تقف مدينة
تعز وسط
اليمن، أمام منعطف خطير، بعد انسداد الأفق السياسي بين
الحوثيين والسلطات المحلية في المدينة، جراء تمسك جماعة (أنصار الله )الحوثي بخيار إخضاعها لسلطته، وتشكيل لجان شعبية مسلحة لإسقاط مراكز النفوذ فيها، يقابله إصرار من سلطات المحافظة على إبقاء المدينة خارج دائرة
سيطرة الحوثي.
ويجري الحديث في الأوساط السياسية والإعلامية عن تجهيزات عسكرية لعشرات المسلحين من الحوثيين، قدموا من مناطق في الشمال وخصوصا صعدة وعمران التي تنتمي للمذهب الزيدي القريب من الشيعة، لاجتياح مدينة تعز ذات الغالبية السنية، والتي عرفت "بسلميتها ومدنيتها"، وبشكل موازٍ يعقد قادة موالين لجماعة الحوثي؛ لقاءات مع شخصيات مدنية وعسكرية في تعز، لتهيئة الداخل لحسابات الجماعة المقبلة.
ثورة بتمويل سعودي
وأكد رئيس حركة طلائع الثورية الموالية للحوثيين صادق شوارب أن "عملية الحرب التي تتصدرها السلطات السعودية ضد الثورة التي أسقطت مراكز النفوذ في عمران وصنعاء، التي كانت العصا الغليظة لتأثيرها في اليمن، بدأت ملامح العداء لثورة الحوثي، تنطلق من مدينة تعز التي حولها بعض القيادات النافذة إلى محور ممانع ومضاد ".
وقال أبو شوارب في حديث خاص لـ"عربي21" أن "تعز ليست مدينة مستقلة، ولن تكون مستثناة من ثورة 21 من أيلول /سبتمبر الماضي، التي أطاحت مراكز النفوذ في صنعاء، والتي تواجه ممانعة وطغيان السلطان المناطقي في المدينة". مشيرا إلى أنهم "التقوا بعدد من الشخصيات المدنية والعسكرية في مدينة تعز، لمناقشة الوضع القائم في المدينة، وتم الاتفاق على استكمال ثورة سبتمبر لإسقاط مراكز النفوذ في المدينة، التي تجب أن تقود معركة النهوض بالوعي الثوري لبناء دولة المؤسسات في البلاد".
ولفت القيادي الحوثي إلى أن "الخطاب المناطقي التي تنتهجه قوى المصالح في تعز، لن يكون سوى حالة طارئة، سيتم تجاوزها، ونحن متأكدين أن أبناءها مع هذا المسار، وإذا استمر هذا النهج فإنهم هم الخاسرون من إثارة هذا الخطاب". مؤكدا أنه "لايوجد أي خيار مسلح، حتى اللحظة، لأنهم يراهنون على وعي ورقي أبناء المدينة، التي هي أمام امتحان حقيقي في تجاوز قوى النفوذ الناعمة، وإتاحة الفرصة للرأي الآخر".
وهاجم شوارب محافظ تعز شوقي هائل، على خلفية رفضه أي تواجد لمسلحي الحوثي في المدينة، واتهامه بممارسة دور عدائي ضد الثورة الحوثية وضد رئيس المجلس العسكري بالمدينة العقيد نجيب المنصوري الذي لقي مصرعه في حادث مروري في أحد الشوارع المؤدية إلى مدينة عدن، منتصف الشهر الجاري، كما اتهمه شوارب بالتورط في محاولة اغتياله ومن كانوا معه في نقطة أمنية واقعة في وادي الضباب جنوب غرب تعز" على حد وصفه.
ونقلت مواقع إخبارية يمنية دخل محافظة تعز الأسبوع الماضي، أن صادق أبو شوارب دخل المدينة بمعية 50 سيارة مليئة بعشرات المسلحين الذين قدموا من شمال الشمال، غير أن شوارب نفى ذلك، وقال إنه دخل مدينة تعز وسط البلاد، على متن سيارة واحدة.
مواجهة تحت راية الشافعية
من ناحيته، أكد عضو الكتلة البرلمانية لحزب المؤتمر الشعبي العام عبدالسلام الدهبلي أن موقف المؤتمر واضح، وهو أنهم ضد أي تواجد لميليشيات الحوثي في المدينة، وضد أيّ مظاهر قد تعبث بأمن المحافظة".
وقال لــ"عربي21" إن "الحوثيين يريدون حكم مدينة تعز بشرعية الغلبة القائمة على القوة المسلحة، لكنهم ـ أي أبناء تعزــ سيواجهون الحوثي بشرعية الأغلبية الرافضة للتواجد الحوثي في المدينة". على حد قوله.
منوها إلى أنه "لا يمكن لأحد شراء ولاءات قادة حزب المؤتمر في المدينة، ولا يمكن أن يحدث ذلك، لأن المسألة مذهبية، ومن غير المعقول أن يأتي مكون يحكم باسم المذهب الزيدي في مدينة تشكل عمقا للمذهب الشافعي".
وحذر من أيُ خطوات قادمة للحوثيين بقوله: "إذا تجاوز الحوثيون حدود مدينة تعز، فإنهم سيقفون تحت مظلة المذهب الشافعي الذي يمثل كل أبناءها، وسنواجه كل من يحاول المساس بثقافة وفكر ومدنية هذا المحافظة" وفق تعبيره.
تعز ليس فيها مراكز نفوذ
في سياق متصل، قال رئيس الدائرة السياسية لحزب الإصلاح بمحافظة تعز أن "موقفهم في تعز، لا يختلف عن مواقف كل المكونات السياسية والاجتماعية بما فيها قيادة السلطة المحلية في المحافظة، التي تشدد على الحفاظ المدينة المشهورة بسلميتها ومدنيتها، ورفض أي تواجد للمليشيات تحت أي مسمى كان" على حد قوله.
وأضاف لـ"عربي21" أن "هناك إجماعا شعبيا، يجب احترامه، ونحن جزء من تلك المكونات التي اتفقت على تجنيب المحافظة أي مظاهر مسلحة، مؤكدا على وقوفهم مع هذا الخيار، وسيتداعى أعضاء الإصلاح إلى تعزيز هذه الإجراءات، التي يجب الانتصار لها".
ونفى المقرمي أن "تكون تعز محكومة من مراكز نفوذ، غير أن المسألة واضحة، وهي أن المدينة تحكمها مؤسسات دولة مع وجود بعض القصور، لكنه شدد على أن "أي فساد مالي أو انحراف إداري يجب أن يأخذ القانون مجراه".
وأشار رئيس "سياسية إصلاح تعز" إلى أنه "طرح موضوع التدخلات أو التمويلات من دول خارجية، مجرد حديث غير واقعي، ويأتي في سياق خلق تبريرات لدخول المدينة، ولتشويه المحاولات التي تقوم بها القوى الوطنية لإنقاذ اليمن من خطر الانهيار التام". حسب وصفه.
واتهم مدير أمن محافظة تعز العميد مطهر الشعيبي، في وقت سابق، عناصر تابعة للحوثيين بالتورط في الاغتيالات التي شهدتها المدينة.
وتتميز تعز بموقعها الاستراتيجي إذ يقع فيها ميناء باب المندب الذي يمر منه 60% من نفط العالم، ما يجعلها محل أطماع قوى دولية وإقليمية وفي مقدمتها إيران الحليف الأبرز لجماعة الحوثي الشيعية.