ترزح أغلب مدن وقرى
ناحية البغدادي في محافظة
الأنبار في
العراق، منذ عدة شهور، تحت وطأة
حصار مطبق فرضته العمليات العسكرية المستمرة وسيطرة تنظيم "
الدولة الإسلامية" على بعض المدن فيها، ما تسبب بإغلاق كافة الطرق المؤدية إلى هذه المناطق، ومنع دخول المواد الغذائية والطبية، والاحتياجات الإنسانية الأساسية الضرورية.
وتحدث بعض سكان الناحية والمناطق المجاورة عن حجم الصعوبات التي يعيشها الأهالي الآن وهم محاصرون من جميع الجهات، حيث قال أبو أيمن الجوعاني، وهو أحد سكان الناحية والمحاصر مع أفراد أسرته منذ نحو ثلاثة أشهر، "إننا نعيش في ناحية البغدادي حصارا قاسيا شمل جهاتها الأربع، فقد منع دخول الغذاء والدواء، وجميع المحلات التجارية وأسوق المدينة شبه خالية".
وتابع في حديث لـ"عربي21": "أحاول الخروج أنا وأفراد أسرتي من الناحية، لأن الحياة هنا أصبحت شبه معطلة، ناهيك عن القصف والمواجهات المسلحة، ما فاقم حجم المأساة".
وأضاف أنه "منذ شهور والناحية والسكان يعيشون موتا بطئيا جراء هذا الحصار الذي بدأ يفتك بالجميع، أطفالا ونساء وشيوخا، وفي ظل مواصلة الحكومة العراقية تجاهلها للأزمة من دون أي حراك يذكر لها ينعدم بصيص الأمل الذي يمكن أن ينقذ هؤلاء السكان من وضع إنساني صعب".
وأوضح الجوعاني أن أسعار السلع والمواد الغذائية ارتفعت بشكل كبير جدا يفوق قدرة السكان الذين يشكون أصلا من البطالة. فقد وصل سعر كيلو البندورة إلى 3000 دينار عراقي، "حوالي 4 دولارات)، بعدما كان سعره لا يتجاوز 500 دينار عراقي. وسعر كيلو السكر وصل إلى 4000 دينار عراقي. أما الأرز، فقد وصل سعر الكيس الواحد إلى سبعين ألف دينار عراقي، هذا إن توفرت هذه المواد في الأسواق والمحلات التجارية.
وبعد أن تمكن تنظيم "الدولة الإسلامية" من السيطرة على القرى والمدن المجاورة للناحية وتقدمه بشكل سريع نحوها، واندلاع المواجهات المسلحة مع قوات الأمن العراقية والصحوات من أبناء العشائر، منذ ذلك الحين سارعت الكثير من العائلات إلى الخروج من البغدادي، إلا أنها لم تنجح في الفرار نتيجة إغلاق التنظيم أغلب الطرق بالحواجز الإسمنية ومنعهم من الهرب، تحسبا لدخول قوات الأمن العراقية، حيث أصبحت عملية الخروج من الناحية أشبه بالانتحار.
بدوره، قال الشاب أبو محمد (اسم مستعار)، وهو أحد أبناء عشيرة الجغايفة التي تقاتل تنظيم "الدولة الإسلامية الآن، قوات التنظيم المتمركزة على الحواجز القريبة من مناطق حديثة والبغدادي لم تسمح للعائلات بالخروج في خطوة منها لاستخدام السكان كدروع بشرية، في حال أقدمت القوات الأمنية والعشائر على اقتحام هذه المدن الخاضعة لسيطرته.
وأضاف أن الأوضاع الإنسانية المزريه لم تنل من أهالي البغدادي وحدهم، بل هي قصة معاناة نحو 1000 عائلة نازحة إلى داخل مدينة حديثة المحاصرة منذ أكثر من 10 أشهر، ولا تجد موردا ماديا لها.
وانتقد العديد من الأهالي دور الحكومة المركزية في بغداد والقادة السياسيين السنة المنتخبين عن المحافظة؛ لاتخاذهم موقف المتفرج إزاء سياسة التجويع والترويع التي تمارس ضد السكان، تارة على يد تنظيم "الدولة الإسلامية" وتارة على يد القوات الأمنية العراقية، متهمين الحكومة بالمشاركة في حصارهم.
يذكر أن ناحية البغدادي تقع في الجزء الغربي من الأنبار، كبرى المحافظات السنية مساحة ونفوذا عشائريا، وتضم قاعدة عين الأسد التي تعد أكبر القواعد العسكرية في العراق والمنطقة، كما تعد القاعدة الوحيدة التي ما زالت تسيطر عليها القوات العراقية والصحوات، لكن القاعدة باتت الآن مهددة بالسقوط في أي لحظة بأيدي التنظيم.