، والمرشح الحالي للبرلمان، الذي يرى أن توقيت العمليات أحيانا "مرتبط بالحملات الانتخابية".